من موقع "العالم الجديد"، 12 -07- 2025
مع دخول العراق رسميا ضمن قائمة أكثر عشر دول مهددة بالعطش، نتيجة تفاقم أزمة الجفاف، واستمرار غياب المعالجات الحكومية الحقيقية، حيث لم تعد المشكلة مجرد نقص في الإطلاقات المائية، بل تهديد شامل للبنيتين البيئية والاجتماعية.
عضو مجلس محافظة ذي قار، أحمد الخفاجي، كشف، اليوم السبت، عن موجة نزوح من ست مناطق متضررة بسبب أزمة الجفاف الحادة التي تضرب المحافظة، مؤكدا أن جميع مناطق الأهوار دخلت فعليا ضمن الدائرة الحمراء.
وقال الخفاجي في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “محافظة ذي قار تتصدر قائمة المحافظات الأكثر تضررا من الجفاف، بالتزامن مع ذروة صيف 2025، حيث تم رصد نزوح مئات العوائل من مناطق ريفية، خصوصا مناطق الأهوار، بسبب التراجع الحاد في مناسيب المياه”.
وأضاف، أن “النزوح شمل حتى الآن ست مناطق، مع تزايد مستمر في أعداد العوائل المغادرة يوما بعد آخر، نتيجة نفوق الثروة السمكية وتضرر الثروة الحيوانية بفعل تفاقم أزمة الجفاف”.
وأكد، أن “جميع مناطق الأهوار باتت حاليا في وضع بالغ الصعوبة، مع تصنيفها ضمن الدائرة الحمراء للجفاف، وهو ما ينعكس سلبا على الحياة اليومية والمعيشية للسكان، خصوصا في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة”.
ودعا الخفاجي إلى “ضرورة تبني خارطة طريق واقعية لدعم المناطق المتضررة، لا سيما الأهوار، من خلال تأمين مياه الشرب وخلق فرص عمل بديلة تُمكّن السكان من الصمود في وجه تداعيات الجفاف”.
وتُعد أهوار ذي قار من أبرز المعالم البيئية والثقافية في العراق، وأُدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2016، غير أن هذه المناطق الرطبة تواجه منذ سنوات تهديدات متزايدة بفعل التغيرات المناخية، وتراجع كميات المياه الواردة من نهري دجلة والفرات، فضلا عن ضعف إدارة الموارد المائية داخل البلاد، والنزاعات الإقليمية حول تقاسم المياه.
وفي السنوات الأخيرة، تسارعت وتيرة الجفاف، ما أدى إلى انحسار كبير في المسطحات المائية، ونفوق كميات هائلة من الأسماك والجاموس، وهو ما أثّر بشكل مباشر على نمط الحياة التقليدي للسكان، خصوصا أولئك الذين يعتمدون على الصيد وتربية الحيوانات كمصادر رزق رئيسية.
وخلال الأيام الماضية أطلقت تركيا 420 مترا مكعبا في الثانية من المياه إلى العراق لشهرَي تموز يوليو، وآب أغسطس، إلا أن الانتقادات رافقتها حتى يومنا هذا، إذ كشف عضو لجنة الزراعية النيابية، ثائر الجبوري، في 9 تموز يوليو الجاري،أن الإطلاقات التركية للمياه جاءت مقابل منح شركات تركية أعمالا في مشروع طريق التنمية.
فيما أكد مرصد العراق الأخضر، في 8 تموز يوليو الجاري، أن المياه التي أطلقتها تركيا تجاه العراق لن تدوم أكثر من شهرين فقط، مؤكدا فقدان أكثر من 500 رأس جاموس خلال المرحلة الماضية بسبب الجفاف.
وقال وزير الموارد المائية، عون ذياب عبد الله، إن تركيا لم تنفذ حتى الآن التصاريف المتفق عليها سابقا والمحددة بـ420 مترا مكعبا في الثانية لشهرَي تموز يوليو، وآب أغسطس، مبينا أن مجموع الإطلاقات المائية من تركيا وسوريا باتجاه العراق يبلغ حاليا 353 مترا مكعبا في الثانية فقط، وهو أقل بكثير من الحاجة الفعلية المقدرة بـ600 متر مكعب لنهرَي دجلة والفرات.
وذكر عضو لجنة الزراعة النيابية، ثائر الجبوري، في 3 تموز يوليو الجاري، أن الإطلاقات الحالية من تركيا لا تمثل سوى 15% من الكميات المتفق عليها مع العراق خلال فصل الصيف، مؤكدا أن الأمن المائي في العراق يمر بمرحلة حرجة جدا.
وأجرى العراق وتركيا خلال السنوات الماضية الكثير من المفاوضات بشأن حصة البلاد العادلة من المياه، إلا أن نتائجها غالبا ما تكون مؤقتة أو مرتبطة بظروف سياسية، دون التوصل إلى اتفاقية ملزمة بشأن الحصص المائية، حيث تزداد المشكلة تعقيدا مع غياب سياسة مائية وطنية متكاملة، وتراجع الاستثمارات في تحديث شبكات الري والزراعة، إضافة إلى الهدر الكبير في استخدام المياه.
وتُعد مناطق الجنوب والفرات الأوسط الأكثر تضررا، حيث بدأت تظهر تداعيات الجفاف بشكل واضح من خلال الهجرة القسرية للسكان، وانخفاض الإنتاج الزراعي، وتهديد مصادر مياه الشرب.
وعلى الرغم من محاولات العراق الحثيثة لمعالجة ملف المياه، وآخرها زيارة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني إلى أنقرة ولقاؤه مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلا أن تلك الجهود لم تنجح حتى اليوم في إنهاء هذه الأزمة.
ويُعد ملف المياه في العراق من أبرز التحديات المزمنة التي تواجه البلاد، خصوصا في المناطق الجنوبية التي تعتمد بشكل رئيسي على الزراعة كمصدر للرزق.
وكشفت لجنة الزراعة والمياه النيابية، في 23 حزيران يونيو الماضي، عن تراجع الإيرادات المائية في نهري دجلة والفرات إلى مستوى دون 50%، فضلا عن انخفاض الخزين المائي في السدود الى النصف ايضا، داعية رئيس الوزراء، محمد السوداني لتفعيل الورقة التجارية للضغط على تركيا.
عندما تنتحر الأرض جزعاً ممن يحكمها
03-08-2023
وتشتد أزمة الجفاف في العراق على نحو غير مسبوق، بسبب قلّة هطول الأمطار خلال السنوات الماضية، نتيجة التغير المناخي، والسبب الثاني يعود إلى تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهري دجلة والفرات، بسبب سياسات مائية لإيران وتركيا.
ووفقا لتقرير صادر عن منظمة البنك الدولي، أنه بحلول العام 2040، سيكون العراق بحاجة إلى 233 مليار دولار، كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحا، فيما هو بصدد الشروع في مجال نمو أخضر وشامل، أي ما يساوي نسبة 6 بالمئة من ناتجه الإجمالي المحلي سنويا.