يكذبون على أنفسهم

نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي لثماني سنوات، (كان يريدها اثنتي عشرة على الأقل، ثم يخلق الله ما لا تعلمون، وكان يهيئ ابنه أحمد...) حقق إجماعا نادر المثيل: نفَّر منه الجميع، واتفق على التخلص منه الأميركان، وإيران، والمرجعية الشيعية، والأكراد، والتحالف الوطني الذي يضم الأحزاب الشيعية ومنها جماعات الصدر والجعفري والحكيم، إلى جل حزب الدعوة نفسه وهو حزبه، هذا عدا الأطراف السنية طبعاً. منجز
2014-08-13

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي لثماني سنوات، (كان يريدها اثنتي عشرة على الأقل، ثم يخلق الله ما لا تعلمون، وكان يهيئ ابنه أحمد...) حقق إجماعا نادر المثيل: نفَّر منه الجميع، واتفق على التخلص منه الأميركان، وإيران، والمرجعية الشيعية، والأكراد، والتحالف الوطني الذي يضم الأحزاب الشيعية ومنها جماعات الصدر والجعفري والحكيم، إلى جل حزب الدعوة نفسه وهو حزبه، هذا عدا الأطراف السنية طبعاً. منجز يستحق سجل غينيز. مع أن الرجل هدر جزءاً من أموال العراق الوفيرة في استرضاء دائرة واسعة من الأتباع والمريدين. ومارس ما هو متعارف عليه من طقوس استقطاب الشعبية، كالتوتير المذهبي الفج، وكان قمعياً. ولكنه «فشل» بحسب كل هؤلاء الذين رتبوا خطوات التخلص منه، وهنأوا خلفه بحرارة.
وهنا تكمن أولى الأكاذيب، مما كان يمكن تلافيه، بعكس أكاذيب أخرى «ضرورية» للموقف كما هو مهندَس. لم يتم تكليف حيدر العبادي حرصاً على الدستور كما قال بان كي مون وتبعته البارونة أشتون. وليس «خطوة واعدة إلى الأمام» كما قال أوباما، وليس «زعيما بديلا لمكافحة المتمردين» كما قال المسؤولون الإيرانيون، ولا هو «اللبنة الأولى للوصول إلى بر الأمان» كما قال الصدر. قد لا تُفهم هذه المبالغات الجوفاء رغم أناقتها، إلا بربطها بالجملة التي تليها، حيث شدد هؤلاء، كلٌ بلغته، على «الحكومة الشاملة» و«تعاون كل الأطراف الوطنية» و«الحفاظ على تماسك بلاده»... هنا العطب إذاً. وهو كان فاقعاً من قبل أن يحتل «داعش» مناطق واسعة من العراق، بدليل أحوال الكهرباء والتعليم والصحة والنقل والأمن الخ.. مما يهم الناس كلهم، كل ساعة.
يكذب القوم على أنفسهم حين يعلنون أن المشكلة تقع في المالكي، مع الإقرار بقبح الرجل وارتكاباته. كما حين يعلنون أن عهداً متفائلا يبدأ مع «الوجوه الجديدة» في السلطة (تجددت الأسماء في رئاسات الجمهورية والبرلمان والحكومة، ولكنها كالحة في القِدَم، وكانت في السلطة، وهي وصلت وفق الأساليب القديمة نفسها والمساومات والإرضاءات والصفقات).
لا يمكن لبلد شهد ما شهده العراق من أهوال على امتداد عقود (ثلاث حروب كبرى، وحصار تجويعي، واحتلال، بعد نظام استبدادي مجنون)، أن يتعافى من دون توافق وطني عام يكون تأسيسياً. وهذا مختلف تماما عن المحاصصة («العملية السياسية») التي أرساها الأميركان وورثها المالكي وتتجدد فحسب اليوم مع العبادي التي لا تنتج غير الأزمات والتفكك والاصطراع.
            
 


وسوم: العدد 106

للكاتب نفسه

لبنان مجدداً وغزة في القلب منه

... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...