تطبيق «العفو العام» في العراق.. 200 ألف دولار للملف الواحد!

لا توجد إحصائية رسمية عن عدد السجناء في العراق، لكن أرقاما متضاربة تؤكد أنها تقارب مائة ألف سجين، يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي.
2025-05-15

شارك

العالم الجديد - بغداد 
2025-05-13

عاد قانون العفو العام، إلى دائرة الجدل بعد مرور نحو أربعة أشهر من إقراره، فبعد أن كان يُنتظر أن يمثل القانون خطوة نحو ترسيخ العدالة، وإنصاف المظلومين الذين زُجّ بهم في السجون بوشايات المخبر السري، أو بدوافع طائفية، أو تحت التعذيب، جاءت النتائج لتكرس واقعا مغايرا، بحسب مصادر عليمة.

ورغم إعلان مجلس القضاء الأعلى، اليوم الثلاثاء، إطلاق سراح أكثر من 19 ألف سجين ضمن “العفو العام”، كشفت مصادر مطلعة، عن وجود انتقائية في إطلاق سراح المسجونين، وذلك وفق مبالغ مالية معينة.

وقالت المصادر لـ”العالم الجديد”، إن “هناك تعاملا انتقائيا مع تطبيق قانون العفو العام، وذلك من خلال تغليب الاعتبارات السياسية والطائفية، على معايير العدالة والمساواة أمام القانون”.

وأضافت أن “الكثير من المحكومين في قضايا جنائية؛ مثل الفساد المالي والمخدرات، المشاجرات وجرائم القتل والثأر العشائرية، تم إخراجهم بعد تنازل المشتكي أو تسوية أوضاعهم بدفع الأموال أو عبر تدخلات عشائرية وسياسية”، مؤكدة أن “مجرد رفع ملف المحكوم إلى القضاء وصل إلى 200 ألف دولار”.

وأكدت أن “السجون تحولت إلى ميدان لتصفية الحسابات، فيما ما يزال الآلاف من السجناء الذين أدينوا وفق مبدأ المخبر السري قابعين في زنازينهم”.

وأعلن مجلس القضاء الأعلى، في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، إطلاق سراح أكثر من 19 ألف سجين ضمن “العفو العام”، فيما أكد استرجاع العراق مبالغ مالية ضخمة.

وذكر القضاء في بيان تلقته “العالم الجديد”، أن “رئيس المجلس فائق زيدان عقد، اليوم الثلاثاء، اجتماعا ضم نواب رئيس محكمة التمييز الاتحادية، بحضور كل من رئيس الادعاء العام، ورئيس هيئة الإشراف القضائي، وجرى خلال الاجتماع مناقشة نتائج تطبيق قانون تعديل قانون العفو رقم (27) لسنة 2016”.

ووجه زيدان، بحسب البيان، بـ “عقد اجتماع موسع للجان المختصة بتطبيق القانون، ومعالجة الإشكاليات والاجتهادات الناشئة عن ذلك، كما استعرض المجتمعون تقرير رئيس هيئة الإشراف القضائي عن نتائج تطبيق القانون من تاريخ 21 / 1 / 2025 ولغاية تاريخ 30 / 4 / 2025 حيث تبين أن عدد المطلق سراحهم بموجب القانون من المواقف والسجون من الموقوفين والمحكومين في جميع المحافظات (19.381) تسعة عشر الف وثلاثمائة وواحد وثمانون”.

وأضاف أن “العدد الإجمالي للمشمولين من المحكومين غيابيا، والمتهمين المكفلين، أو الصادرة بحقهم مذكرات قبض أو استقدام، بلغ (93.597) ثلاثة وتسعون الف وخمسمائة وسبعة وتسعون”.

وأشار إلى “استرجاع (11.941.456.992) مليار دينار، كذلك تم استرجاع (624.959) دولار امريكي و(770.000.000) ريال سعودي”.

وأكد النائب محمود القيسي، أمس الاثنين، أن عدد نزلاء سجن الحوت يتجاوز 12,800 نزيل، إلا أن عدد المُفرج عنهم بموجب قانون العفو العام لم يتجاوز الـ 45 نزيلا فقط، كما نقل “حالة أحد السجناء الذين تنازل ذوو المجني عليه عن حقهم بشكل رسمي، ورغم تقديمه طلب شمول بالعفو، إلا أن الرد عليه كان إما بالرفض أو التأخير، دون مبررات واضحة”، مؤكدا أن “كثيرا من الطلبات تُقابل بالرفض، أو لا تصل أصحابها أي إجابة”.

وكان رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، ناقش أمس الاثنين، مع وزير العدل، خالد شواني، والكادر المتقدم في الوزارة، آليات تنفيذ قانون العفو العام، والمعوقات التي تواجه تطبيقه، بالإضافة إلى أوضاع النزلاء داخل السجون.

وأنشغلت الأوساط المحلية والشعبية منذ أيام ، بانتشار مقطع فيديو، يُظهر لحظات عنيفة من داخل أحد أقسام سجن التاجي في العاصمة بغداد، وسط إهانات وصفت بالطائفية على النزلاء، مما أعاد فتح ملف السجون العراقية، وما تعانيه من تنكيل وتعذيب واكتظاظ.

فيما بررت دائرة الإصلاح التابعة لوزارة العدل، بأن أغلب الفيديوهات المنتشرة لتجاوز النزلاء على بعضهم “قديمة”.

ويبلغ عدد السجون في عموم البلاد 30 سجنا، تضم نحو 60 ألف سجين بين محكوم، وموقوف بجرائم جنائية أو إرهابية، ومن بين السجناء 1500 امرأة و1500 سجين عربي، إضافة إلى سجن آخر فدرالي يعرف بسجن “سوسة” في محافظة السليمانية ضمن إقليم كردستان العراق، وهو مرتبط بوزارة العدل الاتحادية.

ولا توجد إحصائية رسمية عن عدد السجناء في العراق، لكن أرقاما متضاربة تؤكد أنها تقارب مائة ألف سجين، يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين، وفق مراقبين.

ووجه مجلس القضاء الأعلى في العراق، في 21 شباط فبراير الماضي، دائرة السجون، بتنفيذ “إطلاق سراح فوري” لمن يصدر له قرار الإفراج وفق قانون العفو العام، من دون الحاجة إلى اكتساب القرار الدرجة القطعية.

وأطلق المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، في 14 شباط فبراير الماضي، تنبيها بشأن المشمولين بقانون العفو العام الذي أقره مجلس النواب مؤخرا، محذرا من احتمالية عودة بعض المفرج عنهم إلى الإجرام، أو عدم الانسجام الطبيعي مع المجتمع، إذا لم يتم تطبيق برامج معينة لهم قبل إطلاق سراحهم.

وتأتي هذه المخاوف في وقت شرعت المحاكم في المحافظات العراقية منذ 6 شباط فبراير الماضي، بتنفيذ قانون العفو العام، فيما كشفت مصادر في مجلس النواب، أن القانون سيشمل 57280 معتقلا ومن مختلف الجرائم التي أدرجت تحت يافطة القانون.

يذكر أن مجلس النواب العراقي، قد مرر في 21 كانون الثاني يناير الماضي، “قوانين جدلية” تشمل تعديل قانون العفو العام، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، وقانون إعادة العقارات لأصحابها في كركوك.

مقالات ذات صلة

وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له، نهاية العام الماضي، وفاة نحو 50 معتقلا نتيجة “عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة لحكومة بغداد”، مبينا أنّه ما بين يناير كانون الثاني الماضي وأغسطس آب الماضي توفّي 49 معتقلا، 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، وثمانية في سجن التاجي (شمالي بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى (شمال)، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.

وتعاني السجون العراقية من إهمال كبير، ومن غياب للدور الرقابي المنوط بالجهات الحكومية، خاصة تلك المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجري الحديث عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.

يشار إلى أن “العالم الجديد” قد كشفت في تقرير سابق لها عن الانتهاكات وإدخال الممنوعات لداخل السجون، حيث وصل سعر النقال 3.5 ملايين دينار والرصيد بـ7 أضعاف.

مقالات من العراق

بلد الجدائل المقصوصة

فؤاد الحسن 2025-03-03

كتب الفلسطينيون على أيدي أطفالهم أسماءهم، لئلا تضيع جثثهم، ويتعرّفون إليها بعد قصفهم، وهو ما فاتنا. كان علينا كتابة أسمائنا على عظامنا، فشمس آب جفّفتْ دماء أهلي في الجبل، وتحلَّلت...