يقدّم محمد الأنصاري قراءة في الموقع الالكتروني لـ«المفكرة القانونية» حول حق أفراد القوات المسلحة في المشاركة في التصويت العام. يفنّد المقال حُكم المحكمة الدستورية والبنود الدستورية ذات الصلة. وهذا أحد أكثر العناوين السياسية حساسيةً في مصر حالياً.
فمنذ دستور العام 1971، حرم أفراد هذه الفئة من حق المشاركة في الاقتراع، على قاعدة ضرورة محافظة هؤلاء على «الحياد» في المسائل السياسية. وفي الدستور الجديد، الذي أثار توتُّراً في العام 2012، أبقت المواد الدستورية على هذا المنع الذي يُجمع المراقبون على أنه يخدم «الإخوان المسلمين» سياسياً. غير أنّ المحكمة الدستورية العليا أعادت الموضوع إلى نقطة البداية في أيار/مايو الماضي، عندما ارتأت أنّ إعفاء هذه الفئة من حقوقها الانتخابية «أمر مخالف للدستور، وتحديداً للمادة السادسة من الدستور، ومفادها أنّ النظام السياسي يقوم على مبادئ الديمقراطية والشورى والمواطنة التي تساوي بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات العامة». المادة مرفقة بأخرى رقمها 33، تشير إلى أن «المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك»، والمادة 55 التي توضح أن «مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق».
واستفادت المحكمة الدستورية في حكمها، من واقع أن الدستور المصري الجديد يوجب عرض مشاريع القوانين المنظِّمة للحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية قبل إصدارها، لتقرِّر مدى مطابقتها للدستور.
وبحسب تفسير المحكمة الدستورية للمواد المذكورة أعلاه، فإنّ تحقيق السيادة للشعب «لا يتأتى إلا من خلال كفالة حق المواطنين جميعاً في انتخاب قادتهم وممثليهم في الحكم، متى توافرت فيهم شروط الانتخاب، ويكون لكل مواطن حق إبداء الرأي في كافة الانتخابات والاستفتاءات، ومن ثم لا يجوز حرمان أي مواطن من ممارسة هذا الحق الدستوري إلا إذا حال بينه وبين ممارسته مبرِّر، كبلوغ سنّ معينة تؤهله لتقدير اختياراته، وألا يكون مصاباً بعاهة ذهنية..».
كما تنطلق المحكمة في قرارها من أن الدستور كفل للمواطنين الحق في العمل وتقلد الوظائف، «ومن ثمّ يكون حرمان ضباط وأفراد القوات المسلحة وهيئة الشرطة من مباشرة حقوقهم السياسية طوال مدة خدمتهم بسبب أدائهم لهذه الوظائف، رغم أهليتهم لمباشرتها، ينطوي على انتقاص من السيادة الشعبية، وإهدار لمبدأ المواطنة».
وقد أثار هذا الحكم جدلاً واسعاً من جانب تيار الإسلام السياسي، باعتبار أن هذا القرار سيسمح للقوات المسلحة بالتدخل في الحياة السياسية، في مخالفة للبند الثامن من ديباجة الدستور التي تشير إلى أن «الدفاع عن الوطن شرف وواجب، وقواتنا المسلحة مؤسسة وطنية محترفة محايدة لا تتدخل في الشأن السياسي».
بالتالي، يذكّر الأنصاري بأنّ «الاخوان المسلمين» وأنصارهم يخشون أن يؤدّي السماح للعسكر ولعناصر الشرطة بالانتخاب الى التأثير على نتيجة الانتخابات، أي انتخابات، فضلاً عن أن يخلّ ذلك بأمن سير العملية الانتخابية بسبب انشغالهم بالانتخاب.
وفي السياق، يسعى الأنصاري إلى دحض مخاوف الاسلاميين تلك، انطلاقاً من مجموعة حجج: أوّلاً لأنّ تشديد ديباجة الدستور على حيادية عناصر الأمن تجاه الموضوع السياسي يُقصَد منه منعهم من التدخل في السياسات العامة للدولة، وليس من ممارسة حق الانتخاب والاستفتاء. ثانياً لأنّ «قانون مباشرة الحقوق السياسية» للعام 1956 لم يكن يحرُم فئة عناصر القوات المسلحة من حقوقهم السياسية حتى أُدخل عليه تعديل لحسابات سياسية تتعلق بطبيعة المرحلة «بشكل مخالف للدستور». ثالثة النقاط التي يتوقف عندها تقرير «المفكرة القانونية»، هي واقع أنّ القضاة وأعضاء السلك القضائي لم يُمنعوا من التصويت في الانتخابات والاستفتاءات رغم انخراطهم في العملية الانتخابية، «ومع أن واجباتهم أكبر بكثير من تلك المكلَّفة بها القوات المسلحة والشرطة»، فضلاً عن أنّ دولاً عدّة لم تحرم العسكر من حقوقهم السياسية من دون تسجيل أي إخلال بتأمين العملية الانتخابية.
في الخلاصة، يلفت الأنصاري إلى أن قرار المحكمة الدستورية العليا ليس سوى «تصحيح لخطأ استمر سنوات عدة، وإقرار لمبدأ المساواة بين المواطنين من دون تمييز في ما بينهم".
عن "المفكرة القانونية"
11 حزيران/يونيو 2013
Normal
0
false
false
false
MicrosoftInternetExplorer4
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:"Table Normal";
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:"";
mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;
mso-para-margin:0in;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:"Times New Roman";
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}