نبدأ من الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير، حين زلزل هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" في تونس كرسي الرئيس زين العابدين بن علي، مجبراً إياه على التنحي ومغادرة البلاد. في مساء اليوم نفسه، أظهر مقطع فيديو عدداً قليلاً من الشباب في أحد أحياء القاهرة، يهتفون: "ثورة ثورة حتى النصر.. ثورة فْ كل شوارع مصر"... لم تكن شوارع صنعاء حينها هادئة.
في حفل رسمي في بغداد، ثم في قرية كوشو قرب جبل سنجار في محافظة نينوى، جرى يوم السادس من كانون الثاني/ يناير 2021، دفن رفات أزيديين، من الرجال والنساء والأطفال، قتلوا في آب/أغسطس 2014 على يد تنظيم داعش الذي احتل قراهم وسبى نساءهم. هؤلاء استُخرجوا من مقبرة جماعية، ثم تمّ التعرف على هوياتهم الشخصية.. وهؤلاء ليسوا إلا جزءاً من الاستباحة والمذبحة التي لحقت بهم.
شباب الأحياء الشعبية، المتراوحة أعمارهم بين 15 و25 سنة، والذين يحتلون اليوم الفضاء السياسي والإعلامي لكي يقولوا "لا" للنظام الاقتصادي والسياسي التونسي الذي يحطم آمالهم وينتهك أجسادهم، هم متشبعون بمخيال القطيعة السياسية، حيث يكون المواطنون سادة مصيرهم.