العنف المدرسي في تونس: الظلم والعدالة وتهاوي السلطات الرمزية

تشهد المؤسسات التقليدية للمجتمع التونسي، تهاوياً متسارعاً منذ ثمانينيات القرن الماضي، أي منذ تشابك الاقتصاد المحلي مع اقتصاد السوق المعولَم، الذي فرض مطالبات تتعلق بتغيير دور المدرسة، من مؤسسة توكَل إليها مهمة الاندماج الاجتماعي، وتمرير قيم إيديولوجيا دولة الاستقلال، إلى "ساحة" لصراعات تعكس إعادة توزيع غير متكافئ للموارد والسلطة داخل المجتمع. وهكذا فالعنف صار أحد التعبيرات عن أزمة عميقة، يتقاطع عندها الشعور بفقدان المعنى، مع غياب آليات التوجيه والضبط الاجتماعي، التي كانت توفرها المدرسة والأسرة على حد سواء.
2025-02-27

فؤاد غربالي

باحث في علم الاجتماع، من تونس


شارك
نضال الشامخ - تونس

صارت مسألة " العنف المدرسي" في تونس تأخذ حيزاً واسعاً من النقاش، يدور أغلبه في وسائل الإعلام حول المسألة التربوية، ومستقبل المدرسة بشكل عام، وذلك بسبب حوادث العنف المتكررة في الفضاءات المدرسية، حيث تشير إحصائيات وزارة التربية سنة 2022، إلى أن الوسط المدرسي يسجِّل سنوياً بين 13 ألف و21 ألف حالة عنف، خاصة في المدارس الإعدادية والمعاهد. وتشير إحصاءات أخرى إلى أنه وقع تسجيل 24 ألف حالة عنف في المؤسسات التربوية، مما وضع تونس في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث انتشار هذه الظاهرة ، كما شهدت الفترة بين عامي 2023 و2024 زيادة بنسبة 19 في المئة في حالات العنف داخل الوسط المدرسي.

لا تعكس هذه المؤشرات حالة أزمة ظرفية أو حالة توعك تمر بها المدرسة التونسية، الأمر الذي تذهب إليه غالباً الخطابات النقابية المحافِظة ووسائل الإعلام، بل تكشف أساساً عن تحولات وديناميات عميقة مسّت المؤسسات التقليدية للمجتمع التونسي، التي تشهد تهاوياً متسارعاً منذ ثمانينيات القرن الماضي، أي في تلك الفترة التي تشابك فيها الاقتصاد المحلي مع اقتصاد السوق المعولم، الذي فرض مطالبات تتعلق بتغيير دور المدرسة من مؤسسة توكَل إليها مهمة الاندماج الاجتماعي وتمرير قيم إيديولوجيا دولة الاستقلال، إلى "ساحة" لصراعات تعكس إعادة توزيع غير متكافئ للموارد والسلطة داخل المجتمع، على نحو عزز سيرورة الفردنة داخل الفضاء المدرسي، كظاهرة كان من استتباعاتها إضعاف الروابط الاجتماعية التي كانت تضبط العلاقات داخل المؤسسات التربوية حيث لم يعد التلاميذ يرون في المدرسة سلطة أخلاقية أو رمزية ، بل مجرد فضاء يمرون به إجبارياً ضمن مسار فردي، يعوزه الأمل والأحلام. ويتم هذا الأمر بالتوازي مع تصدعات عميقة تمس مؤسسات أخرى، على غرار العائلة والدولة، وكل شبكات التضامن المرتبطة بهما، حيث يبرز في السياق التونسي شعور لدى الأفراد أنهم في حالة ''عراء"، وأن كل أطر الأمان الاجتماعي بصدد التهاوي. في ظل هذا التحول، يصبح العنف أحد التعبيرات عن أزمة أعمق، حيث يتقاطع الشعور بفقدان المعنى مع غياب آليات التوجيه والضبط الاجتماعي، التي كانت توفرها المدرسة والأسرة على حد سواء.

المعلم: نهاية النبوة

بنتْ دولة الاستقلال إيديولوجيتها المتعلقة بالتعليم على "رسولية المعلم"، ووضعته في مصاف الأنبياء، وهو تقديس لا يرتبط فقط بمجرد تعبيرات التبجيل، أي ليس لفظياً فحسب، بل هو في الأساس انعكاس لمكانة اجتماعية تُطابِق بين المعلم والسلطة المعرفية والأخلاقية، فتوكَل إليه مهمة تشكيل الأجيال وصناعة المجتمع. المعلم كان جزءاً من مشروع أكبر يتعلق بتحديث المجتمع. لكن مع تهاوي "المشروع الوطني"، وتآكل العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع، صار المعلم يواجه محنة مزدوجة: اضمحلال سلطته الرمزية، وتراجع الاعتراف الاجتماعي بوظيفته، وذلك لأن الأفراد، في سياق المجتمع التونسي الحالي، خاصة في المدن الكبرى، توقفوا عن صياغة هوياتهم من خلال الأطر والمرجعيات الجماعية التقليدية، التي كانت تمنح المعلم موقعه الاعتباري، والتي لم يتم تعويضها بأطر جديدة، مما خلق حالاً من "اللامعيارية" المعممة.

شُيِّدت المدرسة التونسية الحديثة كمؤسسة انضباطية، تهدف إلى تشكيل التلاميذ وفق قواعد جماعية صارمة، تربط بين النظام والانضباط والتقييم. في هذا السياق، كان التلميذ كائناً "مؤطَراً"، يخضع لتراتبية واضحة، يملك فيها المعلِّم السلطة المادية والرمزية، في حين كان دور التلاميذ هو الامتثال والتعلم داخل هذه البنية التراتبية.

أدت سيرورة الفردنة إلى تعطيل الدور التقليدي للمدرسة في تحقيق الإدماج الاجتماعي، بل صارت فضاءً لإنتاج الإقصاء، حيث يتزايد الشعور باللامساواة بين التلاميذ، الذين يلمسون الفجوة بين خطاب المدرسة عن التفوق، والترقي الاجتماعي الذي لا تُوفِّره المدرسة. هذه المفارقة تدفع التلاميذ إلى التمرد على القواعد التقليدية للمدرسة، التي لم تعد وسيلة للحراك بقدر ما هي أداة لتكريس الفوارق الاجتماعية.

هذا التغيّر يتجلى في تصاعد العنف تجاه المدرِّسين، ليس كأفعال فردية معزولة، بل كمؤشر على فقدان المدرسة التونسية لدورها كحاضنة للمشترَك والقيم الجماعية الكبرى. علاوة على ذلك، ونتيجة لخيارات اقتصادية للسلطة، تعيش فئة المدرِّسين على وقع أزمة اقتصادية كان من نتيجتها ضعف الأجور، ونخر البنى التحتية، وضعف الموارد البيداغوجية، وتحميل المعلم فشل المنظومة التربوية. كل هذا أسهم في تحويله من شخصية مرجعية، إلى موظف يتخبط في مؤسسة فقدت سلطتها الانضباطية. في سياق كهذا، يصبح العنف ضد المعلمين، سواء كان لفظياً أو جسدياً، ليس مجرد تجاوزات سلوكية، بل تعبيراً عن اختلال عميق، في علاقة الأجيال الجديدة مع السلطة الرمزية للمدرسة وللمجتمع ككل.

التلميذ كذات أخلاقية: ثنائية الظلم والعنف

شُيِّدت المدرسة التونسية الحديثة كمؤسسة انضباطية، تهدف إلى تشكيل التلاميذ وفق قواعد جماعية صارمة، تربط بين النظام والانضباط والتقييم. في هذا السياق، كان التلميذ كائناً "مؤطراً"، يخضع لتراتبية واضحة، يملك فيها المعلم السلطة المادية والرمزية، في حين أن دور التلاميذ هو الامتثال والتعلم داخل هذه البنية التراتبية. لكن هذه المعادلة التقليدية صارت اليوم موضع تساؤل وتتضمن إشكالاً عميقاً، إذ إن سيرورة الفردنة أدت إلى تعطيل الدور التقليدي للمدرسة في تحقيق الإدماج الاجتماعي، بل صارت فضاءً لإنتاج الإقصاء، حيث يتزايد الشعور باللامساواة بين التلاميذ، الذين يلمسون الفجوة بين خطاب المدرسة عن التفوق، والترقي الاجتماعي، الذي لم تعد المدرسة توفِّره. هذه المفارقة تدفع التلاميذ إلى التمرد على القواعد التقليدية للمدرسة، التي لم تعد وسيلة للحراك بقدر ما هي أداة لتكريس الفوارق الاجتماعية، الأمر الذي يعني أن المدرسة، بوصفها مؤسسة، لا تستجيب بالطريقة نفسها لجميع التلاميذ، بل إن تفاعل التلاميذ مع النظام المدرسي متباين بحسب رأس المال الاجتماعي والثقافي الذي يملكونه.

غير أن هذه الفجوة الاجتماعية لا تُظهِّر وحدها العنف في السياق المدرسي التونسي، بل هناك أيضاً تحوّل التلميذ إلى "ذات أخلاقية"، فلم يعد مجرد كائن يؤدي دور "المهذب اللطيف"، بل صار ذاتاً فردية يُقيِّم تجاربه المدرسية من منظور العدالة والشرعية، على نحو لم يعد فيه العقاب مجرد إجراء بديهي بالنسبة إليه، ولم تعد العلامات المدرسية كحكم نهائي على قيمته الذاتية، بل صار أكثر وعياً وتفكراً بالمعايير التقييمية، وآليات الفرز الاجتماعي التي تمارسها المدرسة.

في هذا السياق، يمكن فهم العنف المدرسي، ليس كفعل عبثي أو خلل في التنشئة والاندماج الاجتماعي، بل كتعبير عن تناقض بين نظام مدرسي لا يزال القائمون عليه يؤمنون بقيم الضبط والطاعة، وتلميذ ينظر إلى ذاته كفرد مستقل له حقوقه وتصوراته الخاصة في ما هو عادل وما هو غير عادل. وهنا تحديداً، يغدو الإحساس بالظلم مولداً أساسياً للعنف، عندما يتجاوز مجرد الإحساس الذاتي ليصبح إدراكاً جماعياً، داخل فئة اجتماعية تشعر أنها مهمّشة أو مقصية من وعود النجاح.

لم يعد التلاميذ يرون أنفسهم كجزء من جماعة مدرسية تخضع للقواعد نفسها، بل صار كل واحد منهم يسعى إلى فرض استقلاليته، وإعادة تعريف علاقته بالسلطة داخل الفصل الدراسي. هذه الفردنة، تعني أن المدرسة تجد نفسها اليوم في مواجهة تلاميذ، صاروا أكثر حساسية لمسائل الاعتراف والمساواة والإنصاف، ما يجعلهم أكثر ميلاً إلى رفض الأوامر، أو التشكيك في شرعية العقوبات المدرسية، ومعناها، والتراتبية داخل المؤسسة.

العنف كتفاوض قسري: المدرسة ساحة للصراع حول الاعتراف

يمكن إذاً القول إن تصاعد العنف المدرسي في تونس، لا يعود فقط إلى أزمة تأطير أو خلل في القوانين الرادعة، بل هو انعكاس لتحول عميق في العلاقة بين التلميذ والمؤسسة التعليمية، إذ يتواجه نموذج المدرسة التقليدي القائم على الانضباط مع تلميذ مفردَن، يدرك ذاته بوصفه فاعلاً مستقلاً له حقوقه ورؤيته الذاتية في العدالة المدرسية. في ظل هذا التناقض، يصبح العنف شكلاً من أشكال التفاوض القسري حول موقع التلميذ داخل المؤسسة، وهو ما يجعل من الضروري إعادة التفكير في دور المدرسة في مجتمع تتغير فيه الأشكال التقليدية للسلطة والتنشئة. فمن وجهة نظر التلاميذ، قد لا يكون العنف مجرد سلوك عدواني فقط، بل هو استراتيجية تفاعلية، يعبرون بها عن رفضهم لنظام مدرسي لم يعد بالنسبة إليهم شرعياً، الأمر الذي يعني أن التلاميذ لا يخضعون بشكل مطلق للقواعد مثلما ترغب في ذلك المدرسة بل يتفاعلون معها، إما بالامتثال أو المقاومة. وبالتالي فالسلطة لم تعد تمارَس فقط من الأعلى إلى الأسفل، بل يتم التفاوض حولها باستمرار بين الفاعلين في الحقل المدرسي. هذا التفاوض يمكن أن يكون صامتاً من خلال أشكال من المقاومة السلبية، مثل عدم الاكتراث بالدروس، أو التسرب المدرسي (100 ألف حالة تسرب مدرسي سنوياً في تونس)، لكنه قد يأخذ أيضاً شكلاً عنيفاً، عندما لا يجد التلميذ قنوات شرعية للتعبير عن رفضه.

في مدارس الأحياء الشعبية على أطراف مراكز المدن، يبدو العنف شكلاً من أشكال التفاوض القسري حول موقع التلميذ داخل المؤسسة. فمن وجهة نظر التلاميذ، قد لا يكون العنف مجرد سلوك عدواني فقط، بل هو استراتيجية تفاعلية، يعبرون بها عن رفضهم لنظام مدرسي لم يعد بالنسبة إليهم شرعياً.

في مدارس أحياء الطبقات المتوسطة العليا أو في وسط المدن، خاصة تلك التي تستقبل تلاميذ من خلفيات اجتماعية ميسورة، يصبح العنف غير مرئي لكنه محسوس بشدة، حيث يتحول الأداء المدرسي نفسه إلى ميدان للصراع من أجل الاعتراف والتميّز.

يرتبط هذا التفاوض القسري أيضاً بمطالبات تتعلق ليس فحسب بالحقوق، بل بسعي التلاميذ، كذوات، إلى الاعتراف بهم بصفتهم تلك كقيمة داخل المدرسة. هذا في حين يشعر العديد من التلاميذ بأنهم غير مرئيين، أو مقيمون فقط وفق معايير كمية صارمة، لا تأخذ بعين الاعتبار تنوع تجاربهم ومشاريعهم الشخصية. المدرسة التونسية اليوم لم تعد قادرة على تحقيق وعودها بالعدالة الاجتماعية، بل صارت آلة لخلق الإحباط الجماعي، حيث تتصاعد الفجوة بين الخطاب التربوي حول تكافؤ الفرص والمساواة في الحظوظ، والواقع الذي يستمر في تكريس اللامساواة، فيصبح العنف تعبيراً عن رفض هذا التناقض، وصيغة متطرفة للمطالبة باعتراف يرى التلاميذ أن المدرسة لا توفره لهم بالقدر الكافي.

جغرافيات العنف المدرسي: التفاوتات المجالية والبنية المكانية

لا يتوزع العنف المدرسي في تونس بشكل متجانس داخل المؤسسات التعليمية، بل يرتبط أساساً بخصائص المجال الجغرافي والاجتماعي الذي تنتمي إليه المدرسة. ويمكن الحديث هنا عن جغرافيات العنف المدرسي، أي التفاوتات في انتشار العنف بحسب الموقع الجغرافي للمدرسة، وظروفها الاجتماعية والاقتصادية. فمن الواضح أن المدارس التي تقع في الأحياء الفقيرة المتاخمة للمدن، تشهد معدلات عنف أعلى، مقارنة بالمؤسسات التعليمية الموجودة في أحياء الطبقات الوسطى العليا أو مراكز المدن. ويعكس ذلك التفاوتات المجالية كعامل حاسم في ديناميات العنف المدرسي، فيصبح هذا الأخير ليس من إنتاج المدرسة نفسها فحسب، بل انعكاساً للصراعات الاجتماعية، التي يعيشها التلاميذ في بيئتهم اليومية.

على عكس المدارس في الأحياء الشعبية، حيث يكون العنف مباشراً ومرئياً، في شكل مشاجرات بين التلاميذ أو اعتداءات على الأساتذة، نجد أن المؤسسات التعليمية في أحياء الطبقات المتوسطة العليا أو في وسط المدن، خاصة تلك التي تستقبل تلاميذ من خلفيات اجتماعية ميسورة، تعيش أشكالاً من العنف، أكثر ارتباطاً بالعنف الرمزي. فلا يتمثل العنف في الاعتداءات الجسدية فقط، بل يظهر في شكل منافسة شرسة بين التلاميذ، وضغط مدرسي شديد، وأشكال من التهميش الرمزي، التي قد تدفع التلاميذ إلى الانهيار النفسي أو العزلة. في هذه الجغرافيات، يصبح العنف غير مرئي، لكنه محسوس بشدة، حيث يتحول الأداء المدرسي نفسه إلى ميدان للصراع من أجل الاعتراف والتميّز.

ليس العنف المدرسي فعلاً عبثيّاً أو خللاً في التنشئة، بل هو تعبير عن تناقض بين نظام مدرسي لا يزال القائمون عليه يُؤْمنون بقيم الضبط والطاعة، وتلميذ ينظر إلى ذاته كفرد مستقل له حقوقه وتصوراته الخاصة في ما هو عادل أو غير عادل. وهنا يغدو الإحساس بالظلم مولِّداً أساسياً للعنف، عندما يتجاوز الذاتي، ليصبح إدراكاً جماعياً داخل فئة اجتماعية تشعر أنها مهمّشة أو مقصية.

إذا كان العنف المدرسي يمثل شكلاً من أشكال التفاوض القسري حول الاعتراف والمكانة، فإن الحل لا يكمن فقط في فرض مزيدٍ من الانضباط، بل في إعادة التفكير في العلاقات التربوية نفسها.

لا يقتصر الأمر على التمايزات المجالية كمحفِّز للعنف المدرسي، بل يمتد إلى الترتيب المكاني داخل المدرسة نفسها. فالتوزيع الفيزيائي للفصول، وساحات الاستراحة، وحتى الممرات، يلعب دوراً في إنتاج علاقات القوة والهيمنة بين التلاميذ وبقية الفاعلين داخل المدرسة. المدرسة ليست فضاء محايداً، بل هي "آلة مكانية" تحدد طرق التفاعل والتوترات الممكنة، حيث تعاني كثير من المدارس في تونس من الاكتظاظ في الفصول، وهو ما يسهم في جعل العنف أكثر حضوراً، بسبب الاحتكاك المستمر وانعدام المساحات الخاصة. كذلك يشكل غياب فضاءات مفتوحة للترفيه عاملاً من العوامل التي تدفع التلاميذ إلى البحث عن بدائل عنيفة لملء الفراغ.

التخلص من الهيمنة المدرسية

إذا كان العنف المدرسي يمثل شكلاً من أشكال التفاوض القسري حول الاعتراف والمكانة، فإن الحل لا يكمن فقط في فرض مزيدٍ من الانضباط، بل في إعادة التفكير في العلاقات التربوية نفسها. ينبغي أن تتجاوز المدرسة التونسية دورها التقليدي كسلطة تقييمية صارمة، وتتحول إلى فضاء أكثر انفتاحاً على الحوار مع التلاميذ، حيث يكون لهم صوت في تحديد مساراتهم التعليمية، وحيث يتم الاعتراف بهم ليس فقط كمتعلمين، بل كأفراد يحملون تجارب ورؤى تستحق التقدير.

وفي النهاية، إن فهم العنف كتفاوض قسري، يسمح بعدم اختزاله إلى مجرد ظاهرة انحرافية.

مقالات من تونس

للكاتب نفسه

تونس: الثورة تنقسم على نفسها

كان 17 كانون الأول/ ديسمبر هو لحظة تكثيف معارضة التونسيين لتوصيات مؤسسات التمويل العالمية التي كانت تونس أحد "تلامذتها النجباء"، والتي أفرزت شروخاً اجتماعية، وجيوشاً من العاطلين عن العمل، ولا...

تونس: مثقفون هاربون من السياسة

لم تكن النخب الثقافية في تونس تتوقع أن يحدث تغيير جذري يطيح بالنظام، بل أن يُحْدِث النظام إصلاحات سياسية تتعلق بحرية التعبير والتعددية السياسية. تهاوي النظام كان الصفعة القاسية لغالبيتها،...