...أطارد قرية وتطاردني
بعد أن تنهار المقدمة يبدأ الحديثُ العميقُ والحاجةُ الملحّة في الحضور فهي التي دفعتنا للنص، فحيفا البارعة السلسة في الانتشار في داخلك في ساعات النهار كمثل حالة انفجار مدوّ، لا تعرفك في الليل، فالليل حضرة الموت، وأقل التفاصيل. هذه المدينة قادرة على أن تسحق فيك كل ما كنتَ تريد أن تحفظه، لمجرد هاوية خشبية أُعدت لتشبث يديك بها أثناء شرب حساء في حانة يزورها الكثيرون وتبقى بها وحيداً ملقاً على الأرض. فإنك تتشبثُ لتستطيع أن تحدد إحداثيات جسدك، ثم تسقط. الكل هنا تطارده القرية، أو يطاردها، وإذا كُنتُ قادراً في النص على أن أراوغ، فعليّ أن أقتبسني: الثنائية بين المكان والانسان وحدها قادرة على خلق بريق المدينة»، وأنه يبدو أن المقدمة كانت مهمة ولم تنهر.
في حيفا لا يمكن أن تعرف من الذي رسم لنا هذا المكان، وإن كنّا شركاء في الرسم، فكيف أتقنّا الجمال والقبح بهذه الطريقة؟! وإذا كنا فعلاً قد تناغمنا معاً، فلماذا نحن إذاً بهذه الاستفاضة في خلافنا حتى الصراع؟! والأهم في معالم لوحتنا هذه أن نفهم، لماذا تسخُطُ هذه المدينة بفتاة جميلة ووحيدة في الزاوية هناك، ومن سمح لها أن تبعثرها كحبات المسبحة وتعيد متعمدة لملمة بعض حباتها فقط، وتجمعها بشكل مغايرٍ لما كانت هي في الأصل عليه»...
من مدونة وافي بلال
http://wafibl.blogspot.co.il/2013/09/blog-post.html