حروب سوريا

الاتفاق الروسي الأميركي حول سوريا فوقي بالتأكيد، بل هو "تجريبي"، إذ يُعاد تأكيده كل 48 ساعة، بانتظار الصمود لأسبوع يبدأ بعد نجاحه القصف المشترك لمواقع داعش والنصرة.
2016-09-14

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
بشار عيسى - سوريا

الاتفاق الروسي الأميركي حول سوريا فوقي بالتأكيد، بل هو "تجريبي"، إذ يُعاد تأكيده كل 48 ساعة، بانتظار الصمود لأسبوع يبدأ بعد نجاحه القصف المشترك لمواقع داعش والنصرة.
والغاية المباشرة من الاتفاق تستحقّ العناء.. كأن يأمن الناس على أرواحهم ولو نسبياً، ولو لبعض الوقت، وأن تصل الإمدادات الإغاثية للمحاصَرين. ولكنها غاية قاصرة جداً بالتأكيد أمام هول الكارثة الممتدة.
ولن يمكن القضاء على المجموعات الإرهابية بالاستئصال العسكري وحده: قد يُضعفها القصف، ولكن وجود إطار يُدافَع عنه هو الحل، وهذا ليس متبلوراً بعد. وهنا فلا يُفترض أن تؤخذ على محمل الجد تصريحات بشار الأسد الأخيرة والتي تريد أن توحي بأنه يُمسك ـ أو سيُمسك ـ بزمام الأمور بوصفه يمثل "الشرعية". كما يُفترض معاملة تصريحات أطراف المعارضة المختلفة، التي تقول إنها "تدرس" بنود الاتفاق قبل إعلان موقفها، بالمقدار نفسه من الاستخفاف. هؤلاء باتوا جميعهم، ومنذ زمن، أدوات بيد جهات إقليمية ودولية تتصارع حول النفوذ في المنطقة، أو باتوا مرتَهنين لإراداتها بوصفها الحامي والمنقذ، ما لا يمنع استمرار حروبهم الصغيرة.
ومثلما لا يمكن للقصف العسكري أن يُنهي الحالة، فلن يخرج أي طرف منها بنصر مبين، ولا بربع نصر. والعجز ذاك يتشارك فيه أيضاً النظام ومعارضاته. فماذا إذاً؟ هل تستمر هذه الحروب عشرات السنين وتفتك بالملايين (السوريون الذين فقدوا حياتهم في 5 سنوات تجاوزوا ربع مليون، هذا عدا الجرحى والمعطوبين والمشرّدين، وعدا الدمار العمراني والاقتصادي المهول..)؟ هذه حال عقيمة بالتأكيد، وهي على ذلك بيئة مفتوحة على كل الاحتمالات، وأوّلها أن تترسّخ وأن تتمدّد وتعمّم الخراب.
تصعب لملمة الحروب، وبالأخص حين تصبح مدوّلة، وحين تتلاعب بها قوى قريبة منها، أي إقليمية، توظفها في غايات شتى، وحين تستفيد منها شرذمة واسعة تشكّل جماعات وعصابات واقتصاداً كاملاً ونمط حياة، فتجعلها مألوفة..
ليس «العدل» سمة هذا الاتفاق الأولي اليوم، وكذلك كل اتفاق سيأتي، بما في ذلك ما سيُعتَبر نهائياً. وكلها ستكون محبِطة للناس ولآمالهم الأصلية، كما لكل الأطراف. ولن تعوّض الثمن الباهظ من أي زاوية نظر إلى الأمر. ذلك أنّ هذا النزاع دخل في مستنقع مظلم وبلا رجاء. وهنا تصبح التفاصيل هي المهمة: كيف مثلاً تُعطّل النيات الانتقامية (للجميع)، وبأي ترتيبات وضمانات يؤسَّس لتوازن يحول دون الانتكاس. على هذه الهشاشات يجدر النقاش والعمل، فهي وحدها ما يمكّن في الظرف السائد أن يشكل فارقاً.

مقالات من أميركا

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...