زمام الأمور

باتت السلطة في منطقتنا تُختزل بسؤال كيفيّة الإمساك بزمام الأمور. وهو ليس حال كل سلطة في كلّ مكان، ولو أنّ تلك السّيطرة هي بالطّبع جزءٌ من مهامّها. تعتد الملَكيات بشرعيات شتى، قد تكون دينية و/ أو قبلية، لمد بساط ذلك الإمساك بزمام الأمور فوق رأس المجتمع. وتختلف درجة نجاحها بحسب رسوخ تلك الشرعية في الأذهان العامة، متصاحبة مع أدوات وترتيبات معقدة بالضرورة. وخير مثال هو حال المملكتين السعودية
2015-01-29

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

باتت السلطة في منطقتنا تُختزل بسؤال كيفيّة الإمساك بزمام الأمور. وهو ليس حال كل سلطة في كلّ مكان، ولو أنّ تلك السّيطرة هي بالطّبع جزءٌ من مهامّها. تعتد الملَكيات بشرعيات شتى، قد تكون دينية و/ أو قبلية، لمد بساط ذلك الإمساك بزمام الأمور فوق رأس المجتمع. وتختلف درجة نجاحها بحسب رسوخ تلك الشرعية في الأذهان العامة، متصاحبة مع أدوات وترتيبات معقدة بالضرورة. وخير مثال هو حال المملكتين السعودية والمغربية على طرفي الأمة. وهذا البناء، مهما بلغ من تماسك، لا يلغي التوترات كما لا يعفُّ عن كل سفاسف السلطة.
وتعتد أنظمة أخرى بشرعيات "ثورية"، وأهمها كما تمظهرت في منطقتنا مسائل فلسطين والوحدة العربية والعدالة الاجتماعية، سواء عنتْ تأميم الأرض وإعادة توزيعها على الفلاحين (والنفط وقناة السويس..)، أو تحفيز التصنيع أو نشر التعليم العام المجاني وإقرار تقديمات اجتماعية شتى.. وعلى الدوام، وفي مختلف الصيغ التي قامت هنا، كان التحدي هو قياس المتحقِّق من بنود تلك الشرعية وموازنته بأثمان (قيل إنها لازمة للإنجاز) على رأسها إنشاء سلطات بوليسية مستندة الى أجهزة مخابرات متغلغلة في النسيج الاجتماعي، وإلى قمع عالي السقف وتسلط على كل نأمة. وسرعان ما تبتلع الأدوات تلك كل شيء وتثبت أنه لا مستبد عادل.. وأن فساد المتسلطين قانونٌ في التسلط.
وأما أن تطمح أي سلطة إلى تحويل الإمساك بزمام الأمور إلى هدف بذاته تُعلَّق عليه شرعيات عابرة أو سائلة، مفبركة على قياس الظروف، فمؤشر إلى هشاشة وإفلاس شديدين. نظامٌ حجته تحقيق السَتر (مستثمراً في التخويف من "الفوضى")، أو يستعير مقولة "الحرب على الإرهاب" ليحيلها سبباً لوجوده، قصير النفَس والمدى معاً.. وكاريكاتوري مثير للسخرية. 
وبحكم الخواء، تتلازم "الشرعية" الهشة مع قدر مهول من التسلط العاري والقسوة الفجة، المتعاظمين بالضرورة.. والأمثلة لا تحصى. وفي مصر، أكبر بلدان المنطقة وواسطة عقدها كما توصف، تترك سلطة من هذه الطينة الشاب المعتقل محمد سلطان مضرباً عن الطعام منذ أكثر من 365 يوماً، متحولا الى شبح حي ــ ميت، وتطلق شرطتها النار بلا داعٍ على الشابة شيماء الصباغ وتقتلها من دون أن يرف لها جفن.
... تقتل وتعتقل بكل اعتباط، والقصد هو إرساء الخضوع التام.. حسناً، ولكن: من أجل ماذا؟ 

 


وسوم: العدد 130

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...