«زمان» وتاريخ المغرب: لا يُمَلّ

تمكن فريق عمل مجلة «زمان»، المعنية بتاريخ المغرب بشكل خاص، ودول المغرب العربي بشكل أعمّ، من تفادي الأسلوب الممل الذي يطغى أحياناً على المنشورات التاريخية والتأريخية. وهذا نجاح عظيم أول. المؤسسان، يوسف شميرو وسليمان الشيخ، وزملائهما، يصدرون مجلة عصرية شكلاً ومضموناً منذ العام 2010، بنسخة ورقية تصميمها الفني جميل ومريح، وبمضمون شعاره إعادة فهم التاريخ لا كمجرد أحداث وقعت، بل
2013-11-06

شارك

تمكن فريق عمل مجلة «زمان»، المعنية بتاريخ المغرب بشكل خاص، ودول المغرب العربي بشكل أعمّ، من تفادي الأسلوب الممل الذي يطغى أحياناً على المنشورات التاريخية والتأريخية. وهذا نجاح عظيم أول. المؤسسان، يوسف شميرو وسليمان الشيخ، وزملائهما، يصدرون مجلة عصرية شكلاً ومضموناً منذ العام 2010، بنسخة ورقية تصميمها الفني جميل ومريح، وبمضمون شعاره إعادة فهم التاريخ لا كمجرد أحداث وقعت، بل كمجموعة معطيات أسست ولا تزال للحاضر وللمستقبل. «نقطة ضعف» المجلة الوحيدة، إن جاز التعبير، هي أنها تصدر حصراً باللغة الفرنسية، حارمة بذلك القارئ غير المتقن لهذه اللغة من إمكانية الاستفادة من مادتها المكتوبة. وللمادة البصرية أهمية كبرى في «زمان»، إذ إن عدداً كبيراً من الصور التي ترافق المقالات غير معروفة للجمهور الواسع، لكون مصدرها هو أرشيف خاص لأفراد هواة أو مؤرخّين متخصصين.
يتقن فريق عمل «زمان» التي تصدر من مدينة الدار البيضاء، الاستفادة من نقطة قوة أساسية، ذلك أنّ مجلتهم هي الإصدار الدوري الوحيد المعني بتاريخ المغرب. وعلى الرغم من أن هذه الميزة يمكن أن تحمل سلبيات غياب المنافسة، إلا أنّ العكس هو الحاصل، بدليل أنّ فريق العمل أصرّ على إنشاء موقع إلكتروني للمجلة هو بدوره مريح ومحدَّث بشكل دائم، ويحتوي على مادة ذات جودة عالية بعشرات الأبواب والزوايا الساعية إلى جعل تاريخ المغرب والمنطقة «بمتناول الجميع»، بحسب ما يعرب عنه القيمون على المجلة والموقع.
ويقرأ زائر الموقع الالكتروني لـ»زمان» مواضيع شديدة التنوع: عن مشكلة الملك الراحل الحسن الثاني مع أزياء «الميني جوب» مثلاً، وإضاءة على النظرية التي تفيد بأن عرب الأندلس سبقوا كريستوف كولومبوس على اكتشاف «العالم الجديد». وفي ملفات «زمان»، تشريح لقضية المهدي بن بركة والعلاقات الأميركية ــ المغربية، وعرض لأبرز السينمائيين المغاربة ولأعمالهم، القديمة منها والمعاصرة...
من بين الإنجازات التي تمكنت «زمان» من تحقيقها، دفع عدد كبير من المؤرخين، المغاربة أو الأجانب، إلى الكتابة في صفحاتها، فأخرجتهم من الدائرة التي غالباً ما ينحصر فيها المؤرخون، أي من مجال الأبحاث الأكاديمية المتخصصة والموجهة الى جمهور معين، مقدمة مادتهم على شكل مقالة صحافية بصياغة وحجم يسيريْن. وعلى هذا، يحرص فريق «زمان» على ألا يكون تقريب التاريخ إلى الصحافة يتحقق بالتضحية بمتانة وعمق النص، وجودته، فلا تبسيط ولا تحويل للمادة الى حوادث تاريخية «قصصية»، قد تخلو من المهنية أو الامانة. لذلك تمّ اعتماد «مستشار علمي» للمجلة، ويؤدي المهمة حالياً المؤرخ مصطفى بوعزيز، بهدف تفادي الأخطاء والمعلومات غير المثبتة. في النتيجة، يبدو أن «زمان» تؤكّد أنّ «موت الصحافة» الورقية ليس حتمياً، بدليل أنّ مبيعات أعدادها لا تتوقف عن الازدياد بحسب إدارة التحرير، لتصل إلى ما بين 15 ألفاً و20 ألف نسخة لكل عدد.

http://www.zamane.ma