"لا أستطيع التنفس ".. هكذا كان المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد يستغيث لمدة دقائق طويلة قبل أن يموت مختنقاً تحت ركبة شرطي أبيض قطع أنفاسه. جريمة قتل باردة أشعلت غضب الملايين في أمريكا والعالم. هذه الاستغاثة الأخيرة، التي أصبحت شعاراً لحملة غضب دولية، تدوي في أرجاء العالم وتذكِّر بأن العنصرية ضد السود–وغيرهم- مازالت الخبز اليومي المرّ للكثيرين.
تعددت مظاهر الغضب "التقليدية" فشملت المواجهات العنيفة مع قوات الشرطة والمظاهرات ووقفات المساندة في عدة مدن، فضلاً عن التضامن والاستنكار في شبكات التواصل الاجتماعي. آخرون،قرروا أن يعبّروا عن موقفهم بطريقة مختلفة، بأن "يدينوا" تماثيلاً ونصباً لشخصيات تاريخية عرفت بدورها في تجارة العبيد و/أو بجرائمها العنصرية.
في الولايات المتحدة الامريكية مثلا تمً اقتلاع عدة تماثيل للمستشكف المشهور "كريستوف كولومبس" الذي وصفته صحيفة Esquire بأنه "مرتكب مجازر واستعبادي"، وحصل الشيء نفسه مع تماثيل لشخصيات وجنرالات في جيش "الولايات الكونفدرالية الأمريكية" الذي كان معادياً لتحرير السود. كما انطلقت حركة تطالب باعادة تسمية قواعد عسكرية كبرى بغير اسمائها الحالية التي تمجد ضباطاً من ذلك الجيش، مما أغضب ترامب يالطبع ودفعه الى مهاجمة الفكرة ورفضها بشكل قاطع! وفي بلجيكا تركز غضب المحتجين على تماثيل ونصب الإمبراطور ليوبولد الثاني الذي عرف بجرائمه الإستعمارية العنصرية البشعة ضد السود. المتظاهرون البريطانيون استهدفوا هم أيضا تماثيل لشخصيات تاريخية لها علاقة بتجارة العبيد عبر الأطلسي.
قد يكون أصحاب التماثيل قد أفلتوا من العقاب عندما كانوا أحياء وغطى التاريخ الرسمي جرائمهم بإنجازاتهم لكن لا شيء نهائي تماما: يسقط العنصريون.. ولو بعد حين!