قيامة أبديّة

«أحبّ يافا، أحبّ ضحكتها العالية كيف تكسر سقف المقبول، أحب تزاحمها في الوجوه تنبجس من عقر دار الوجع، أحبّ جدرانها وأكفكف عنها الدمع في يدي، أيا ترى أرهقك كثيراً وانا أتفحصك باحثاً بين حجارتك القديمة عن راحة جدي وصدر أمي؟ أحبّ روحك لما يزيح النسيم غبارها، أحب بريقها في الشّمس، سكونها في الليل...غضبها وانفعالاتها وأحبّ حزنها حينما يتقلب البرتقال النائم ذاكرةً في بطن الوجع.أحبّ يافا
2013-06-05

شارك

«أحبّ يافا، أحبّ ضحكتها العالية كيف تكسر سقف المقبول، أحب تزاحمها في الوجوه تنبجس من عقر دار الوجع، أحبّ جدرانها وأكفكف عنها الدمع في يدي، أيا ترى أرهقك كثيراً وانا أتفحصك باحثاً بين حجارتك القديمة عن راحة جدي وصدر أمي؟ أحبّ روحك لما يزيح النسيم غبارها، أحب بريقها في الشّمس، سكونها في الليل...غضبها وانفعالاتها وأحبّ حزنها حينما يتقلب البرتقال النائم ذاكرةً في بطن الوجع.
أحبّ يافا أحبّ قمرها حين يمتلئ فلا يترك نفسي تنام فارغةً مغلوبةً، أحب صباحاتها السريعة المتأنّية. من لم يبك في شارع الحلوة صباحاً؟ يمرّ شارع الحلوة من قلبي.. روحي دخنة الباصات، ندى الشبابيك، لهفة امرأةٍ تقطع الشارع لتجلب الجبن والخبز...
التاريخ هنا حنان الكفوف حين تشقّ الشبابيك صباحاً. لمساتٌ تفتحت ورداً في الذاكرة، من يكتب التاريخ هنا سُوى الورد على نواصي الشّبابيك، كؤوس البيرة الفارغة المليئة بنشوة الحديث ودخان السّجائر؟
أحبّ يافا، وأخشى قيامتها اليوميّة حين تخرجني روحي وتضيع في الغروب. عند الغروب، أبحث عن روحي التي ضلّت سبيلها في الجمال. من شرب غروب يافا يعيش قيامته الأبديّة، يعي حقاً كنه العطش».

من مدونة محمود أبو عريشة

http://abreeshi.blogspot.co.il/2013/05/blog-post.html