الطابور رقم خمسة

ذهبتُ لأشتري سندويشاً اليوم. كان البائع يضحك. لم أفهم لماذا يضحك. لم تكن الظروف التي يمر بها البلد تستدعي الضحك. شككت أنه من الطابور الخامس. رفضت أن أدفع له. زعق البائع وشوح بيديه. لم أرد عليه وإنما صورته ليعلم الجميع سلوكيات الطابور الخامس. قدتُ السيارة وكانت هناك امرأة ترتدي أسود وتضع «بونيه» على رأسها تحاول أن تسابقني. كسرت عليها ووقفت أمامها وقلت لها إنها، لأنها من سن
2014-01-08

شارك

ذهبتُ لأشتري سندويشاً اليوم. كان البائع يضحك. لم أفهم لماذا يضحك. لم تكن الظروف التي يمر بها البلد تستدعي الضحك. شككت أنه من الطابور الخامس. رفضت أن أدفع له. زعق البائع وشوح بيديه. لم أرد عليه وإنما صورته ليعلم الجميع سلوكيات الطابور الخامس.
قدتُ السيارة وكانت هناك امرأة ترتدي أسود وتضع «بونيه» على رأسها تحاول أن تسابقني. كسرت عليها ووقفت أمامها وقلت لها إنها، لأنها من سن أمي، فلن أكون عنيفاً ضدها. ولكن علي أن أعدد مشاكلي معها. هي أولاً بملابسها هذه تبدو شديدة الشبه بدمية تسمى أبلة فاهيتا، وكلنا نعلم أن أبلة فاهيتا تسرب شفرات للتنظيم العالمي للإخوان، وثانياً فهي تضع أربعة خواتم في أصابعها، أربعة، كتعبير عن انتماء سياسي ربما، ثالثاً إنني لم أفهم لماذا تفعل هذا، والسبب الوحيد المقنع بالنسبة لي إنها تحاول أن تثأر لزميلها البائع في الطابور الخامس الذي رفضت أن أدفع له مقابل السندويش.
طلبت منها أن تتقي الله هي وزملاؤها في الوطن.صعدت إلى عملي، وهناك قال لي زميلي إن الطابور الخامس لم يستعمل في حياته رقم خمسة، وإنه يضلل الناس عبر رفعه لعلامة الثلاثة أصابع، لكي يقول إنه ضد العسكر والإخوان في الوقت نفسه، ولكن هذا لا ينطلي على أحد. وقال لي إنه أيضاً يرفع أربعة أصابع، لكي يداري على كونه طابوراً خامساً، قلت له إنني أعرف هذا.
سألته: «وبالنسبة لرقم خمسة»، فأجابني: «رقم خمسة لا يرفعونه. رقم خمسة يؤمنون به فقط». عرفت أنني إن عثرت على واحد من الطابور الخامس ويرفع رقم خمسة فسوف يكون هذا شيئاً عظيماً.لم يخذلني القدر. عندما جلست في المقهى أتى ماسح الأحذية ليمسح حذائي.
أعطيته جنيهاً ولكنه طلب خمسة لأن حذائي «شامواه». ركلته بقدمي في وجهه وعدت إلى البيت حافياً.كنت غاضباً جداً. من في مصر إذن ليس طابوراً خامساً؟ كانت زوجتي تقلي البطاطس وتضعها على صفحة جريدة قديمة، قرأت خبرا فيها عن الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع في حكومة هشام قنديل، التي أتى بها مرسي، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية في الحكومة نفسها.
قلت في نفسي إنه ربما يكون هؤلاء الاثنان فقط هما من ليسا طابوراً خامساً في البلاد. ارتحت إلى هذا التفسير، خاصة أن رقم اثنين ليس من الأرقام التي يستخدمها الطابور الخامس. في هذه اللحظة فقط اطمأن قلبي.