غزّة وأيديها.. وأيدينا الفارغة

أنه وقت شقشقة الفجر والكائناتُ سكوت... وإنها الإبادة من جديد. هكذا أعلن برابرة الزمن. "نستأنف"، قالوا، كأنهم ملّوا يوماً من دم أطفالنا وخيرة شبابنا ونسائنا ورجالنا وشوخنا. و"استأنفوا" الإبادة.
2025-03-20

شارك
أيدي الأمهات تمتدّ إلى جسدٍ لم تعد تقدر على احتضانه.
إعداد وتحرير: صباح جلّول

إنه شهر رمضان 1446 هجري، 2025 ميلادي.

مضى شهران على إعلان وقف إطلاق النار في غزّة، بعد عام وثلاثة شهور من الإبادة المتواصلة.

مضى شهران على "وقف إطلاق النار" الذي لم تتوقف فيه النار لحظة واحدة، إلّا بشكلها القديم الذي كان يحصد الأرواحَ جملةً، فصار يحصدها – لبرهةٍ - فرادى.

إنه وقتُ السحور في رمضانٍ غزّيّ حزين، فجر الثامن عشر من آذار/مارس 2025. عيد الأمّ بعيد يومين أو ثلاث...

أنه وقت شقشقة الفجر والكائناتُ سكوت...

وإنها الإبادة من جديد. هكذا أعلن برابرة الزمن. "نستأنف"، قالوا، كأنهم ملّوا يوماً من دم أطفالنا وخيرة شبابنا ونسائنا ورجالنا وشوخنا. و"استأنفوا" الإبادة.

إنه زمن إبادات. زمن الوحش. زمن البذاءة.

قتلوهم نياماً، كثراً، في الخيام والغرف المهترئة، بين صومٍ وصوم.

قتلوا أطفالاً اشتروا ثياباً للعيد القادم. عيد ما-بعد الحرب؟

قتلوا كثيراً، ويقتلون. 436 شهيداً، 678 مصاباً جريحاً، 170 طفلاً، 80 امرأة... أو أرقام تزيد وتنقص ولا تعود تهمّ.

قتلوا نفساً، فكأنّما قتلوا الناسَ جميعاً.

*****

أمسكَت غزّة بكلتا اليدين على فرصة جديدة لتعيد الحياة، ونهب الوحوش الحياة من بين اليدين. الآن نسأل، كيف تعيد إلى أيدينا أشياءها وأعمالها الأخرى؟ كيف نستعيدها من الموت؟...

"عشرون خنزيراً مجنزراً...
يرعون، في خرائب التل الشمالية
مروا ثقالاً،
وعلى مهلٍ
فهدموا بيتي
وقتلوا أهلي
عشرون خنزيراً خرافياً
جاءوا قبيل الفجر للتلّ
ورحلوا في أخر الليل
لم يتركوا في البيت
إلا الصمت
وقمراً للموت...."*

يدٌ تبكي ويدٌ تشكي. يدٌ تحضن، يدٌ تضمر..
يدٌ تندب، يدٌ تُفجع، يدٌ تجزع...
يدٌ تسند، يدٌ تنهدّ، يدٌ تمسح..
ويدٌ تثكلُ بضفيرة. ضفيرة صغيرة.

______________________

* من قصيدة "قمر من دم" للشاعر العراقي يوسف الصائغ، كتبها عن مجزرة ملجأ العامرية في بغداد (1991)، وضَمّنت كتاباً لقصائد عن المجازر الصهيونية في صبرا وشاتيلا وتل الزعتر، والآن نستحضرها في إبادة غزّة. فما أكثر هذا الموت!

مقالات من فلسطين

العودة الثانية..

2025-10-16

"لم يكن ينبغي أن يعيش الغزيّون كل هذا – ولا لأحد أن يعيش مثله. لكن إذا فُرِض علينا هذا الأمر، فسنعود كما ينبغي لنا، برؤوس مرفوعة، جاهزين لما سيأتي، عائدين....

أسطول الصمود: لم تنتهِ المهمّة

2025-10-09

أعاد أسطول الصمود الاعتبار لفكرة تجهد الحكومات والمؤسسات والقوى المتسلطة على حياة البشر على إبعادها عن وعينا، ألا وهي أن بإمكاننا أن نأخذ الأمور على عاتقنا ونتصرف كأفراد وشعوب، بصفتنا...