عن الخوف والغضب

ــــ ولكن دعنا نفكر سوياً. ماذا لو كان العرب انتصروا علينا ولم نطرد الفلسطينيين، ماذا كان سيحدث؟
ــــ ماذا كان سيحدث؟
ــــ كان العرب سيذبحوننا.
ــــ فعلاً؟
ــــ أكيد. فكر للحظة. تخيل العرب لو كانوا قد انتصروا علينا.
يسمع كلامه. يتخيل للحظة لو كان العرب قد انتصروا عليهم. اللحظة تطول. تمتد للحظات. يرى فرحة عارمة في العالم العربي كله. يرى الدبابات الأردنية والجنود المصريين يدخلون المستوطنات اليهودية الصغيرة. يراهم يقطعون رؤوس الأطفال اليهود ويلعبون بها الكرة. ينقرون عيني مربيته العجوز ويغتصبون زوجته. يسلخون الكلاب ليصنعوا منها جلوداً لأحذيتهم. يراهم يغرقون طفله في حمض الكبريتيك. كل هذه الكتب. كل هذه الموسيقى. كل هذه الحضارة الإنسانية الهائلة التي لدينا تنهار الآن. جميع الأسطوانات والكتب تشوى في النار. يا الله. الكون يفنى يا الله. تذوب أفكاره. تترقرق عيناه من فداحة الخسارة.
ــــ ولكن العرب لم ينتصروا علينا.
ــــ (يفيق من أفكاره. يهتف بلهفة) صحيح؟
ــــ صحيح. والبعض يوجهون لنا اتهامات بأننا نسيء معاملة الفلسطينيين.
ــــ حقاً! (يغرق في الحزن) هذا جهل منهم. هم لا يعرفون (تتوتر نبرته)، جاهلون. فشلت في إقناعهم (نبرته تعلو شيئاً فشيئاً) كل هذه المثاليات الفارغة. نسيء معاملة الفلسطينيين. هع! هل يعرفون هم هؤلاء الفلسطينيون. هل فكروا للحظة ماذا كان سيحدث لو كانوا قد انتصروا علينا (يزعق) يقرأون الكتب الإنسانية الجميلة ويتجاهلون الواقع من حولهم (زعيق. زعيق. صوته يسرسع من الزعيق) يتجاهلون الواقع. الواقع. نقول الواقع. الواقع الواقعي. إتفو.