الموقف المصري: نعيد نشر بيان شيخ الأزهر.. ونتساءل: لماذا حُذف؟

شيخ الأزهر يُطلق نداءً عالمياً ويستصرخ أصحاب الضمائر الحية للتحرك فورياً لإنقاذ أهل غزة من المجاعة القاتلة.
أحمد الطيب، شيخ الأزهر

من يومين، ومع بداية تفشي الجوع الحاد في قطاع غزة، بسبب نقص المواد الغذائية ومنع الاحتلال دخول أبسط مقومات الحياة منذ بداية آذار/ مارس اللي فات، نشرت صفحة الأزهر الشريف بيان للتضامن مع أهلنا في القطاع ولمطالبة العالم بالتحرك.

البيان دا كان جزء من سلسلة مواقف الأزهر منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة، وفي نفس الوقت جزء من دور مؤسسة عريقة زي الأزهر الشريف وشيخه اللي هو أهم منصب ديني سنّي في العالم، لكننا اتفاجئنا جميعاً بحذف الصفحة البيان مساء الثلاثاء، بشكل غير مفهوم، لدرجة إنه في البداية اعتقدنا إنه بالخطأ مثلًا.

لاحقاً، مع صمت صفحة الأزهر، اتضح إن البيان اتحذف عن قصد فعلاً، وواضح إنه جهة ما في البلد مش عاجبها البيان، اللي بينتقد "الصمت العالمي المريب ويستصرخ ضمير الإنسانية والقوى الفاعلة والمؤثرة" لإنقاذ آلاف الأبرياء من الجوع.

والحقيقة احنا مش فاهمين ليه الجهة دي ميعجبهاش البيان دا، هل دا زي ما بنقول كدا مش أكتر من "تفاهة القمع (الشر)"؟ وإلّا الجهات الأمنية قررت تقمع مشيخة الأزهر زي ما بتقوم بدورها في قمع التضامن الشعبي وحبس المتضامنين؟ وإلّا الجهة الأمنية قررت تحمي التواطؤ الدولي زي ما بتحمي العجز الإقليمي مثلاً؟

الحقيقة الموضوع ممكن يروح أبعد من خيالنا، خصوصاً وإنه في الفترة الأخيرة، وبسبب موقف الأزهر المشرف من الإجرام الإسرائيلي، كان فيه أصوات إسرائيلية خسيسة بتنتقده بل وبتطالب بإسكاته علناً، فهل دا له علاقة؟

نترك لكم هنا نص البيان المحذوف، من ناحية لإعادة الاعتبار لصوت مصري وعربي حكيم لازم يكون مسموع في فترة بهذه الخطورة والحساسية، وفي نفس الوقت فرصة للمصريين يفكروا ليه ممكن يتم حذف بيان زي دا...

نص بيان الأزهر المحذوف

يُطلق نداءً عالمياً ويستصرخ أصحاب الضمائر الحية للتحرك فورياً لإنقاذ أهل غزة من المجاعة القاتلة.

يُطلق الأزهر الشريف صرخته الحزينة ونداءه العالمي المكلوم، الذي يستصرخ به أصحاب الضمائر الحيَّة ‏من أحرارِ العالم وعقلائِه وحكمائِه وشرفائه مِمَّن لا يزالون يتألمون من وَخزِ الضمير، ويؤمنون بحرمة ‏المسؤولية الإنسانية، وبحقوق المستضعفين والمغلوبين على أمورهم وعلى أبسطِ حقوقهم في المساواة بغيرهم ‏من بني الإنسان في حياةٍ آمنة وعيش كريم، من أجلِ تحركٍ عاجلٍ وفوريٍّ لإنقاذِ أهل غزة من هذه المجاعة ‏القاتلة، التي يفرضها الاحتلال في قُوَّةٍ ووحشيةٍ ولا مبالاة لم يعرف التاريخُ لها مثيلًا من قَبل، ونظنه لن ‏يعرف لها شبيهًا في مستقبل الأيام. ‏

ويُعلنُ الأزهر الشريف أنَّ الضمير الإنساني اليوم يقف على المحكِّ وهو يرى آلاف الأطفال والأبرياء ‏يُقتَلون بدمٍ باردٍ، وأنَّ مَن ينجو منهم من القتلِ يَلْقَى حتفه بسببِ الجوع والعطش والجفاف، ونفاد الدواء، وتوقف المراكز الطبية عن إنقاذهم من موتٍ مُحقَّقٍ.

ويشدد الأزهر على أن ما يُمارسه هذا الاحتلال البغيض من تجويعٍ قاتلٍ ومُتعمَّد لأهل غزَّة المُسالمين، وهم يبحثون عن ‏كسرة من الخُبز الفُتات، أو كوب من الماء، ويستهدف بالرصاص الحي مواقع إيواء النازحين، ومراكز توزيع ‏المساعدات الإنسانيَّة والإغاثيَّة لهو جريمةُ إبادةٍ جماعيةٍ مُكتملة الأركان، وأنَّ مَن يمد هذا الكيان بالسلاحِ، ‏أو يُشجِّعه بالقرارات أو الكلمات المنافقة، فهو شريكٌ له في هذه الإبادة، وسوف يحاسبهم الحَكَم العدل، ‏والمنتقم الجبَّار، يومَ لا ينفعُ مال ولا بنون، وعلى هؤلاء الذين يساندونهم أن يتذكَّروا ‏جيدًا الحكمة الخالدة التي تقول: "أُكلنا يوم أُكِل الثور الأبيض" .

إنَّ الأزهر الشريف وهو يغالب أحزانه وآلامه، ليستصرخ القوى الفاعلة والمؤثرة أن تبذل أقصى ما تستطيع ‏لصدِّ هذا الكيان الوحشي، وإرغامه على وقف عمليات القتل الممنهجة، وإدخال المساعدات الإنسانية ‏والإغاثية بشكلٍ فوريٍّ، وفتح كل الطرق لعلاج المرضى والمصابين الذين تفاقمت حالتهم الصحية؛ نتيجة ‏استهداف الاحتلال للمستشفيات والمرافق الطبية، في انتهاك صارخ لكل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.‏

هذا؛ وإنَّ الأزهر الشَّريف ليبرأ أمام الله من هذا الصَّمت العالمي المُريب، ومِن تقاعسٍ دوليٍّ مخزٍ لنُصرةِ ‏هذا الشَّعب الأعزل، ومن أي دعوة لتهجير أهل غزة من أرضهم، ومن كل مَن يقبل بهذه الدعوات أو يتجاوب معها، ويحمِّل كل داعم لهذا العدوان مسؤولية الدماء التي تُسفك، والأرواح التي تُزهق، ‏والبطون التي تتضوَّر جوعًا في غزة الجريحة، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾.‏

هذا؛ وإنَّ الأزهر الشريف ليدعو كل مسلم أن يواظب على الدعاء لنصرة المظلوم بدعاء نبينا الذي تحصَّن ‏به: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَاب، ومُجْرِيَ السَّحَاب، وهَازِمَ الأحْزَاب، اهْزِمْهُمْ وانْصُرنا عليهم".

**

#الموقف_المصري
24-07-2025

مقالات من مصر

التفاوت الطبقي بين مصر و"إيجبت": أسبوعٌ في قتل المصريين..

أمنية خليل 2025-07-10

تنتج الحكومة المصرية مجدداً، وتعيد إنتاج أشكال التفاوت الطبقي، من خلال الاستثمارات المنحازة إلى "إيجبت"، والمنحازة إلى إعادة توزيع الثروة، وإفقار الشعب المصري، وإعادة توزيع الملكيات للأراضي والوحدات السكنية والطرق...