"25 يناير" ــ الكبرى ــ في مصر، وقبلها "17 ديسمبر" ــ الشرارة ــ في تونس، وبعدهما كل ما حدث منذ خمس سنوات وللآن في طول منطقتنا وعرضها، هي بعجرها وبجرها لحظات كبرى في تاريخنا، لا يمكن لا لقمع مهما اشتد، ولا لتشويه أو تسخيف مهما تكرر، ولا لإحباط أو تيئيس من أي مصدر أتى.. تغيير طبيعتها ولا إطفاء أهميتها كعلامة على حيوية فائقة ما زالت تختزنها مجتمعاتنا: على الرغم مما ألحق بها عمداً من عسف وتنكيل وإفقار وتجهيل، وعلى الرغم مما عجزت هي عن بلورته وإرسائه، فأبانت عن قصور أكيد وعن أزمات وأعطاب مكينة.
في تلك اللحظات المشرقة، لحقنا بالتاريخ وصححنا الجغرافيا، فصرنا مضرب مثل وقدوة في العالم كله وبكل اللغات، وصارت أخبارنا مركزية وليست في الهامش وليست مفعولاً بها. وعلى قدر ضخامة معنى هذا الذي ومض وانطلق، جاء الرد مهولاً. فمن كان ساذجاً إلى حد تصور التغيير هيّناً، وهزيمة القوى العدوة بضربة واحدة، وقع ضحية سذاجته. لا بأس.
ولكن الوقائع عنيدة كما يقال. وما حدث لا يمكن إنكاره: هي ثورات طالبت بالخبز والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، واندفع شبان وشابات مُبْهِرون في تصميمهم وفي ثراء إمكاناتهم، ليعطوها كل ما يملكون، واستعاد الحلم بتحققها من حاولها مراراً وعاود المحاولة، وجرفت في ديناميتها من كان منشغلا بهموم أخرى أبسط بكثير.. هي ثورات أعادت الربط بسواها مما سبقها (وما أكثره)، بعضه حمل تغييراً وبعضه واجه هزائم، ولم تخرج مِن "لا مكان" كما قيل بخبث أو دهشة. وكذلك هي متصلة بما يمكن أن يأتي.. فلكانت الحياة اندثرت من زمان لولا الحلم والأمل، وهما حقٌ وضرورة، وتجسيد لموقف واقعي، وليس توهيمات أو مثاليات..
مذّاك، أصيبت الأطراف المقابلة بالرعب.. وما زالت! ممكنٌ إذاً؟ فلا عاد اعتقال ولا إخفاء قسري ولا اغتيال يطمْئِنها، وانفلت العسْف بلا حدود. ولكنها أطراف لا تملك سوى تلك الأدوات ومعها الكذب والتخويف "من الأعظم".. وهذه كلها، ولو اشتغلتْ، فهي ليست برنامجاً للغد فيما الحاضر يزداد سوءاً ويلح في طلب حلول. تلك هي المسألة، بينما الأطراف المعادية هشة وفارغة على الرغم من فائض عضلاتها.
إفتتاحية
خبز وحرية وكرامة وعدالة

مقالات من تونس
التفاوت الطبقي بين مصر و"إيجبت": أسبوعٌ في قتل المصريين..
تنتج الحكومة المصرية مجدداً، وتعيد إنتاج أشكال التفاوت الطبقي، من خلال الاستثمارات المنحازة إلى "إيجبت"، والمنحازة إلى إعادة توزيع الثروة، وإفقار الشعب المصري، وإعادة توزيع الملكيات للأراضي والوحدات السكنية والطرق...
في كفر السنابسة: أحلام كبيرة وطريق قاتل ونظام لا يعترف بالخطأ
كانت شيماء "وردة البيت". ومع ذلك، لم تلجأ عائلتها إلى اللعن أو اتهام أحد. لم يلوموا السائق، حتى لو كان متهوراً، ولا الطريق الإقليمي المهمَل، ولا المسؤول الذي يحاول التملص...
جولة جديدة: هل سيؤدي تعديل قانون الإيجار القديم في مصر إلى تشريد المستأجرين؟
لا تزال المسودة الأخيرة، بالرغم من التعديلات، تنص على إنهاء عقود الإيجار القديمة والسماح بإخلاء السكان بعد فترة انتقالية، دون أن تقترن ببدائل عملية قابلة للتنفيذ مثل: الإيجار الاجتماعي، ما...
للكاتب نفسه
غزة: لن ننسى ولن نسامح
ليس من المعقول أن تستمر هذه الحال من الإبادة في غزة. لا من العرب جميعاً، حكاماً وشعوباً، ولا من تركيا ولا من إيران، الغارقتين تاريخيّاً وعملياً ولفظياً، في المسألة الفلسطينية...
لبنان: من هو الوطني اليوم؟
الوطني اليوم هو من ينوي لملمة كل تلك التقرُّحات وكل ذلك العفن. أن ينوي أصلاً، ويعلن عن ذلك، فهي خطوة إيجابية. وهو سيواجه مقاومة عنيدة من المستفيدين من واقع الحال...
لبنان مجدداً وغزة في القلب منه
... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...