منذ فوز الإسلاميين في تونس ومصر والمغرب، والقوى المناهضة لهم تشعر بالخوف، تحتج وتندد... وهو خوف يتزايد كلما استولى الإسلاميون على مواقع جديدة. من هي هذه القوى؟ تجمعها يافطة «دعاة الحداثة»، وفيها صحافيون، مثقفون، فنانون، وجمعيات.
كانت هذه القوى تندد وعينها على جهة تنقذها، غير أن إزاحة الرئيس محمد مرسي للمشير طنطاوي من قيادة الجيش المصري هي النقطة التي كشفت الحقيقة. بعدها ما عاد أحد قادرا أن يتخيل مدى جرأة الإسلاميين الحاكمين.
هذه الهزيمة هي حصيلة سلسلة متراكمة من نقاط الضعف. وبدلا من دراستها اشتد رد الفعل: مزيد من التنديد والصراخ بصوت عال جدا، يراد منه استعراض القوة، لكنه بلا صدى، لا يغير شيئا على الأرض، لأنه صوت مسجل في قناة تلفزيونية، في مقهى أو في صالون خمس نجوم.. فجأة صارت هذه القوى يتيمة. وفي ظل الخوف توقف العقل، لذا لم يظهر أي رد فعل ميداني يعطيها أملا. مع مرور الزمن هدأ الصراخ. تشكلت مسافة مع الأحداث وشرع بعض الناطقين باسم دعاة الحداثة يستكشفون الواقع بعيون جديدة. وهكذا أعلن المحلل السياسي اليساري محمد الساسي خبرا مبهجا لمن في صفه: الإسلاميون ليسوا أغلبية في المغرب. وماذا يكونون إذاً؟ أجاب: هم أقلية منظمة. توقع الاعتراض وقدم الدليل: فيلم يشاهده 200 ألف وينصرفون. لكن هذا الفيلم يعترض عليه 10 آلاف شخص ويجتمعون أمام البرلمان ويفرضون موقفهم. استنتاج: بما أن الأغلبية غير منظمة فإن الأقلية المنظمة تنتصر. تسيطر على الدولة.
بهذا التوصيف الذي وضعه الساسي، يمكن إعادة توجيه الكاميرا من الإسلاميين إلى خصومهم. فدعاة الحداثة ليسوا فريقا واحدا، ليسوا حتى فرقا شتى، بل هم فرادى. ليسوا معارضة بل معارضات. يوحدهم العداء للإسلاميين، لا مبدأ معين. حتى ما يسمى «جمعيات المجتمع المدني»، فهي تعيـش نزاعات داخلية تخربها. بعض الرفاق يجتهد ليُفشل رفيقـه أكـثر ممـا يجتهد ليُنجح فريقـه. النتيجة: صارت الخلافات الداخلية وسط حركتي «6 ابريل» في مصــر، و«20 فبراير» في المغــرب موضـوعا للتـندر.
بخلاف هذا، الإسلاميون موحدون، على صعيد القمة والقاعدة. على الصعيد الأول، شيوخ السلفية الكبار لا ينتقدون حكومة عبد الإله بنكيران، وجماعة العدل والإحسان بعثت له لجنة قيادية زارته في بيته. أما على الصعيد الثاني، فهناك تكاثف وتعاون وصلة رحم بين الجمعيات والمتعاطفين مع الإسلاميين. لذا فكل موقف يصدر عن القيادات الإسلامية يجد له صدى في المسجد والشارع يمتد ويصمد. المساجد في المغرب أقل من المقاهي. لكن المقاهي انهزمت.
ما العمل؟
على الحداثيين أن يعترفوا بأن المسجد انتصر على المقهى. وعليهم أن يعيدوا وصل حبل السرة الذي قطعوه في ما بينهم. وحينها قد يصيرون أكثر تنظيما.
مواضيع
التنظيم لا العدد هو الحاسم في الصراع السياسي!
مقالات من المغرب
أنا وليالي الضّوء في الغابات
لم أتوقف عن الرسم، لأنني تعلّمتُ نقش الحناء بسرعة بعدها، لوجود جمهور متحمس، مع إمكانية الاختراع، وانجذاباً إلى رائحة الحناء، وتدرجات اللون البني على الأصابع والراحات والأكفّ. كنتُ أخترع بنفسي...
جفافٌ يَلِدُ فيضاناتٍ في المغربِ القَصِيِّ
الضرر كان فادحاً، ومسَّ في الأساس البنى التحتية لطرق ومدن وقرى جنوب شرق المغرب، التي تم بناؤها لتحمل مجموع سيول مطرية معتادة. وشملت الخسائر انهيار حوالي 56 مسكناً بشكل جزئي...
الحرّية للصحافيين والسّجن للصحافة
الصّحافيون الثلاثة الأشهر الذين أُفرج عنهم، أُدخلوا السّجن بتهم جنسية، لا بتهم متعلقة بحرّية الصّحافة أو الرأي، كما هو الواقع. وهي استراتيجية مباشِرة إلى درجة تثير السخرية، لكنها أيضاً لئيمة...
للكاتب نفسه
تهريب بالمؤنث بين المنبع والمصبات التجارية
تفحّص لمثال "البغلات"، وهن النساء المهرِّبات من معبر "سبتة" المدينة المغربية المحتلة من إسبانيا الى كل الاسواق الشعبية في المغرب..
الخطاطة السردية لتغيير قيادة "حزب العدالة والتنمية" في المغرب
القصر يستعيد صدارته ونفوذ محمد السادس بلغ أوجه. هناك موجة ارتداد سياسي واجتماعي، والأولوية للتمسك بالوضع القائم في المغرب، لأنه أفضل مما يجري في الجوار..
المنظومة المعرفية المهيمنة: الحافظ يهزم الفاهم
المدارس المغربية مصبوغة جيداً ومجهزة. لكن، ينقصها شيء ما.. النظام التعليمي مبني على الحفظ والاستظهار وهو لا يتيح الانتقال من التلمذة إلى البحث، من اجترار اليقين إلى الإنتاج..