«لو لم أكن مصريا ممن كُتب عليهم أن يروا فيديو واحدا ويسمعوا بخصوصه حقيقتين مختلفتين... لو لم أكن هذا المصري، لوددت أن أكون صيادا يعيش في كوخ مطلّ على البحر مع من أحبّ. أقضي الصباح فى الصيد والتأمل، وفي الليل أحتسي الشاي على أنغام راديو صغير يبث أغاني فيروز...
لو لم أكن مصريا ممن كُتب عليهم الاختيار بين أن يكونوا «انقلابيين دمويين» أو «خرفانا اخوانيين»، حيث لا مجال لاختيار عدم الاختيار، وحيث تهم العمالة والتجسس تُوزع كالـ«بونبون». لو لم أكن هذا المصري لوددت أن أكون مزارعاً، تمتد الأرض بلا نهاية أمامي.
لو لم أكن مصريا ممن أصبحت دماؤهم رخيصة وعقولهم كرة قدم يتناقلها إعلاميون هواة، لتمنيت أن أكون حيوانا أو جماداً... فمن الحيوانات من هم أكثر رحمة منا...
عند هذه اللحظة تتحول الكتابة من فعل إزاحة همّ إلى عبء اكتساب مسؤولية، عندما يطالبك كل قارئ أن تكتب له هو فقط، بينما تكتب أنت لنفسك.
عند هذه اللحظة يفترق الأصدقاء بفعل الاختلافات السياسية، تنشق البيوت على بعضها ويفترق الأزواج وتحرم الزيارات بين العائلات المنقسمة...
عند هذه اللحظة... تدرك أن البقاء في مصر اختبار بحد ذاته، اختبار بلا منهج لزمن بلا نهاية، ولا خروج فى منتصف الوقت المحدد للإجابة إلا بالانتحار».
من مدونة «دماغي» المصرية