هي القدس، المدينة التي قيل في وصفها الكثير، فاختلط الخيالي بالواقعي، والمبالغ به بالحقيقي، والمقدس بالمدنس، ساتراً التفاصيل اليومية لأهل مدينة لا يرى العالم منها سوى قبة الصخرة. بعيداً عن رمزيتها المفرطة، تأتي سلسلة المقالات في هذا الملف لتقدم القدس في مستهل حياتها اليومية تحت الاحتلال، بشقّيها المحتلين عام 1948 وعام 1967.
تستهل الملف مقالة بعنوان "بيت المقدس مهدوم" تشرح مأساة سياسة هدم الاستعمار لبيوت المقدسيين منذ احتلال الشق الشرقي للمدينة عام 1967، مشيرة إلى المسوغات القانونية التي يستعين بها الاستعمار لهدم بيوت المقدسيين، وتأثيرات ذلك على حياة أهلها والبقاء الفلسطيني فيها.
استزادة في فهم الأثر النفسي للاستعمار، تأتي مقالة "القدس: "عن الإنسان الذي صار ظلاً" لتقدم تحليلاً مستمداً من علم النفس الاجتماعي عن آثار سياسات الاستعمار على المقدسيين، وتفكك بنيتهم الاجتماعية والنفسية جراء هدم البيوت والافقار والحبس المنزلي.
أما مقالة "المدينة التي وقعت عن سكة الوقت" فتقدم خريطة تضع القدس المحتلة عام 1967 في السياق الفلسطيني العام، مشيرة إلى علاقات الشطر والرتق مع باقي فلسطين المحتلة، سواء تلك المحتلة عام 1948 أو غزة والضفة الغربية التي شكلت امتداداً اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً للمدينة لغاية بناء الجدار عام 2003.
لا يكتمل الحديث عن القدس دون مركزها التاريخي، البلدة القديمة، الذي نتناوله عبر مثال بائعو البسطات في مقالة "لمن بسطات القدس؟". نستعرض هنا سياسة الافقار اتجاه باعة المدينة، عبر الاستيلاء على الحيز العام الذي تمثله البلدة القديمة لإلغاء طابعه الفلسطيني الحيوي.
تقدم مقالة "مشافي القدس في خطر" مثالاً من صلب الواقع الحياتي المقدسي الذي دمره الاستعمار. في حين شكلت القدس في السابق وجهة التداوي الأساسية لأهلها ولسكان غزة والضفة الغربية، ما فتئت مشافيها منذ أواسط التسعينيات تضمر بفعل سياسات منع وصول المرضى والأطباء، وفرض نظام الصحة الإسرائيلي على المقدسيين.
ما الذي يعده الاستعمار للمدينة وأهلها؟ ذلك ما حاولت مقالة "القدس: الاقتصاد عماد الاستعمار" الاجابة عليه، عبر تحليل الخطاب الذي صاغه سياسيو اسرائيل اتجاه المدينة منذ احتلال العام 1967. يتلخص ذلك بسياسات اقتصادية تطمح لصهر المقدسيين في الاقتصاد الاسرائيلي وإقصائهم عن السياق السياسي الفلسطيني العام.