!COOOOL

الشباب والشابات الذين أحاطوا بالرئيس السيسي على المنصة في المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ كانوا جميعاً متشابهين، يرتدون ابتسامة واحدة وثياباً متقاربة، ويتصرفون بإيجابية ـ أنظر إشارات الأيدي! ـ وحرية مرحة وصلت إلى حد التقاط سيلفي مع الرئيس الذي بدا مسروراً هو الآخر. ليس بينهم محجبة واحدة، مع أن نسبة المحجبات في مصر تكاد تكون مطلقة، حتى في فناء الجامعة الأميركية الشيك والمترفة، وحتى زوجة الرئيس
2015-03-19

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

الشباب والشابات الذين أحاطوا بالرئيس السيسي على المنصة في المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ كانوا جميعاً متشابهين، يرتدون ابتسامة واحدة وثياباً متقاربة، ويتصرفون بإيجابية ـ أنظر إشارات الأيدي! ـ وحرية مرحة وصلت إلى حد التقاط سيلفي مع الرئيس الذي بدا مسروراً هو الآخر. ليس بينهم محجبة واحدة، مع أن نسبة المحجبات في مصر تكاد تكون مطلقة، حتى في فناء الجامعة الأميركية الشيك والمترفة، وحتى زوجة الرئيس نفسها محجبة.. فمن أين جاء هؤلاء الشباب والشابات الذين لا يشبهون المصريين، ولن يتعرف المصريون فيهم على أنفسهم، وهم أشبه بموظفين في شركة دعاية يُستأجرون عادة لحسن الاستقبال في المعارض الكبرى.
ويا للصدفة التي تجعل العاصمة الإدارية الجديدة تتسع تحديداً لخمسة ملايين مصري. وهو الرقم نفسه الذي كان يُذكر مطلع الألفية الجديدة للإشارة إلى القاعدة الاجتماعية التي تولدت عن نشاطات المضاربة والتجارة والتوسط وكل انواع السمسرة التي سادت، وكان يتولاها ابنا مبارك ومعهم شلة الاقتصاديين ممن أُسموا وقتها برجال الأعمال الشباب.. احمد عز وأمثاله، الذين كانوا في الوقت نفسه نواة "لجنة السياسات" في الحزب الوطني. وعلى أية حال، ففكرة العاصمة الإدارية الجديدة تلك صاغها أصلا هؤلاء وخططوا لإنشائها كمعسكر على طريقة المحميات ينعزلون فيه عن "قرف" سائر الناس، ولكن الوقت لم يسعفهم، وأُطيح بهم قبل تنفيذها.
هل المدن عمارات وطرق و"أكبر حديقة في العالم"؟ وطالما أن العاصمة الإدارية الجديدة (ما سيكون اسمها يا ترى، "القاهرة 2050" مثلا كما تسمى الأبراج الناطحة للسحاب) مخطط لها بوظائف محددة وشرائح محددة، فهل ستُترك القاهرة لتغور أكثر بملايينها العشرين، وثلثاهم معدمون يعيشون في العشوائيات التي تزنرها، بينما تُصرف المليارات على مكان هجين، سيكون بالضرورة نوعاً من ديزني لاند كئيب.
أن يتطلع المؤتمر الاقتصادي لاستقطاب استثمارات أمر مشروع، ما لا يعفي بالطبع من النقاش حول أي استثمارات لأي مشاريع ولأي أولويات، فالخيارات ليست أبداً بديهية. ولكن أن يُلعب بهذه الخفة والفوقية بالنسيج الاجتماعي فأمر مخيف، يؤشر إلى أن الكتلة البشرية  التي تقع خارج دائرة تركيز السلطة (وهي الأعظم)، هي في واقع الأمر "فائضة عن الحاجة". وفي التاريخ والجغرافيا، أُعلن عن ذلك دوما مواربة، ولكنه حمل دوماً المعنى نفسه: هو مدخل لأفظع وأبشع ما يمكن ان يلحق بالناس.

 

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...