من مذكرات اليساري في الوزارة

في سن العشرين: كنت أؤمن أن الاقتصاد هو المهم، وأن تحقيق العدالة للجماهير هو المهم، كنت أقول إن الفن والثقافة يأتيان بعد الاقتصاد. كنت أقول إن المواطن لا يمكنه حضور حفل أوبرا وهو جائع. كنت كيساري متمرداً، اليسار تمرد.في سن الخامسة والعشرين: اكتشفت مجموعة فنية. كانوا يكتبون أشعاراً ويجهزون معارض فنية ويخرجون أفلاماً ومسرحيات. أحببت هذا. لكم كنت أتمنى أن أصبح فناناً. واصلت كوني متمرداً.
2013-11-06

شارك

في سن العشرين: كنت أؤمن أن الاقتصاد هو المهم، وأن تحقيق العدالة للجماهير هو المهم، كنت أقول إن الفن والثقافة يأتيان بعد الاقتصاد. كنت أقول إن المواطن لا يمكنه حضور حفل أوبرا وهو جائع. كنت كيساري متمرداً، اليسار تمرد.
في سن الخامسة والعشرين: اكتشفت مجموعة فنية. كانوا يكتبون أشعاراً ويجهزون معارض فنية ويخرجون أفلاماً ومسرحيات. أحببت هذا. لكم كنت أتمنى أن أصبح فناناً. واصلت كوني متمرداً. الفن تمرد.
في سن الخامسة والثلاثين: أقمت أول معرض للوحاتي. تم المعرض برعاية الدولة. كانت بشارة خير. الدولة ترعى الفن أخيراً. تفاءلت بالمستقبل. القصة حزينة. الدولة ترعى معرضي، ولكن الجماهير لا تحضره. مش مشكلة. الجماهير مغيبة. هذه مسألة وقت.
في سن الخامسة والأربعين: تم اختياري لأترأس لجنة الفن التشكيلي في وزارة الثقافة. حاولت بذل أقصى ما يمكنني لتنوير الجماهير. ولكن الجماهير لم تستنر. على اليسار إذن أن يبذل جهداً أكبر لتنوير الجماهير.
في سن الخمسين: ما زالت الجماهير غير مستنيرة. بالإضافة لهذا، المجتمع يقمعنا. المجتمع يحاصرنا بالضوضاء. أينما تسير تسمع أغاني هابطة. هل هي ثقافة القبح؟ هذا هو عنوان كتابي الذي أصدرته في سن الخمسين.
في سن الخامسة والخمسين: ما زلت يسارياً صلباً. ما زلت يسارياً متمرداً، على القبح وعلى ثقافة الشارع. مثلاً، هناك أعمال فنية في الشارع يراها الجميع ويتحدثون عنها، مرسومة على الجدران. هذه مشكلة كبيرة علينا أن نواجهها. الشارع يروج للقبح. على اليساري أن يكون ضد القبح. ما كان يبهجني هو أن الشرطة تأتي أحياناً وتمسح هذه الأعمال. وأنها لم تقترب من معارضي التي تقام بشكل سنوي في وزارة الثقافة. وهذا شيء جيد، علينا أن نكون موضوعيين إزاء الدولة.
في سن الستين: لم أفقد الأمل بعد. سيأتي يوم تستنير فيه الجماهير وتحضر معرضي. رفضي للجماهير ليس مبدئياً، لا تنخدعوا بموقفي. أنا فقط أرفض الجماهير الموجودة في الشارع، ولكن إذا حضرت جماهير أخرى معرضي، فسوف أرحب بها.
في سن الخامسة والستين: ما زالت الجماهير غير مستنيرة. يبدو أن المشكلة في الجماهير بطبيعتها كجماهير. علينا ان نعترف بهذا. على اليسار أن يكون مرناً في أطروحاته. اليسار يعني الدياليكتيك. ونحن كفنانين، ننحاز لليسار دائماً.