1- لبنان
حريق ثالث في مبنى هائل قيد الانشاء (كان يُشاد، فلنقل أنه غير مكتمل، ولم يكن ليكتمل في الظروف القائمة) في وسط بيروت، صممته المعمارية العالمية الراحلة زها حديد، ليكون مبنى تجارياً لبيع ثياب واشياء فاخرة.. لم يعد هناك في البلد من يقوى على شرائها، وصار من يُخرج دولاراته ليفعل – على فرض - سيبدو مشبوهاً تماماً. تنطلق الاشاعات مجدداً كما انطلقت حين وقع الحريق الثاني في المرفأ بعد شهر من الانفجار المدمر. وكما راحت الفرضيات تقلب في هذا الانفجار نفسه. فما يجري غير "معقول"، والبشر بحاجة لاسباب ول"منطق" ما، لا سيما حين يُطلق أكبر المسؤلين في لبنان تصريحات سوريالية هي الأخرى، من قبيل "حادث أو عمل مقصود".. والله أعلم. قد وقد. انتهى!
محنة لبنان
03-09-2020
هناك من يرى ان "المقصود" ذاك يتجاوز اتلاف الادلة أو الوثائق، مثلاً، ويتجاوز مسائل غالباً ما تعزى الى الحصول على تعويضات من شركات التأمين، مثلاً أيضاً. أو أن "الحادث" ما كان ليقع لولا وجود مواد تتجاوز نترات الامونيوم – من قبيل الأسلحة والذخائر – كما سارت عليه روايات عديدة عند وقوع الانفجار الهائل، وهي فرضيات ترتبط بالضرورة بمن يُقسم انه رأى طيراناً يستهدف المكان، أو ب"خبراء" نصّبوا أنفسهم ذاتياً للكلام في استحالة تفاعل الكيمياء على هذا النحو.. ولا تساعد سهولة تركيب الافلام – بالمعنى الحرفي، أي الفيديوهات – وتعديل تواريخها ووقائعها، على اطفاء لهيب أكثر الروايات جنوناً، لا سيما أن الواقع الموضوعي يسبقها كلها في جنونه.
.. هناك من يرى أن "المقصود" هو لبنان نفسه، صاحب الطابع الفريد، "يوسف" الذي يثير حسد أشقائه. قد. ولكن ألم تتعبوا بعد يا قوم؟ هناك ألف سبب لما يلحق بلبنان. والأسباب ليست مستجدة ولا طارئة ولا خفية، وليست كلها من فعل "آخرين"، معلومين أو غامضين. وإن كان اليأس والعجز مفهومان، وهما أيضا نتاج مسار طويل (بما يخص الطيبين في البلد، وهم قلة بين "من يمكنهم" بالمعنى الشامل - حتى لا نقول "النخب" وهي كلمة فقدت معناها هنا)، فلا يمكن التغاضي عن ثقافة الإقبال على "من أين تؤكل الكتف" الشائعة والراسخة على كل المستويات، والمبرَّرة من دون حاجة للمحاجة.
فإن لم يتبلور ما يمكن اعتباره تحليلاً للموقف، وضبطاً للمنظومة القيمية، الملحة أكثر من أي شيء آخر، ونقداص صارماً للذات، وتكتلاً متنوعاً وواسعاً لمن يريد حقاً طريقاً للخلاص – ربما ما زالت المخارج ممكنة بجهود وأثمان وتضحيات عالية، ولكنه احتمال متضائل، ولا علامات على توفره - فكل كلام آخر هو عبثي ومضغ للوقت. وبالمناسبة، فلا منقذ يمكنه القيام باي شيء، ولا سيما في ظل وضع العالم المتهالك، وانتقالية معطياته وبعضها يشير الى المجهول، وفي ظل انعدام وجود أي كتلة محلية عاقلة.
بالمقابل، لا تبدو أي علامة اكتراث حيال وضع لبنان المتهالك على من يُفترض انهم "مسئولون" فيه. يبدو مذهلاً النقاش الدائر اليوم حول توزيع الحقائب الوزارية وحصص الطوائف، والتهديد باستبدال النظام الطائفي ب"نظام مدني" (هل المقصود هو التلميح بأخذ كل شيء طالما تُلغى المحاصصة؟). هل يكفي القول أن كل هؤلاء – "كلن يعني كلن" - يريدون البقاء كالديوك ولو على مزبلة.. هل يشترون الوقت بانتظار تبدد البلد وأهله، فيصبحون أحراراً بما غنموا؟ هل تكفي الشتائم، وليس باليد سواها؟
شهرٌ وأكثر قليلاً في الحفرة
10-09-2020
.. سيرحل في نزيف مستمر من يملك امكانيات الرحيل الآمن، وسيركب البحر في زورق متهالك من يريد الفرار – كما فعل 37 شخصاً من شمال لبنان هذا الاسبوع وأنقذتهم قوات "اليونيفيل" من موت محتم، والمؤكد أن هناك سواهم، فعلها وسيفعل – وستنشر أكثر عصابات السطو والزعرنة، وستصبح مثالاً يقتدى به لشبان عالقين بلا رجاء، وستبقى الأغلبية تدور بين هذه الحدود، تتقهقر كل يوم، وتموت من البؤس والكمد. أهلاً بكم في لبنان الجديد.
2- فلسطين
الدول التي طبّعت مع اسرائيل مؤخراً، محيطة فعلتها بأبهة مفتعلة، ليست هي المشكلة. ليست دولاً اصلاً بل مشيخات مهما انتفخت كما الضفدع الذي أراد أن يصبح ثوراً. الانكسار بدأ مع مصر خصوصاً، ثم تبعتها الاردن. وهذه صارت أخباراً قديمة. هناك أخبار راهنة متداولة اليوم عن ضغوط أمريكية مهولة وابتزازات تمارس على السودان مثلاً ليفعل. والسودان بلد مهم. وهناك طلبات هنا وهناك يحملها مبعوثو ترامب، وهي لم تثمر بعد، لصعوبات فعلية بغض النظر عن الرغبات. يخاتل أصحاب الرغبات. يدفعون بالتقسيط. يفتحون الاجواء للطيران (كما فعلت السعودية)، يطلقون تصريحات عن استعداد لاشياء كثيرة، مثلما هي حال الوزير اللبناني بالغ الطموح والمتورط في آن حتى النخاع بما يكشفه للابتزاز، والذي يعرف أنه لا يملك فعل ما يلمح له!
فلسطين تطلب الحماية الدولية
12-09-2019
المشكلة هي في عجز الفلسطينيين أنفسهم عن الموقف. هم أيضاً يمررون الوقت بانتظار فرج من الله. جرّبت السلطة الفلسطينية كل الصيغ، من الحرد الى التعاون مع الاحتلال، بلا طائل. الوضع الفلسطيني مختنق لارتباطه الكامل بكل المعطيات الاقليمية والعالمية الناظمة للمسألة الفلسطينية. ولا يوجد "حل" فلسطيني، ولعل الأمر الوحيد الذي بيد السلطة هو أن تحلّ نفسها وتطلب الوصاية الدولية على شعبها. أن تُنهي ادارتها للحياة المدنية للفلسطينيين نيابة عن الاحتلال، معفية اسرائيل من تبعات احتلالها. سوى ذلك بائس على أي حال، وهو يوفر بقاء الناس على قيد الحياة بالمعنى البدائي وبشروط بدائية. ألم يحن وقت النقاش الاستراتيجي بعد؟ أم أننا أموات ولا ندري؟