في العقود الأخيرة، وبدءاً من هيمنة العصر النيوليبرالي، حدثت في العالم كله تغييرات كبيرة في "مسألة الأرض"، ملكية وإدارة، وبخصوص نوعية المنتجات نفسها.
أتت هذه التغييرات في منطقتنا لتُضاف إلى عدة معطيات: الممارسات الاستعمارية التي كانت قد وقعت أصلاً على الأراضي. ثم، وبعد الاستقلالات، جاء "عبث" السلطات المحلية بها: هناك استراتيجيات تخص القطاع الزراعي وضعتها تلك السلطات، كانت بالأصل وعلى الأغلب تنطلق من تهويمات التحديث والتصنيع وافتراض ارتباط التخلف بالريف الخ.. والمثال الجزائري صارخ في هذا المجال.
الحصيلة الصادمة والمشتركة بين كل الحالات المدروسة هي تقلص مساحات الأراضي المزروعة مقارنة بالإمكانات الزراعية الكبيرة المتاحة لو اعتمدت خيارات تنموية أخرى، ومقاربات سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة.
ثم تلا تلك المرحلة إهمال الأرياف، وتناسيها كجزء من تركز السلطات الطفيلية في المراكز، وانشغالها بتوفير دخول ريعية من قطاعات السمسرة والفساد، ما أدى إلى تدهور أحوال الأرياف وجعلها مُنفِّرة للعيش. ويُعتد لتبرير ذلك بضعف مردودية الأرض وبمشكلات المياه والمواصلات والبذار. وهكذا خربت أحوال الفلاحة وحدثت هجرة أبنائها الكثيفة إلى المدن، وإلى عشوائياتها تحديداً. بالمقابل فإن توزيع الأراضي سواء بالمصادرة أو بوضع اليد عليها، أو بشرائها بأثمان بخسة، هو ميدان واسع ومتاح أمام السلطات للرشوة ولإرضاء علاقاتها الزبائنية...
وهناك أخيراً معطى "موضوعي" يعاني منه الكوكب كله، وهو يخص التغييرات المناخية التي تؤدي إلى كوارث بيئية وهجرات..
نتائج كل ذلك خطيرة: تبعية غذائية كبيرة، تصحّر الأراضي، نزوح شبه جماعي للسكان.
فما هي التغييرات التي لحقت بملكية الأرض في مصر وتونس والمغرب والجزائر، ومعها السودان، وتركزت في العقود الثلاثة الماضية ؟ وما مدى الممارسة التي شاعت عن "تأجير" مساحات زراعية لآجال طويلة لشركات متعددة الجنسيات، أو لشركات صينية، أو خليجية.. سواء تمّ ذلك مباشرة مع تلك الجهات الخارجية، أو بواسطة مستثمرين محليين يقولبون الزراعات المطلوبة وفق دفتر شروط تلك الجهات ومصالحها المالية والتجارية، وليس وفق الحاجات المحلية للسكان، وما التغييرات الواقعة على الأراضي من قبل فاعلين محليين حازوا عليها، وصاروا يستثمرونها في زراعات جديدة، أو في مشاريع لا علاقة لها أصلاً بالزراعة. بل لإقامة منشآت متنوعة أو في المضاربات العقارية.
وبناءً على هذه المشتركات، فالحالات كثيرة ومتنوعة، وقد ركزنا على أسئلة من قبيل من صار يملك الأرض أصلاً؟ ومن ينتج ماذا؟ وما علاقة كل ذلك بمجمل خيارات وتوجهات المنظومة الحاكمة؟ ولأن الموضوع هائل، فقد اكتفت النصوص بتوفير المعطيات، وبتعيين وجهة التغيير الملحوظ ورصد ظواهر كبرى ملموسة تُجسّده.
مصر
الأرض في مصر: صراع النفوذ والثروة والبقاء
15-04-2019
السودان
ما أطاح بحلم "سلة الخبز" السودانية
09-05-2019
تونس
تونس: الدولة وأراضيها المؤممة
18-04-2019
الجزائر
مسألة الأرض في الجزائر: بين العدالة والنجاعة
06-04-2019
المغرب
المغرب: الأرض لمن؟
02-05-2019
محتوى هذا الدفتر هو مسؤولية السفير العربي ولا يعبّر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.