خمسون!

انه عدّاد أيام الإضراب عن الطعام الذي يتّبعه المعتقلون الإداريون الفلسطينيون في إسرائيل. اليوم بلغت الخمسين. تمرين في التصميم والصبر والتحمل، يضع الحياة في كفة الميزان بمقارعة الموت. المضربون 125 من اصل 189 «إداريا»، والباقون لم يتمكنوا لمرض أو شيخوخة. ونقل منهم ثمانون الى المستشفيات لانهيار صحتهم. جرت تحركات تضامنية معهم داخل فلسطين بكل أجزائها، ولكنها لم تقلق السلطات
2014-06-11

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

انه عدّاد أيام الإضراب عن الطعام الذي يتّبعه المعتقلون الإداريون الفلسطينيون في إسرائيل. اليوم بلغت الخمسين. تمرين في التصميم والصبر والتحمل، يضع الحياة في كفة الميزان بمقارعة الموت. المضربون 125 من اصل 189 «إداريا»، والباقون لم يتمكنوا لمرض أو شيخوخة. ونقل منهم ثمانون الى المستشفيات لانهيار صحتهم. جرت تحركات تضامنية معهم داخل فلسطين بكل أجزائها، ولكنها لم تقلق السلطات الإسرائيلية التي تقول إنها مهيأة للتعامل مع أي «اضطرابات» في الشارع في حال وفاة أحد المعتقلين، والتي تقول أيضاً إنها ستسرّع إقرار قانون إجبار الأسرى على تناول الطعام، وستجد أطباء يوافقون على تطبيقه، متجاهلة موقف الهيئات القانونية والطبية الإسرائيلية المعارضة لهكذا إجبار باعتباره اعتداء على حق مدني هو الحق بممارسة الاحتجاج، وعلى حق إنساني يتعلق باحترام الخصوصية الجسدية لأي إنسان. صوّت الكنيست على القانون في قراءة أولى ويستعجل نتنياهو القراءتين الأخريين. مُنعت زيارات المحامين للمضربين بوضع عراقيل لا تنتهي، وبذا قُطع آخر اتصال لهم بالعالم الخارجي. قال بان كي مون انه تتعين محاكمتهم والحكم عليهم أو إطلاق سراحهم. كثر الله خيره! فيما إسرائيل تجدد بلا سقف زمني (ستة أشهر كحد أقصى بحسب القانون الدولي) مدد اعتقالهم من دون محاكمة. يقول كتاب صحافيون إسرائيليون مقربون من السلطات: لِمَ الضجيج، انظروا الى غوانتانامو! حيث اعتقلت أميركا من شاءت بلا محاكمة وأطعمت المضربين عن الطعام بالقوة... علاوة على أساليب التعذيب الشهيرة.
كل هذا النقاش يزيح الأمر إلى حقل مزوّر، متعلق بتوفر «التغطية القانونية» لقرار عدم مفاوضة الأسرى، ولقرار تغذيتهم بالقوة.. والافدح ألاّ تقتصر الإزاحة على الإسرائيليين، سواء منهم من يعملون مع السلطات أم من لا يوافقون على سياسات حكومتهم، بل أن تشترك بها الجهات الفلسطينية المعنية. بينما اللب هو تفحص هذا التجرؤ الإسرائيلي على ترك حياة عشرات الفلسطينيين أمام استعراض علني للاقتراب من الموت، أو أمام خطره الفعلي، على الرغم مما هو معلوم من احتلال الأسرى في الوجدان الفلسطيني لمكانة شبه مقدسة... يبدو أنها لم تعد تكفي. إسرائيل ليست خائفة من الفلسطينيين. تعتبر مستوى تدجينهم، بأشكال شتى، مقبولا. والموضوع، ولا شيء سواه يمكنه أن يضع الصراع في مجراه: استعادة ذلك الخوف!
            
 

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...