"دمنهور": الازدهار والتدهور

فقدت "دمنهور" في أقل من عقدين من الزمن كل ما كان يميزها على المستوى الاقتصادي، مع تراجع الصناعات المهمة. ارتفعت معدلات البطالة في المدينة، وصار المشروع الأبرز هو "المقهى"، حيث يتكدس الآلاف من أبناء المدينة المتبطِلين بالفعل، أو هؤلاء الذين يعملون في أعمال لا تكفي حاجاتهم الأساسية. فيما انتشرت مافيا المقاولات من الأغنياء، الجدد الذين عمدوا إلى تغيير الخريطة المعمارية للمدينة واستبدالها بتلك الأبراج المتطاولة، التي تنسف كل ما تبقى من ذاكرة المدينة القديمة.
2025-03-17

ممدوح عبد المنعم

كاتب، من مصر


شارك
كان يتوسط مدينة دمنهور، على مساحة 7 آلاف متر، في ميدان الشهداء ("النافورة")، أقدم محالج مصر، وكان يضم أكثر من 70 دولاباً لحلج القطن، من الموديلات الإنجليزية القديمة.

تعرضت "دمنهور"[1] لتحولات اجتماعية وثقافية عنيفة، أعادت ترتيب أوضاع سكانها، فأزاحت بخشونة كثيراً من الأنماط الاقتصادية والحياتية، التى سادت عقوداً طويلة، ونحّت إلى غير رجعة الأدوات والأنشطة الاقتصادية العديدة القائمة فيها، ونحّت معها كثيراً من الأسر والأسماء والتقاليد والأنساق الاجتماعية.

من بين عددٍ من مدن "دلتا مصر"، كان ثمة ما يميز "دمنهور" اقتصادياً عن سواها. وعلى كثرة الأنشطة الاقتصادية التى صنعت تكوينها الحضري كما يليق بمدينة كبيرة عرفت الازدهار لقرون عديدة ممتدة بغير انقطاع، فقد تميَّزت "دمنهور" بثلاثة أنشطة محورية كانت علَماً ودليلاً لفهم اقتصاد المدينة، وانعكاسات ذلك الاقتصاد على الأوضاع الاجتماعية والثقافية للسكان.

ريادة مبكرة فى صناعة حلج القطن

في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، عمل جدي موظفاً فى أحد محالج القطن العديدة التى اكتظت بها المدينة. تحددتْ وظيفته فى فرز عينات القطن الواردة إلى المحلج لمعرفة "رتبتها"، وهي الدرجة التى تتحدد بطول التيلة، وجودة ونظافة القطن، والتي كانت تُحدِّد فى النهاية سعر القطن، الذى يجب أن يدفعه المحلج إلى المزارع. وكانت تلك مهارة نادرة تستلزم خبرة طويلة ومراناً مستمراً. أتذكر جدي وهو يجلسني إلى جانبه، ويستخرج عينات قطن عديدة من حافظة جلدية كبيرة، ثم يمسك بقطعة القطن بين قبضتيه، ويقوم بشد أنسجتها برفق ليبيِّن لي كم تمتد تيلة القطن التي تحدد رتبته. ومنه علمت أن تلك الرتب تتدرج إلى سبع درجات، تبدأ بـ"إكسترا"، وتنتهي بـ"فير".. أتذكر أننى كنت أشعر بالفخر، عندما أقوم بتلاوة تلك الرتب أمام رفاق الحضانة، وكأنها نشيد مقدّس لا يعرفه غيري.

بدأ التراجع اولاً في صناعة القطن، فانحدرت المساحة المزروعة من 2 مليون فدان، كانت تنتج في فترة الخمسينيات والستينيات أكثر من 25 في المئة مِن إجمالي القطن طويل التيلة على مستوى العالم، إلى 337 ألف فدان في موسم زراعة عام 2023، بعدما تخلّت الدولة عن دعم الفلاح، وشراء القطن بالسعر الذي يشجعه على زراعته، لاسيما وأن محصول القطن يحتاج إلى عماله كثيفة، مرتفعة الأجر.

كان لدمنهور نصيب الأسد من محالج القطن، التى مثّلت أحد أهم مرتكزات الاقتصاد منذ أن دخلت تلك الصناعة إلى المدينة، مع بداية القرن العشرين، وحتى انطمرت أو كادت. وفي تلك المحالج، عمل الآلاف من أبناء المدينة والقرى المحيطة. بل عرفت المدينة توافد كثير من أبناء "الصعيد" للعمل في تلك المحالج.

وعلى الرغم من أن المئات من "دواليب" الحلج الهادرة قد وضعت "دمنهور" كواحدة من أكثر مدن العالم تصنيعاً في ذلك الحين، إلا أن توزيع عوائد ذلك التصنيع كانت متعسفة وغير منصفة.

فالبلاد التي كانت خاضعة لاحتلال أجنبي، يضع زراعة القطن على رأس أولوياته، فتتم زراعة مساحات شاسعة مملوكة لإقطاعيين مصريين، بأعلى درجة من الصرامة والتنظيم، ثم حلج ذلك القطن في محالج مملوكة لأعيان وأثرياء مصريين، من أجل شحنه إلى المصانع الإنجليزية، لإعادة تصديره إلى مصر، والعالم، على شكل منتجات قطنية هي الأجود بلا منازع. في نهاية الأمر، كانت جيوب هؤلاء متخَمة، فيما ظل العمال والموظفون وصغار المزارعين الذين تقوم على كواهلهم تلك الصناعة المهمة والاستراتيجية، واقفين على حد الكفاف.

اختلفت الحال بدرجة ما بعد قيام "ثورة يوليو" 1952، وإن ظلّت أحوال العمال والموظفين في حاجة دائمة إلى إعادة النظر والإنصاف.

من بين عدد من مدن "دلتا مصر"، كان ثمة ما يميز "دمنهور" اقتصادياً عن سواها. وعلى كثرة الأنشطة الاقتصادية التى صنعت تكوينها الحضري كما يليق بمدينة كبيرةعرفت الازدهار لقرون عديدة ممتدة بغير انقطاع، فقد تميَّزت "دمنهور" بثلاثة أنشطة محورية كانت علَماً ودليلاً لفهم اقتصاد المدينة، وانعكاسات ذلك الاقتصاد على الأوضاع الاجتماعية والثقافية للسكان.

كان لدمنهور نصيب الأسد من محالج القطن، التى مثّلت أحد أهم مرتكزات الاقتصاد منذ أن دخلت تلك الصناعة إلى المدينة، مع بداية القرن العشرين، وحتى انطمرت أو كادت. وفي تلك المحالج، عمل الآلاف من أبناء المدينة والقرى المحيطة. بل عرفت المدينة توافد كثير من أبناء "الصعيد" للعمل في تلك المحالج. 

أخبرتني جدتي أن مرتب جدّي – وكان عمله مهماً وحساساً – كان ستة جنيهات، كافية بالكاد لإعالة أسرة مكونة من ثمانية أفراد، مع الاستعانة ببعض الصبر والمداراة والحيل الذكية في تدبّر أمور المعيشة، من الطعام والملبس ومصروفات التعليم.. تجاوزوا الأمر بغير مرارة، في ظل غياب التطلعات إلى فرص معيشية أفضل، وانعدام الأمل في الترقي الاجتماعي والاقتصادي. فأصحاب المحالج والمزارع الشاسعة، هم أعضاء مجالس النواب، والأثرياء، تحف بقصورهم وفللهم، من كل الجهات، البيوت المتواضعة الصغيرة لبقية السكان الذين لا يطمحون بأية درجة في تغير الأحوال أو تبدّل الظروف... باستثناء تلك الطفرات التى كان يصنعها التفوق الدراسي، أو العصامية التجارية، التي كانت تسمح لصاحبها بالصعود درجة أو درجتين في التراتبية الاجتماعية المحسومة سلفاً.

ثمة أيضاً ما جعل الحياة محتملة حينها، وتمضى قدماً على أية حال في ظل ضعف الموارد، ومحدودية السلع والخدمات المتاحة. فلم يتعرض الناس وقتها لهذا الطوفان الكاسح من السلع البراقة، التي تحاول اجتذابهم من كل ناحية كي تحثهم على الإنفاق. لم تعرف تلك الأسر ذلك الأسى الممضّ الذي يعانيه الفقراء الآن، بسبب الإعلانات التي تضغط على فقرهم بلا هوادة. كطفل، كنت أذهب إلى محلات البقالة فلا أجد إلا بضعة أصناف من البسكويت والحلوى، لا تكاد تملأ رفّاً صغيراً في دكان البائع.

وعلاوة على ذلك، كانت ثقافة "التدوير" منتشرة، ونمطاً سائداً في حياة الناس، تعمل على تقليل الهدر، وتستفيد من كل ما يمكن الاستفادة منه. وكما يقول الدكتور "عبد الوهاب المسيري"، الدمنهوري المولد والنشأة: " فالمجتمع الدمنهوري، شأنه شأن المجتمعات التقليدية، يرفض التبديد، ويقدِّر "نعمة الله". كنا إذا سرنا ووجدنا قطعة من الخبز على الأرض، علينا أن نلتقطها، وبعضنا كان يقبِّلها ثلاث مرات قبل أن يضعها بجوار الحائط حتى لا يدوسها أحد بقدمه. وكانت خبرات "التدوير، قوية جداً في المجتمع، فكان لا يُلقى إلا بأقل القليل في سلة المهملات، أما بقية الأشياء فكان يتم تدويرها.. أوراق الجرائد، علب الأكل المحفوظ، قشر البطيخ ولبه، بقايا الطعام... كل شئ كان يمكن إعادة توظيفه[2].

سجاد "دمنهور": علامة تجارية كبيرة ومنتشرة

منذ أوائل الستينيات من القرن الفائت، ولعقود عديدة، تميزت "دمنهور"، إلى جانب محالجها الضخمة العديدة، بإنتاجها الفاخر والمتميز من "سجاد دمنهور" الذي صار علامة تجارية مشهورة وفائقة الجودة. بُني المصنع الضخم في جنوب المدينة بقرار من الرئيس "جمال عبد الناصر"، مستوعباً المئات من العمال والموظفين. واستطاع إنتاجه أن يتربع على عرش صدارة إنتاج السجاد في مجمل المنطقة، وعرفت منتجاتة الطريق إلى الأسواق العالمية، وصار للشركة فروع فى كل محافظات مصر، وبعض العواصم العربية والأوروبية.

"خرّاطون" متميزون ورواد

بالتوازي مع محالج القطن، ومصنع السجاد الضخم، انتشرت في كل أنحاء المدينة ورش خراطة المعادن، التي كانت "دمنهور" واحدة من روادها على مستوى البلاد. وازدهرت إلى حد بعيد تلك الصناعة التى بلغت ذروة تناميها حين منعت الدولة استيراد بعض قطع الغيار من الخارج، والاعتماد على الإنتاج المحلي، فقامت تلك الورش بتصنيع كل ما يلزم لإدارة ماكينات الري، وقطع وأجزاء الآلات الزراعية العديدة، وماكينات طحين القمح، ومضارب الأرز. وصارت المدينة سوقاً صناعية لتصدير تلك الأجزاء الحيوية الى المحافظات المجاوِرة، فأثرى كثير من هؤلاء الصناع، وقاموا بتعليم وتأهيل المئات من العمال المهرة، الذين استكملوا مسيرة الحرفة حتى حين.

مدخل مدينة دمنهور في الستينيات

لم تعرف "دمنهور" البطالة قط، وقدّرت وقدّست قيمة العمل، فتميز حرفيوها بالمهارة والدقة، وتميز تجّارها بالوعي والحذر، وسادت لزمن طويل مقولة: "ألف نوري ولا دمنهوري"، التي حملها البعض على أن "الدمنهوري" لا يسهل خداعه أو التلاعب به، نظراً لباعه الطويل في التعامل مع كمائن التجارة وألاعيب السوق، وتفوقه في ذلك على "النوري"، الذى اشتهر بألعاب الخفة والخداع.

كانت ثقافة "التدوير" منتشرة، ونمطاً سائداً في حياة الناس، تعمل على تقليل الهدر، وتستفيد من كل ما يمكن الاستفادة منه. وكما يقول الدكتور "عبد الوهاب المسيري"، الدمنهوري المولد والنشأة: "فالمجتمع الدمنهوري، شأنه شأن المجتمعات التقليدية، يرفض التبديد، ويقدِّر "نعمة الله".

وربما يكون أحد أسباب مهارة حرفيي المدينة وجودة إنتاجهم، هو قيام محافظ البحيرة النابه، "وجيه أباظة"، مستهل ستينيات القرن الفائت، بإنشاء ورش "التدريب المهني"، التي قامت بتأهيل المئات من العمال على أعمال صناعة: الأثاث، والأحذية، والبناء، والسباكة، والنجارة... تأهيلاً علمياً صارماً، ومدروساً، حتى استقل كل عامل من هؤلاء، فيما بعد، بورشته الخاصة، التى قدّم من خلالها عملاً يحترم حق الناس في الحصول على خدمة جيدة، تتلاقى فيها مهارة الحرفي مع إبداع الفنان. قام أحدهم بصناعة غرف نوم والدّي، التي لا تزال ـ بعد أكثر من ستين عاماً ـ قطعة من الفن الرفيع لا يبليها الزمن.

التدهور

منذ منتصف الثمانينيات تقريباً، بدأ التراجع التدريجي في كل أوجه الأنشطة الاقتصادية التي تميزت بها المدينة.

بدأ التراجع أولاً في صناعة القطن، فانحدرت المساحة المزروعة من 2 مليون فدان، كانت تنتج في فترة الخمسينيات والستينيات، أكثر من 25 في المئة مِن إجمالي القطن طويل التيلة على مستوى العالم، إلى 337 ألف فدان في موسم زراعة عام 2023، بعدما تخلّت الدولة عن دعم الفلاح، وشراء القطن بالسعر الذي يشجعه على زراعته، لاسيما وأن محصول القطن يحتاج إلى عماله كثيفة، مرتفعة الأجر. ومع تراجع زراعة القطن، تدهورت محالجه، وانخفض إنتاجها إلى حدوده الدنيا، وتدهور معه كل ما يتعلق بهذه الصناعة الاستراتيجة المهمة، وفقدت مصر مكانتها كأهم بلد في إنتاج وتصدير القطن طويل التيلة.

وفى ظل المنافسة مع مصانع السجاد الخاصة، تعرض "مصنع دمنهور" المشهور إلى حال من الكساد التي بدا أنها متعمَّدة لصالح القطاع الخاص، وتمّ طرح فكرة بيع المصنع في مستهل التسعينيات من القرن الماضي. ولكن الدولة – تحت ضغط العمال - استبدلتها بضم المصنع إلى "هيئة الأوقاف المصرية"، ليقوم المصنع حينها بتصنيع السجاد والموكيت اللازم للمساجد. ولكنه لم يلبث أن تعرض لتدهور شديد فى الإنتاج، نتيجة سوء اختيار قياداته، الذين فوّتوا الفرص المواتية لمنافسة القطاع الخاص، والنهوض بإنتاج المصنع. وانعكس ذلك على مرتبات وأجور العمال. ويؤكد كثيرٌ من عمال المصنع أن هيئة الأوقاف "تخطط لوقف العمل في المصنع، والاستفادة مادياً من بيع الأصول"[3].

وفي ظل غزو البضائع الصينية الرديئة للأسواق المصرية، تراجعت كثيرٌ من ورش الخراطة، وتقلص عددها فى "دمنهور"، حتى كاد أن يُعدّ على أصابع اليد الواحدة، واضطر كثيرٌ من صنَّاعها المهرة إلى البحث عن مصادر رزق بديلة.

انتشرت في كل أنحاء المدينة ورش خراطة المعادن، التي كانت "دمنهور" واحدة من روادها على مستوى البلاد. وازدهرت إلى حد بعيد تلك الصناعة التى بلغت ذروة تناميها حين منعت الدولة استيراد بعض قطع الغيار من الخارج، والاعتماد على الإنتاج المحلي، فقامت تلك الورش بتصنيع كل ما يلزم لإدارة ماكينات الري، وقطع وأجزاء الآلات الزراعية العديدة، وماكينات طحين القمح، ومضارب الأرز.

في مستهل ستينيات القرن الفائت، قام محافظ البحيرة النابه، "وجيه أباظة" ، بإنشاء ورش "التدريب المهني"، التي أهَّلت المئات من العمال على أعمال صناعة: الأثاث، والأحذية، والبناء، والسباكة، والنجارة... تأهيلاً علمياً صارماً، ومدروساً، حتى استقل كل عامل من هؤلاء، فيما بعد، بورشته الخاصة التى قدّم من خلالها عملاً يحترم حق الناس في الحصول على خدمة جيدة 

توقفت ورش التدريب المهني عن عملها في نهاية السبعينيات، وظلت أطلال الورش قائمة بلا وظيفة، حتى هُدمت منذ عدة سنوات، بدون أي تفكير في إحياء الفكرة أو تطويرها، خاصة في ظل انتشار الرداءة والاستسهال والتسرع في أوساط الحرفيين الجدد .

فقدت "دمنهور" في أقل من عقدين من الزمن كل ما كان يميزها على المستوى الاقتصادي، مع تراجع تلك الصناعات المهمة، وعدم وجود بدائل على الدرجة نفسها من القوة والتأثير، وتراكم عليها ما تراكم على الوطن كله من زيادة معدلات التضخم، وتفاقم الكساد، وفقدان البوصلة الاقتصادية الرشيدة، وتفشي الفساد، فارتفعت معدلات البطالة في المدينة، التى لم تعرف البطالة قط، وصار المشروع الأبرز، في جملة مقترحات المشروعات المطروحة لكل من يريد الاستثمار هو "المقهى".. حيث يتكدس الآلاف من أبناء المدينة المتبطِلين بالفعل، أو هؤلاء الذين يعملون في أعمال لا تكفي حاجاتهم الأساسية. فيما انتشرت مافيا المقاولات من الأغنياء الجدد، الذين عمدوا إلى تغيير الخريطة المعمارية للمدينة واستبدالها بتلك الأبراج المتطاولة، كي يتم نسف كل ما تبقى من ذاكرة المدينة القديمة.

في رحلة التدهور تلك، حل محل الإقطاعيين وكبار الصناع، أغنياء جدد، ليس لديهم أدوات إنتاج أو مشروعات تصنيع أو أراضي زراعية. وتصدر المشهد مجموعة من "رجال الأعمال"، الذين لا يعرف أحد كيف تمكَنوا من جمع ثرواتهم، وما هي، بالضبط طبيعة الأنشطة التي يمارسونها.

في شارعنا، لا يزال المحلج قائماً، يرسم جداره القديم معالم طفولتي، التي ارتبطت كلها بهديره الذي كان يهز المنازل المجاورة، وينثر ندف القطن الخفيفة، فتعلق بكل شيء في منزلنا. لا أزال أتذكر، وأنا أقف في شرفة منزلنا أراقب حركة العمال الدؤوبة وهم يحملون القطن بين أيديهم ويضعونه في دواليب الحلج. لا يزال المحلج قائماً إلى الآن، يحمل لافتته الكبيرة: "الشركة العربية لحليج الأقطان"، بينما لم يعد ثمة حليج أو أقطان أو عمل...

______________________

  1. حوالي 400 ألف نسمة حالياً
  2. "رحلتى الفكرية في البذور الجذور والثمر" - عبد الوهاب المسيري - الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، عدة طبعات، آخرها عن دار الشروق، 2008م.
  3. جريدة "الوطن" - 13 كانون الثاني/ يناير 2018 - "انهيار صناعة سجاد دمنهور بفعل فاعل":https://www.elwatannews.com/news/details/2957578

مقالات من مصر

تجوع ليحيا... إلى متى؟

2025-02-20

"ما لقيتش طريقة أحلّ بيها هذه الأزمة غير هذا الإضراب عن الطعام، اللي أنا مصرة أنه يستمرّ، لحين ما علاء يتم الافراج عنه، أو لحين ما صحتي تنهار تماماً"، تقول...

للكاتب نفسه