كف عفريت

كثيراً ما تبقى بعض التعابير الدارجة مبهمة مجردة، تقال أو تكتب من دون أن تتجاوز غايات التفنن بالأسلوب... الى أن يحدث ما يجسدها. فمنطقتنا اليوم على «كف عفريت»، وهو ما يدرك الجميع معناه الخطير بلا حاجة لمزيد من شرح. والعفريت يتنطط ويتأرجح في كل الاتجاهات. هناك التداعيات التي لا يمكن حسابها مسبقاً لقرار توجيه ضربة عسكرية غربية الى السلطة في سوريا: يقال فيها إنها لن تكون قاضية، بل من
2013-08-28

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

كثيراً ما تبقى بعض التعابير الدارجة مبهمة مجردة، تقال أو تكتب من دون أن تتجاوز غايات التفنن بالأسلوب... الى أن يحدث ما يجسدها. فمنطقتنا اليوم على «كف عفريت»، وهو ما يدرك الجميع معناه الخطير بلا حاجة لمزيد من شرح. والعفريت يتنطط ويتأرجح في كل الاتجاهات. هناك التداعيات التي لا يمكن حسابها مسبقاً لقرار توجيه ضربة عسكرية غربية الى السلطة في سوريا: يقال فيها إنها لن تكون قاضية، بل من النوع الذي يستدعي تعقل من يتلقاها. ويصل الخبثاء الى حد افتراض انها شرط لازم لفتح طريق «جنيف 2»، وان ذلك هو السر خلف الهدوء الروسي حيال احتمال وقوعها الوشيك. ولكن مَن يمكنه حقاً قياس اتجاهات تطور الموقف على الارض؟
وهل ظن الاميركان، حين ذهبوا لاحتلال العراق، أن عمليتهم ستكون مكلفة لهم (دعك من كلفتها على العراقيين، فهذا لا يهم!) بقدر ما ظهر، حتى انها كانت أحد العوامل الاساسية في إتاحة وصول باراك أوباما الى رئاسة الولايات المتحدة، ليس فحسب لينسحب معلنا عن هزيمة لم يكن هو أبوها (مما سهّل المهمة)، بل ليستعيد المظاهر السوية (هذه على الاقل) للبلد الذي يوصف بالقوة العظمى الاولى في العالم، والذي نخره الفساد والاعتباط والكذب، كما كشفت عنها تلك الحرب ووقائع عشر سنوات من الاحتلال. لا تجوز مقارنة سوريا بالعراق لألف سبب، ومنها على هذا الصعيد، لأن تدمير العراق تطلب خطة طويلة المدى وحروبا متكررة وحصارا مديداً... بينما تكفلت السلطة السورية بتدمير البلد بنفسها، ليس الحجر فحسب، بل النسيج الاجتماعي وعلاقاته أيضاً. والحال تلك، فما هي ارتدادات الضربة العسكرية الغربية عليها وعلى المنطقة.
كف العفريت أيضا يتجسد في شهية القتل لدى القاعدة، وهي بلا حدود، منفلتة حتى من معايير الخمير الحمر في كمبوديا مثلا (الذين اعتُبرت ارتكاباتهم في حينه جنونا خالصا)، وهم اليوم يتصدرون حملة «العين بالعين» ويتوعدون بـ«إحراق القرى العلوية» رداً على مجزرة الكيماوي في الغوطتين الاسبوع الفائت. وهكذا يتراسل هؤلاء مع السلطة السورية، واحد يجيب الآخر، بينما يموت الناس، ويسحق البلد، ويشرّع أمام عبث الغرب وحماقته.
           

Normal
0

false
false
false

MicrosoftInternetExplorer4

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:"Table Normal";
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:"";
mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;
mso-para-margin:0in;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:"Times New Roman";
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...