في جميع خطوط الطيران العربية، هناك بطاقة يتحتم عليك ملؤها. البطاقة فيها خانة تطلب منك بيانات عن جواز سفرك، رقمه ونوعه، عن اسمك، اسم أبيك واسم أمك، عن العنوان الذي ستنزل فيه. إلى أين تذهب هذه البطاقات؟
هذا سؤال مشروع. في الحقيقة، فهناك فكرة مرعبة تخطر لي في السفر، هناك شخص ذو قدرة جبارة على القراءة على كل خط طيران. هو مكلف بقراءة، لنقل مثلاً، مئة ألف بطاقة يومياً، ومقارنتها بالحقيقة. لا يفعل شيئاً في حياته غير قراءة بطاقات المسافرين وتسجيل بياناتها والتحقق منها. لا يتمكن من النوم. ولا الأكل ولا الشرب. يفتح البطاقة ومقابلها صورة من جواز السفر، ويبدأ في مقارنة المعلومات.
- طيب، لو افترضنا صحة هذا، هناك معلومات في البطاقة غير مدونة في جواز السفر، اسم الأم مثلاً، ماذا يفعل هذا الشخص ساعتها؟
- عادي جداً. يرسل إلى بلد المسافر يطلب منهم شهادة ميلاد المسافر، هكذا يتأكد من اسم أمه.
- وبالنسبة لعنوان الفندق الذي سينزل فيه؟
- هذا أيضاً عادي جداً. قارئ البطاقات يرسل سيارة وراء كل مسافر ليتأكد من نزوله في الفندق الذي كتب اسمه على البطاقة.
- سيارة وراء كل مسافر؟
- طبعاً. السيارات التي تمشي في الشارع ثلاثة أنواع: سيارتي، سيارات المسافرين، والسيارات السائرة وراء المسافرين. هذه معروفة.
- (يحك رأسه) صعب شوية تخيل هذا، صح؟
- (بإحباط) صح. لكن على الأقل هذا أسهل من تخيل كل هذه البطاقات، بعد كل العذاب الخاص بملئها، تُلقى في صفيحة المهملات. أن نتخيل أن هناك شخصاً يقرأ بطاقاتنا أفضل من أن نتخيل أنه ليس هناك شخص يقرأ بطاقاتنا.
- معك حق. هذه فكرة كئيبة جداً.
- (بانتصار) شفت بقى؟