عقيد أمن الدولة في بيته. يجلس على جهاز الكمبيوتر. يفتح ملف «وورد» ثم يبدأ في النظر إليه. تمر به زوجته:
- ماذا تفعل يا حبيبي؟
- هشششش.
- لا تقل لي هش. اسألك ماذا تفعل.
- أكتب التاريخ.
- لماذا؟
- لأن التاريخ يكتبه المنتصرون، وأنا منتصر.
- أها. وماذا ستفعل بعد أن تكتب التاريخ؟
- لا أعرف.
- أقصد هل ستنشره في مكان ما؟
- ما أعرفه أن التاريخ يكتبه المنتصرون، لم يخبرني أحد بشيء عن النشر.
- طيب ماذا ستكتب؟
- سأكتب التاريخ.
- آه، ماذا ستكتب في هذا التاريخ؟
- لا أعرف. سأكتب التاريخ. التاريخ يكتبه المنتصرون.
- طيب هل تعرف أنك أصلاً لا تبدو ككاتب تاريخ.
- (بغيظ) وكيف يبدو كاتب التاريخ؟
- يعني، يجلس على ضوء شمعة، يرتدي جلباباً أبيض، وله لحية بيضاء طويلة جداً.
- فعلاً؟
- (تلوي شفتيها) هذا ما أعرفه.
- تقصدين أن التاريخ يكتبه شخص ملتح ويرتدي جلباباً؟
- ويجلس على ضوء شمعة.
- (يتمتم بينه وبين نفسه) ملتح ويرتدي جلباباً. ملتح ويرتدي جلباباً. الموضوع أصبح معقداً جداً.
- (صمت)
- (صمت)
- (يخرج أخيراً هاتفه النقال) ألو.. طارق.. اسمع. فيه معلومات جديدة وصلتلي دلوقتي.. مش هينفع ف التليفون، بس بص، مبدئياً فتح عينيك على أي حد بيكتب التاريخ دلوقتي يا طارق، كله يا طارق، كله، أي حد يقولك انا بكتب التاريخ هاته واعرضه قدامي بكرة. بكرة يا طارق. كله يا طارق. سلام.