رضيع مسلم ميت أفضل من رضيع كافر حي

جلبت الأم رضيعتها إلى قسم الطوارئ في مستشفى بالدار البيضاء، بعد أن ماتت أثناء تحميمها، وطلبت شهادة وفاة لتتمكن من دفنها. فحص الطبيب الجثة فانتابته الشكوك. زعمت الأم أن الطفلة ولدت ميتة ثم أنها ماتت أثناء تنظيفها، وأنها لم تعقد حبل السرة... جاءت الشرطة فاعترفت الأم بأنها أغرقت مولودتها في الماء الساخن لكي لا تتحمل عبء الإنفاق عليها (جريدة «الصباح» 13-05-2013). ذهبت الرضيعة للقبر.
2013-05-29

محمد بنعزيز

كاتب وسينمائي من المغرب


شارك
(من الانترنت)

جلبت الأم رضيعتها إلى قسم الطوارئ في مستشفى بالدار البيضاء، بعد أن ماتت أثناء تحميمها، وطلبت شهادة وفاة لتتمكن من دفنها. فحص الطبيب الجثة فانتابته الشكوك. زعمت الأم أن الطفلة ولدت ميتة ثم أنها ماتت أثناء تنظيفها، وأنها لم تعقد حبل السرة... جاءت الشرطة فاعترفت الأم بأنها أغرقت مولودتها في الماء الساخن لكي لا تتحمل عبء الإنفاق عليها (جريدة «الصباح» 13-05-2013). ذهبت الرضيعة للقبر. ذهبت الأم للسجن بسبب القتل العمد. وذهب ثلاثة من أطفالها إلى دار حضانة المُتخلى عنهم.

في اليوم نفسه، نشرت جريدة «الخبر» أن عناصر الشرطة القضائية بالرباط اعتقلت وسيطة تبيع رضّعا مغاربة لإسبانيات بمبلغ 60 دولارا. واضح أن كل السلع زاد ثمنها إلا البشر. وكان وزير العدل في حكومة «العدالة والتنمية» الاسلامية، أصدر مذكرة يوم 19-12-2012 تنص على منع كفالة الأطفال المغاربة من أجانب لا يقيمون في المغرب.

لماذا؟ هناك جواب للواجهة وجواب جوهري يعكس نمط تفكير يكتسح المشهد حاليا.

في تبريره للقرار قال الوزير ان الكفالة تصير تبنيا كاملا مع الزمن، وهو ما يتعارض مع القانون المغربي والشريعة الإسلامية، وانه لا يوافق على الكفالة خارج المغرب لعدم استجابتها لشروط تضمن متابعة «أحوال المتكفَّل بهم» في ما بعد. ينبني التبرير على فرضية مفادها أن وزارته تتمكن من متابعة الأطفال الذين لا يخرجون من المغرب. حاليا تم تجاوز القدرة الاستيعابية لدور الأيتام التي تستقبل 24 رضيع مُتخلى عنهم يوميا. هل يملك الوزير جوابا لهذا الوضع؟ هل يعرف بما تعشى هؤلاء الأطفال وأين ناموا؟ لا. ثم أنه لم يقترح بديلا. لذا ظهرت بدائل في السوق السوداء. قضت المحكمة الجنائية الأولى بمدينة سبتة المحتلة٬ بالسجن في حق مواطن إسباني، لمحاولته «شراء» رضيع من امرأة مغربية حامل مقابل مبلغ 3000 يورو. يجري بيع الطفل في البطن.

يقترح الساخرون بديلا: مضاعفة مفعول حبوب منع الحمل، بعد أن انتشرت حكاية تقول ان موظفا فقيرا حرص ألاّ تلد زوجته أكثر من طفلين. لذا كان يشربها حبة كل ليلة من باب الحرص كي لا تنسى. ومع ذلك حبلت. خاصمها واتهمها أنها لم تبلع الحبة. وأقسمت له على القرآن. لم يصدق وطردها. وحين أنجبت اتصل به الطبيب، وذهب إليه فوجد يد الرضيع معوجة مقبوضة. وبعد تدليك تم فتحها، فوجدوا فيها حبة منع الحمل.
بهذه النكات السوداوية يتحمل المغاربة ما يجري. ويستغربون من حجة الوزير. فهو لا يعرف مصير المُتخلى عنهم في المغرب، بينما الجمعيات المختصة تعترف بأن 80 في المئة من أطفال دور الأيتام يصبحون مجرمين و10 في المئة يقدمون على الانتحار.

تُتهم هذه الجمعيات التي تعمل في مجتمع نصفه أعزب، بتشجيع الزنا و«اللقطاء». وكأن الزنا بدأ مع الحداثة في هذا العصر. يُدعم هذا التصور بوهم أن كل الشر قائم في الحاضر... بينما الحقيقة هي أن الحرية الجنسية للرجال كانت كبيرة وشديدة، تحمل أسماء أخرى منها «المتعة» و«ما ملكت أيمانكم». ويصير الأطفال الذين ولدوا خارج مؤسسة الزواج عبيداً وإماء وموالي... لا يعترف «بشخصيتهم القانونية»، كما تنص المادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

يتم إنكار هذه الحقيقة بهدف تطهير الماضي «ماضي الأمة الراشد والذهبي» وشيطنة الحاضر «الماسخ» الذي صار فيه الإنسان هو مركز الكون بدل الأديان والأيديولوجيات. وهذا الموضوع ليس مطروحا في المغرب فقط. قرر الوزير الإسلامي منع تبني الأجانب للرضع المغاربة، فتزايد قتل وبيع الرضع. وقد راسلت أسر إسبانية الديوان الملكي طالبة تدخل الملك محمد السادس لتسهيل الكفالة.

لحد الآن لا جديد. لماذا؟ السبب الحقيقي هو أن الإسلاميين قلقون من أن التبني في الخارج (المقصود الغرب طبعا) يؤدي إلى تغيير ديانة الطفل، يصير مسيحيا. وهذا باب يقوم على تقديم حفظ الدين على حفظ النفس. فالدين وحفظه ونشره والجهاد من أجله سابق على الحياة. لذا يعتقد الوزير أن رضيعاً مسلماً ميتاً أفضل من رضيع مسيحي حي. وهذا انتهاك للحق في الحياة. والحق في الحياة لا يفوّت.

مقالات من المغرب

أنا وليالي الضّوء في الغابات

لم أتوقف عن الرسم، لأنني تعلّمتُ نقش الحناء بسرعة بعدها، لوجود جمهور متحمس، مع إمكانية الاختراع، وانجذاباً إلى رائحة الحناء، وتدرجات اللون البني على الأصابع والراحات والأكفّ. كنتُ أخترع بنفسي...

الحرّية للصحافيين والسّجن للصحافة

الصّحافيون الثلاثة الأشهر الذين أُفرج عنهم، أُدخلوا السّجن بتهم جنسية، لا بتهم متعلقة بحرّية الصّحافة أو الرأي، كما هو الواقع. وهي استراتيجية مباشِرة إلى درجة تثير السخرية، لكنها أيضاً لئيمة...

للكاتب نفسه