«الأخبار الأولى حول حادث القطار في إسبانيا، وصلت قبل أقل من ساعتين من بدء احتفالات (...) يوم القديس يعقوب، والذي سُمّيت مدينة سانتياغو باسمه (...). أمام هذا، قرر رئيس البلديّة إلغاء كل الاحتفاليات فوراً، وبعد توارد الأنباء عن حجم المصاب البشري، قررت الحكومة الإقليميّة الحداد لمدّة سبعة أيام. لكن هذه الإجراءات لم تكن إلا تجاوباً رسمياً مع حالة شعبيّة هيمنت بسرعة كبيرة على روتين مدينة لم تعِش صدمة كهذه قبلاً (...). يحار المرء عند التفكير في ما شهده من مبادرات الناس وتضامنهم وجهودهم.. هل من السليم والصحيح الإكثار من مدحها، على ما تفعله وسائل الإعلام منذ ساعات الصباح الأولى، في خطابٍ يبدو أحياناً وكأنه استثمارٌ في مواساة الناس لأنفسهم؟ أم اعتبار أن هذا السلوك ليس إلا الطبيعي والاعتيادي في أيّ تجمّع سكاني فيه الحدّ الأدنى من التماسك الاجتماعي؟
بعد عامين ونصف من الموت اليومي في سوريا، يعتقد المرء أنه مُحصّن بالكامل ضد أخبار كهذه، بل إنه يكاد يخشى على إنسانيته من الاعتياد هذا، والذي ليس إلا حاجة فيزيولوجيّة لحماية الذات من صفعات الواقع اليومي. سانتياغو اليوم عاشت يوماً سوريّاً من نواحٍ كثيرة. قد يبدو هذا التعبير غير موفقٍ أو خالياً من الخيال حتى، لكن مشاعر الحزن اليوم أقوى من الصبر حتّى ابتكار التعبير»..
من مدوّنة أمواج إسبانية في فرات الشام (26 تموز/يوليو 2013)