التحليل النفسي للشعب المصري

لم يرض بعض المصريين بما آلت إليه أحوال البلاد والعباد، فنزلوا إلى ميدان التحرير رافعين لافتات عليها: «نداء إلى القوات المسلحة المصرية. أنقذونا من تجار الدين فقد فاض بنا الكيل».القوات المسلحة المصرية كانت تتناول غداءها في ذلك الوقت أمام التلفزيون. رأت اللافتة فقررت أنها كلها، عن بكرة أبيها، لا بد أن تنقذ البلاد من تجار الدين.نزل الجيش إلى شوارع مصر. جيشنا المخلص
2013-05-22

شارك

لم يرض بعض المصريين بما آلت إليه أحوال البلاد والعباد، فنزلوا إلى ميدان التحرير رافعين لافتات عليها: «نداء إلى القوات المسلحة المصرية. أنقذونا من تجار الدين فقد فاض بنا الكيل».
القوات المسلحة المصرية كانت تتناول غداءها في ذلك الوقت أمام التلفزيون. رأت اللافتة فقررت أنها كلها، عن بكرة أبيها، لا بد أن تنقذ البلاد من تجار الدين.
نزل الجيش إلى شوارع مصر. جيشنا المخلص الوطني لم يرض بأن يسيطر الإخوان على مقاليد الأمور، فنزل إلى شوارع مصر. حدث الانقلاب العسكري المأمول.
في اليوم التالي، كانت القوات المسلحة المصرية تتناول الغداء أيضاً أمام التلفزيون. رأت تظاهرة في ميدان التحرير ترفع لافتات: «نداء إلى تجار الدين، أنقذونا من القوات المسلحة فقد فاض بنا الكيل».
لأجل حل هذه المعضلة، قامت القوات المسلحة بالقبض على أفراد التظاهرة الأولى وسألتهم إن كانوا يمثلون الشعب المصري فأجابوا بـ«نعم». ثم قبضت على أفراد التظاهرة الثانية وسألتهم إن كانوا يمثلون الشعب المصري فأجابوا بـ«نعم». هكذا إذا، ليس هناك سبيل للشك. الشعب المصري نفسه لا يعرف ماذا يريد.
كان هذا مربكاً جداً. نظر قائد القوات المسلحة إلى أتباعه وسألهم عن سر تقلب مزاج الشعب المصري. قال إنه سمع عن الشعب المصري الكثير، سمع عن تردده وعدم قدرته على الحسم، ولكنه لم يتوقع أبداً أن يكون الأمر بمثل هذه السرعة. قال أحد الضباط، ويعمل طبيبا نفسيا، إن هذا يسمى في علم النفس الهستيريا، أو مرض التقلب من النقيض إلى النقيض. مط قائد القوات المسلحة شفتيه بعدم اهتمام وقال: «العيان يتعالج».
رد عليه الطبيب النفسي قائلاً إنه لا بد من مسايرة المريض النفسي في كل تقلباته حتى لا تنتكس حالته. اليوم ينادون بنزولنا، ننزل، غداً ينادون بخروجنا، نخرج. وهكذا حتى يشفى المريض.
وعندما تطوع ضابط آخر بالشرح إن هذا عادي جداً، ولا هستيريا ولا حاجة، فالشعب المصري يحوي أناساً مختلفين، وهذا طبيعي في كل شعوب الدنيا، هرش أفراد القوات المسلحة رؤوسهم، فغروا افواههم وقالوا بصوت واحد منغم: «هذا عجيب. شعب واحد ويختلف مع نفسه». أما الطبيب النفسي فقد قال بهدوء: «نعم، هذا مرض آخر. الشعب المصري منقسم على نفسه، وهذا يسمى في علم النفس بفصام الشخصية». أما قائد القوات المسلحة فمط شفتيه بعدم اهتمام وقال: «العيان يتعالج».
- وماذا سنفعل نحن سيادتك؟
- ولا أي شيء. سنتناول الغداء والتلفزيون مطفأ.