يستكمل هذا الدفتر موضوع الهجرة غير النظامية، التي تطال هذه المرة أبناء مصر والجزائر وتونس والمغرب. وفي محاولته لالتقاط أسباب هذه الظاهرة التي نسميها هنا – من دون أدنى مبالغة - "الهروب الكبير"، تتناول النصوص الثمانية التفاوتات الاجتماعية الحادة بين الارياف والمدن كما بين الجهات داخل كل بلد، وهي نتاج التنمية الطفيلية التي إعتمدت، وتخريب الزراعة وكذلك البيئة بصناعات استخراجية ملوِّثة، وغياب الخدمات العامة خارج دوائر مدينية معينة وضعفها عموماً وتراجعها الكبير في العقود الأخيرة.. كما يبين آثار هذه التخلعات، وأبرزها اكتظاظ محيطات المدن بالشباب العاطلين عن العمل والفاقدين لأي أمل، والذين يُعامَلون كفائض بشري وتُقارَب مشكلاتهم باحتقار ("الحكرة"). وهو يشير الى أحد دوافع الهجرة التي تفسرها قوة هيمنة مفاهيم "النجاح الفردي" المرتبط بتحصيل المال (من دون سؤال عن مصادره)، وبالتغيير القيمي الذي لحق بهذه المجتمعات..
يجسد هذا الملف، عبر مثال "الحرقة" (أي حرق الحدود بالهجرة غير النظامية وحرق الاوراق الشخصية الثبوتية لعرقلة الترحيل)، حدود ما يتيحه الاقتصاد الموازي المهيمن وعجزه عن استيعاب قوة العمل، بما فيها تلك العائدة لحملة الشهادات العليا المتبطِلين والساعين للحرقة. وتتنامى الظاهرة بين النساء الشابات وبين الاطفال دون سن الثامنة عشر الذين يفرّون لوحدهم، ويتعرضون، مثل الفئات السابقة، بل ربما أكثر من سواهم لشتى صنوف الاضطهاد والاستغلال. ويتناول الدفتر أخيراً سياسات السلطات، خططها ونتائجها الفعلية.