عندما يُقال إنّ «النضال الالكتروني» أدّى دوراً مهماً في أحداث الثورة التونسية، فلا بدّ من أن يأتي موقع «نواة» في طليعة الوسائل الإعلامية الحديثة التي كان لها جزء من فضل في إسقاط نظام زين العابدين بن علي. هو موقع تأسس كمدوّنة جماعية في العام 2004، على يد مجموعة من الشباب الناشطين إلكترونياً يصرّون في نبذتهم التعريفية على أن موقعهم «مستقل بالكامل عن أي مؤسسة أو حزب أو مساعدة حكومية». وتُظهر الحِرَفية الالكترونية للقيمين على المشروع من خلال الـ69 ألفا و700 متابع على موقع «تويتر»، والـ125 ألف معجب على «فايسبوك».
من خلال مراجعة سجل عمل «نواة»، يمكن القول إنه كان شديد الفعالية في الثورة التونسية على أصعد عدة: أولاً، من خلال العمل الصحافي الميداني الناقل لأحداث الثورة لحظة بلحظة، والمحيط بقصّة منطقة سيدي بوزيد، والكاشف للحقائق التي أنزلت إلى الشوارع مَن كان لا يزال متردداً في خياره، وثانياً عبر تخصيص الموقع صفحة مفصلة لما ورد في وثائق «ويكيليكس» حول تونس، والتي فضحت الملف الأسود لفساد سلطة زين العابدين بن علي وحاشيته... هي فضائح ساهمت في تحريك التونسيين ابتداءً من 17 كانون الأول/ديسمبر 2010 حتى سقوط النظام في 14 كانون الثاني/يناير 2011. كما أدّى «نواة» دوراً «ثورياً» في مجال تثقيف رواد الانترنت حول سبل تفادي الرقابة الأمنية على الفضاء الالكتروني.
ونتيجةً لجهوده خلال الانتفاضة التونسية، نال الموقع ثلاث جوائز أجنبية في العام 2011، هي: The Reporters Without Borders Netizen Prize، و The Index on Censorship Award، و The EFF 2011 Pioneer Award.
وقد تكون إحدى أبرز محطات «نواة»، رفض القيّمين عليه تسلُّم «الجائزة العربية للمحتوى الالكتروني» عام 2011 من الحكومة البحرينية انطلاقاً من اعتراضهم على القمع البحريني الممارس على حرية النشر الالكتروني وإغلاق المواقع والمدونات المعارضة في البلاد، وسجن ناشطي حقوق الإنسان.
لدى «نواة» قناة على موقع «يوتيوب» غنية جداً بموادها المصوَّرة التي يعدّها فريق عمل الموقع التونسي حول كل ما يتعلق باهتمامات «نواة».
ووجد القيّمون على «نواة» الحلّ السحري لأزمة اللغة التي تعانيها معظم وسائل الإعلام المغاربية، في ظلّ تنازع الكتّاب والقراء بين اللغتين العربية والفرنسية. لذلك، قرّرت «نواة» النشر باللغات الثلاث معاً، العربية والفرنسية والانكليزية، وفق أفضلية كاتب المادة... تعدد لغات يعكسها لوغو الموقع المركّب فنياً من كلمة «نواة» بالحروف العربية واللاتينية.
من النقاط التي تميّز طريقة عمل «نواة»، اعتماد كتّابها على تقنيات الصحافة الاستقصائية، والاعتماد على الوثائق وكشفها (لذلك قد تكون زاوية investigations and leaks هي الأبرز في الموقع)، والتركيز على التحقيقات الميدانية، وجمع شهادات المعنيين بالملف المعالَج.
«نواة» بدأت مدوّنة جماعية، لكنها اليوم لا ينقصها الكثير لتصبح صحيفة إلكترونية مكتملة العناصر، بدليل شمولية أقسامها، من «الرأي» إلى «الاقتصاد» فـ«العالم» و«الحقوق» و«السياسة» و«المجتمع والبيئة» و«الميديا» و«الثقافة»...
مراكز أبحاث
«نواة»: إلكترونيّة تونسية استقصائية... وثوريّة
عندما يُقال إنّ «النضال الالكتروني» أدّى دوراً مهماً في أحداث الثورة التونسية، فلا بدّ من أن يأتي موقع «نواة» في طليعة الوسائل الإعلامية الحديثة التي كان لها جزء من فضل في إسقاط نظام زين العابدين بن علي. هو موقع تأسس كمدوّنة جماعية في العام 2004، على يد مجموعة من الشباب الناشطين إلكترونياً يصرّون في نبذتهم التعريفية على أن موقعهم «مستقل بالكامل عن أي مؤسسة أو
2013-05-08
شارك
