منتصف العام الفائت 2014، وقعت موريتانيا مع الاتحاد الأوروبي اتفاقاً لمدة سنتين يسمح للبواخر الأوروبية بصيد الأسماك الموريتانية مقابل مئتين واثنين وعشرين مليون يورو.
الاتفاق الذي وقّعه المستشار المكلف بالرقابة البحرية ورئيس وحدة الصيد بالإدارة العامة للصيد باللجنة الأوروبية بقي حبراً على ورق بسبب مماطلة الاوروبيين الذين يطالبون موريتانيا بخفض خمسة عشر مليون يورو من العقد... تزامناً مع بيان اتهموا فيه حكومة نواكشوط بانتهاك حقوق الإنسان.
وكان البرلمان الأوروبي قد صادق على اتفاق الصيد مع موريتانيا بأغلبية ساحقة (بلغت أربعمئة وأربعة وستين نائباً لمصلحة الاتفاق مقابل مئة وعشرين نائباً ضده) وهو ما يعني إلزامية بنوده لكل بلدان الاتحاد الأوروبي، بما فيها اسبانيا التي عملت على إجهاض الاتفاق الذي ترى فيه خسارة كبيرة لسفنها، خصوصاً أنه ينص على إلزامية تفريغ كل الأسماك غير السطحية المصطادة فى الموانئ الموريتانية فى حين تتم مراقبة الأسماك السطحية من خلال عمليات المسافنة المعروفة.
وأمام هذه المشاكل، خيرت الحكومة الموريتانية السفن الاوروبية بين الالتزام بالعقد حرفياً أو التوقف عن الصيد في مياه موريتانيا.
وينص الاتفاق الموقع في شهر تشرين الأول الماضي على أن تكون نسبة ستين في المئة من طواقم السفن الأوروبية العاملة من الموريتانيين، ويستثني صيد الأخطبوط الذي أصبح صيده مقصوراً على الموريتانيين. وكتبت صحيفة اسبانية أن البحارة يرون بأنه من غير الأخلاقي دفع سبعين مليون يورو سنوياً لموريتانيا مقابل عمل اثني عشر قاربا فقط، مذكرة بإضرابات في معظم المدن الاسبانية (غاليثيا وجزر الكناري ومدن الاندلس البحرية) التي كان سكانها يستفيدون من الصيد في موريتانيا (بما فيه صيد الأخطبوط والمحار).
وكانت تطورات الأزمة مع الاتحاد الاوروبي قد فرضت نفسها على جلسة برلمانية علنية حضرها وزير الداخلية الموريتاني، وسادها انتقاد المسلك الأوروبي بكل جوانبه.. فإن كان ضعف الرقابة على الشواطئ الموريتانية في السابق، وفشل التعاون والتنسيق بين البلدين العربيين المطلين على الأطلسي (موريتانيا والمغرب) قد ساعد على مدى العقود الماضية الأوروبيين في الاستخفاف بأي اتفاق في هذا المجال، فقد حان أوان احترام الاتفاق الحالي وتطبيق بنوده.