«البصرة عطشانة».. وجع عاصمة العراق الاقتصادية الذي صار شعارا انتخابيا

على الصعيد السياسي، يتصاعد الخطاب المطالب بإنقاذ المناطق المنكوبة من شح المياه مع اقتراب موعد الانتخابات، حيث يوجّه النواب والمرشحون مطالبهم إلى الحكومة، وتحديدا رئاسة الوزراء، للضغط على تركيا من أجل زيادة الإطلاقات المائية، فيما يحرص العديد منهم على نشر هذه الخطابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الترويج لها في وسائل الإعلام، في محاولة لكسب تعاطف الناخبين.

نشر في موقع "العالم الجديد"، بتاريخ 08 / 10 / 2025

في كل موسم انتخابي، تعود البصرة لتصرخ من جديد: “البصرة عطشانة”. ومع كل وعد جديد بالحل، تتبخر الآمال كما تتبخر مياه شط العرب. فبين جفاف الأهوار ونفوق الجواميس وملوحة الماء التي تلسع وجوه الصيادين، تتحول المأساة إلى شعار انتخابي مكرور تتاجر به الأحزاب. وفيما تتصارع القوى على صناديق الاقتراع، تظل البصرة تنزف عطشا وحسرة.

ويرى الوجيه البصري، محمد الزيداوي، أن “ملف شح المياه طغى على سائر القضايا الانتخابية، نظراً لتأثيره المباشر على الواقع المعيشي والاقتصادي للمواطنين”، مشيرا إلى أن “الأحزاب سارعت إلى استغلال هذا الملف كدعاية انتخابية، ما حوّله من قضية حياتية إلى أداة سياسية، وهو ما يُعد سلوكا غير إنساني”. 

وأضاف الزيداوي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، أن “البصرة، أكثر المدن العراقية تضررا من الجفاف، تواجه كارثة بيئية حقيقية، حيث تسببت شحة المياه بنفوق قطعان الجواميس، وجفاف مساحات واسعة من الأهوار، وإبادة الحقول السمكية، وانعدام الزراعة”، معربا عن استغرابه من “استمرار بعض السياسيين في التعامل مع هذا الملف وكأنه قضية ثانوية، في حين أنه يرتبط بمصير الناس وحياتهم اليومية”.

وعلى الصعيد السياسي، يتصاعد الخطاب المطالب بإنقاذ المناطق المنكوبة من شح المياه مع اقتراب موعد الانتخابات، حيث يوجّه النواب والمرشحون مطالبهم إلى الحكومة، وتحديدا رئاسة الوزراء، للضغط على تركيا من أجل زيادة الإطلاقات المائية، فيما يحرص العديد منهم على نشر هذه الخطابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الترويج لها في وسائل الإعلام، في محاولة لكسب تعاطف الناخبين.

وفي هذا السياق، عدّ الخبير المائي تحسين الموسوي أن “الإطلاقات المائية التي أعلنت عنها تركيا عقب زيارة رئيس البرلمان محمود المشهداني إلى أنقرة لا تمثل حلا حقيقيا لأزمة المياه التي تضرب العراق”، مشددا على أنها “لا تغطي حتى 1% من الحاجة الفعلية للبلاد”.

وقال الموسوي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “الحديث عن إطلاقات مائية إضافية من قبل تركيا هو مجرد خطوة ترقيعية لا تلامس جوهر المشكلة المائية التي يعاني منها العراق، خصوصاً في محافظات الجنوب والوسط التي تواجه جفافاً حادا، إضافة إلى أزمة ملوحة خطيرة تضرب محافظة البصرة”.

وأضاف، أن “هذه الإطلاقات التي أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا تمثل حلا طويل الأمد، بل محاولة لامتصاص الغضب الشعبي بعد تصاعد الشكاوى من نقص المياه”، مبينا أن “العراق بحاجة إلى اتفاق دائم مع تركيا مبني على أساس تقاسم الضرر وضمان الحصص المائية العادلة، وفق الاتفاقيات الدولية”.

وكانت “العالم الجديد” قد كشفت عن واقع الأزمة البيئية الخانقة التي ضربت محافظة البصرة، حيث أكد رئيس لجنة الزراعة والأهوار النيابية فالح الخزعلي، أن “الماء المالح أهلك كل شيء في البصرة”، محملا الحكومتين المحلية والاتحادية مسؤولية ما وصفه بـ”الإهمال المتراكم”، مشيراً إلى أنه “منذ عام 2019 حذرنا بكتب رسمية تحت عنوان (البصرة عطشانة)”.

وأضاف الخزعلي أنه “رغم الموازنة الكبيرة التي حصلنا عليها للبصرة، إلا أن ملف المياه لم يكن أولوية لإدارة المحافظة، والدليل عطش البصرة حالياً”.

في المقابل، أوضحت وزارة الموارد المائية في الشهر الماضي أن “الجفاف الذي يضرب العراق حالياً يعود سببه إلى قلة هطول الأمطار وانخفاض الإطلاقات المائية من الدول التي تنبع منها مصادر مياه العراق”، واصفة هذا الجفاف بأنه “الأشد منذ قرن”.

وبحسب بيان الوزارة، فإن “منذ عام 1933، هذا العام هو الأكثر جفافاً”، مشيرةً إلى أن “مياه دجلة والفرات انخفضت بنسبة 27% مقارنة بالعام الماضي، هذا بالإضافة إلى أن السدود والخزانات المائية تحتوي على 8% فقط من المياه، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 57% مقارنة بالعام الماضي”.

وحذرت من أن “هذا الانخفاض كان له تأثير كبير على تأمين المياه في جميع محافظات العراق، وخاصة في المحافظات الوسطى والجنوبية”.

مقالات من العراق

الهوية الإيزيدية في الفن

فؤاد الحسن 2025-10-09

يحمل الفن لنا تاريخاً يمكن اعتماده للنظر من زاوية أخرى إلى المجتمع. هذا النص يسعى إلى محاولة التقاط الإنتاج الفني، بوصفه بديلاً من التاريخ الاجتماعي والديني الإيزيدي، بسبب الغياب شبه...

للكاتب نفسه