"أول داعشي اشتراني، قال لي إنه دفع 500 دولار ثمناً لي" تقول لنا "فاطمة"، الناجية من سجون تنظيم "داعش"، حيث قضت أربع سنوات متنقلة بين العراق وسوريا.
كيف ستعيش في بلدها بعد تحريرها امرأة كانت طفلة في التاسعة، وبيعت إلى عناصر تنظيم إرهابي، يستخدم إيديولوجيا دينية، لإقناع مقاتليه بالمحاربة في سبيلِ حياةٍ ثانيةٍ، ينعمون فيها بكل ما لذّ وطاب. حدث ذلك لولادتها بصدفة بحتة، في قريةٍ تكاد الحياة فيها تشبه بيوتها الطينية الآيلة للسقوط. وحدث ليس مرةً واحدةً فقط، بل عدة مرات، وبأسعار مختلفة، كبضاعة يتفاوت ثمنها مع تبدل السوق، ونزول بضاعة طازجة "عذارء" إليه.
شمسُ آب تملأ المدينة وقراها، والسرابُ يُكَوِّنُ بتموجاته كائنات كثيرةً، أشبَه بالبشرية، لتعوّض مكان الهاربين نحو أفقٍ بلا هوادة في ضياعها، ونحو "جبل سنجار" المشرأبة قممه كسكاكين تجرح الحياة و"سفينة نوح"[1] .
كائنات تنتشر كالنمل، أزواجاً وفرادى وجماعات، بعض الشبان يحملون آباءهم وأمهاتهم وجداتهم، وبعضهم يحمل ألم وفاة أهله، وتعب دفنهم في الطريق إلى اللامكان.
نساء عجائز بالأبيض، أحنى سوط الشمس ظهورهن، وجفّت حلماتهن من الحليب، فيمص أطفالهن حلماتهن كي ينشغلوا عن الموت عطشاً. ويحث الرجال عائلاتهم على إسراع الخطى، ويفعلون ما هو أبعد: يذرفون الدموع، كثيرها ووافرها، مالحها وخائبها، كي ينشغلوا عن الموت. والنساء يفكرن في أطفالهن، وبعضهن يتركن الأطفال الموتى على الطريق، وينشغلن بموت أطفالهن عن موتهن.
فاطمة لم تستطع نيل موتها، على الرغم من دنو الموت، وتنفسه الثقيل الملتصق بتراب الأرض. فقد اختطفت مِن قِبل عناصر تنظيم "داعش"، على الرغم من سنواتها التسع، التي لم تنضج فيها حتّى كطفلة، وجسدها الهزيل، الأشبه بساق القصب الـ"بامبو"، اقتيدت إلى سوريا.
المئات من النساء، غُطين بالعباءات السود، التي هبطت عليهن كليلٍ أبدي، وباعوهن، أو قدموهن كهدايا إلى بعضهم البعض.
فاطمة محمد، أو....
"كان عمري تسع سنوات حين اختطفني عناصر تنظيم "داعش"، وبقيت في سجونه أربع سنوات، تم بيعي خلالها ثمان مرات". بصوتٍ سِكّينيٍ، يجرح الهواء بيننا، وبحةٍ تعصر قلب سامعها، تسرد فاطمة محمد وتنظر إلي بعينين منطفئتين، ووجه أتعبته عشر سنوات لم تمضِ أبداً، بل دُفِنَت فيها كل لحظاتها.
"تم تحريري في 20 نيسان/ أبريل 2018، كان عمري آنذاك 13 سنة. والآن أسكن في مخيم "خانكي" العشوائي". والمخيم العشوائي، هو عبارة عن خيم موزعة كيفما اتفق، من دون سياج يحيط بها، ولا حماية. وقد حصلت فاطمة على خيمتها، عن طريق منظمة "خلصة" الإنسانية.
لطخة تلوث بلد الحضارات
24-03-2024
"تمَّ تهريبي، بعد أن دفع مكتب إنقاذ المختطَفين التابع لرئيس إقليم كردستان 18,100$ مقابل ذلك، ولكن المهربين المسؤولين عن إحضاري من سجون تنظيم "داعش"، تسببوا في ضياعي ستة أشهر في "دير الزور" السوريّة. كان يُفترض أن أتوقف عند حاجز ل"حزب العمال الكردستاني" (PKK)، ولكنّهم قدّموا حاجزهم صباحاً، ووصلت إلى هناك قبيل مغرب الشمس، فكان عليّ البحث عن طريقة أخرى.
نساء عجائز بالأبيض، أحنى سوط الشمس ظهورهن، وجفّت حلماتهن من الحليب، فيمص أطفالهن حلماتهن كي ينشغلوا عن الموت عطشاً. ويحث الرجال عائلاتهم على إسراع الخطى، ويفعلون ما هو أبعد: يذرفون الدموع، كثيرها ووافرها، مالحها وخائبها، كي ينشغلوا عن الموت. والنساء يفكرن في أطفالهن، وبعضهن يتركن الأطفال الموتى على الطريق، وينشغلن بموت أطفالهن عن موتهن.
لجأت فاطمة إلى جامع في "دير الزور"، وباحت لرجلٍ يدعى "عمّار" بمخاوفها وحالتها. وفي وصفه، تقول: اضطر "عمّار" إلى النزوح من بيته إلى جامع في "دير الزور"، بعد اشتداد القتال بين الجماعات المسلحة من جهة، والحرب ضد تنظيم "داعش" من جهةٍ أخرى. فكان عارفاً بتحجُّر العالم حولهما، وقرر الاعتناء بها.
"تبناني الرجل وكأني أخته. بعد ثلاثة أشهر، ذهبتُ معه وعائلته إلى "مخيم الهول"[2]، وسكنت فيه....".
وتستأنف بابتسامة أليمة على وجهها: "ذات يوم سألني الرجل إن كنت أعرف ما هو الجبل الذي يتراءى لي من المخيم، فهززت رأسي نافية. أطرق وقال إنّه "جبل سنجار". وتساءلتُ عندئذٍ، ربما تمّ تحرير أهلي، فلِمَ لا أعود إليهم؟".
كانت فاطمة قد شهدتْ عروضاً عدة، من مختلف المهربين في سوريا لتهريبها إلى العراق، ولكن بيعها وشراءها علّماها أن الثمن أهم من السلعة، خافت أن تتحول إلى سلعة، ورفضت.
إلى "شنكَال" عبر العالم السفلي
27-07-2023
حَسِبَت فاطمة أن الماضي ينتظرها، وأن العالم لن يتغيّر حتى تكون في "شنكال" بين أهلها، وأن كل لحظاتها في أرضٍ مقفرة لا آلهة فيها سوى تلك المصطنعة، المعلنة على أعلامٍ سوداء، والمنبثقة من أفواهٍ صارخة، تنادي بالذبح والقتل، وهي خارِجة عن حدود الزمن.
"طلبتُ من الرجل أن يحاول إعادتي إلى أهلي". فاطمة، بطاقتها على اكتشاف الحياة، وإفراطها في التفاؤل، صنعت من نافذة الخيمة بوابة إلى المستقبل، حيث سيطل ملاكٌ، يشع نوراً، يُكَوِّن في الهواء أشكالاً متعددة لأفراد عائلتها، ويفرد كفّه، لتكتشف في باطنها قريتها، قبل أن يحتلها من يعتبرون أنفسهم "جند الله المجاهدين"، العارفين بطريق الحق، والمُخَوّلين بإجبار الضالين والمشركين على سلوكه.
"أخبرتُ الرجل أنني أريد العودة إلى أهلي، على الرغم من معرفتي باعتقال تنظيم "داعش" لهم، ولكني لا أستبعد تحرير بعضهم من سجونه. لي أخَوَان لم يكونا في "شنكال" خلال هجوم التنظيم عليها. زودته بما لدي من معلومات وموقع سكنهم السابق، وهو بدوره نقلها إلى رجل "شاطر" من سوريا. بعد بحث وأسئلة كثيرة، استطاع الوسطاء التواصل مع أخي. سألوه عن أخت له بالمواصفات التي زوّدتهم بها، وبعدئذٍ أخبروه بوجودي في "دير الزور"، لم يقولوا له إنّني في "مخيم الهول"، لأن اتفاقنا نصّ على ترتيب زيارته إلى خيمة أخرى، كي تُتاح لي أول الأمر فرصة مراقبته عن بُعد من نافذة خيمتي، ثم بعد أن أُمَيّزه وأشير إليهم بالإيجاب، يحضرونه إليّ. فكان الأمر كما خططنا له. أحضروا أخي، الذي استطاع دخول المخيم بوصفةٍ طبية لزيارة المركز الصحي، ومَرَّ وأنا أرقبه من نافذة الخيمة يبحث عني، فأشرت إليهم بالإيجاب".
زيارة أخ فاطمة لها، ببُعدها الفلسفي، لا يمكن أن تعني سوى صرخة روح تناجي كي تعود من الموت، لأن حياتها لم تنته بعد. وهي ببعدها الإنساني، لا تعني شيئاً غير صورة لمعذَبة، تصنع من الأغلال الملفوفة حول رسغيها خلخالاً للرقص، ومن الحبال الملفوفة حول رقبتها طوقاً، ومن سجنها، محطة ممكنة وبيتاً أرضياً لملاكها. وإن كان "سيزيف" قد عوقب بحمل الحجر المتدحرج مرات، وعبثية العيش لأجل غير مسمى وهدفٍ لا معنى لتحقيقه، فالعكس يفرض سلطته وقوّته في حال فاطمة، التي تبتسم - وإن كانت ابتسامتها تعكس آلاماً لا تُحصى - وتتسلّق، حتّى في سراديب العالم السفلي، التي وُضعَت مُجبَرَةً في أحلك ظلماته، سلماً يفضي إلى الفجر، وتُخلِّفُ وراءها كوابيسَ طفولية، وأحلاماً معتقلة.
الرجل الذي أنقذ فاطمة، حصل لها على هوية مزورة، بعد اشتداد القصف على معاقل تنظيم "داعش"، في "دير الزور" السورية، واضطر سكان تلك المناطق، بغض النظر عن انتماءاتهم، إلى إخلائها، واللجوء إلى "مخيم الهول".
"طلبتُ من الرجل أن يحاول إعادتي إلى أهلي". فاطمة، بطاقتها على اكتشاف الحياة، وإفراطها في التفاؤل، صنعت من نافذة الخيمة بوابة إلى المستقبل، حيث سيطل ملاكٌ، يشع نوراً، يُكَوِّن في الهواء أشكالاً متعددة لأفراد عائلتها، ويفرد كفّه، لتكتشف في باطنها قريتها، قبل أن يحتلها من يعتبرون أنفسهم "جند الله المجاهدين"، العارفين بطريق الحق، والمُخَوّلين بإجبار الضالين والمشركين على سلوكه.
قضت "فاطمة محمد" ثلاثة أشهر في "دير الزور"، وثلاثة أشهر في "مخيم الهول" بهويتها المزوّرة، واسمها في الحقيقة هو "فوزية بشار خلف"، طفلة إيزيدية كبرت بعد كل بيعة. وكانت قد اختلقت الاسم، وحصلت على هوية مزوّرة، لضمان نجاتها في "مخيم الهول"، الذي تنشط فيه خلايا تنظيم "داعش"، وأنفاق عناصره المحفورة تحته لتهريب الأسلحة والمواد والبشر. "قوات سوريا الديمقراطية" هي المسؤولة عن "مخيم الهول"، الذي يحوي حوالي 45 ألف نزيل، من جنسيات مختلفة.
"لم يكونوا ليسمحوا لأخي بدخول المخيم لولا حالته المرَضية المدّعاة بوصفة طبية مزوّرة ، وبعد قضائه ليلة في المخيم، ذهب إلى المسؤولين عنه، وقال إنّه آتٍ لأخذ أخته، فأنكروا وجود إيزيديات في "مخيم الهول". أخبرهم أنّه التقاها قبل لحظات، ففُوجئت الإدارة بقدرته على الدخول ولقائي من دون علمهم".
بعد تحريرها، وإعادتها إلى "كردستان العراق"، سكنت فوزية "مخيم خانكي العشوائي"، تعتني في إحدى خيامه بأخويها الأصغر منها. والداها لا يزالان مختطفين.
وحين سألتها عن زيارة جهة حكومية عراقية لها، لتقييم وضعها، ولتقديم ما يتوجب تقديمه لها، أجابت بالنفي، وأن أحداً لم يزعج نفسه بمجرد زيارة. "ما نريد في الدرجة الأساس، نحن الأسيرات المحررات، هو التفتيش في سجون سوريا و"مخيم الهول"، والأهم، كشف المقابر الجماعية، وضحاياها".
قضت "فاطمة محمد" ثلاثة أشهر في "دير الزور"، وثلاثة أشهر في "مخيم الهول" بهويتها المزوّرة، واسمها في الحقيقة هو "فوزية بشار خلف"، طفلة إيزيدية كبرت بعد كل بيعة. وكانت قد حصلت على هوية مزوّرة، لضمان نجاتها في "مخيم الهول"، الذي تنشط فيه خلايا تنظيم "داعش". "قوات سوريا الديمقراطية" ("قسد") هي المسؤولة عن المخيم الذي يحوي حوالي 45 ألف نزيل، من جنسيات مختلفة.
من بين 24 فرداً في عائلتها، لا يزال 14 منهم مجهولي المصير، بينهم أبواها. "في الوقت الذي كنتُ فيه بحاجة إلى أبوين يعتنيان بي، صِرتُ أباً وأماً لأخويي الصغيرين".
فوزية، إلى جانب كثيرٍ من الناجيات، اللواتي حررن بعد سنوات من اختطافهن، واجهن رفضاً من وزارة التربية العراقية ومدارسها عندما حاولن الالتحاق بها، لإكمال مسيرتهن التعليمية، بداعي أنهن كبرن في العمر، ولا يمكن أن يستوفين شروط الالتحاق بالمدارس! وهذا يعني أن المدارس التي لا تتوافر فيها الكتب، ومدرّسوها أساساً ليسوا من أهل الأختصاص، وبناياتها متهالكة، أو مؤقتة مقامة في "كرفانات"، والتي تُصرف عليها مليارات الدنانير، لا يمكن أن تدرس فيها إحداهن.
كيف تعيش الإيزيديات في العراق وسوريا؟
المئات من الناجيات والناجين من سجون تنظيم "داعش"، يعيشون في بيئة لا تناسب قطعاً أفراداً تعرضوا للعنف الجسدي والنفسي، أو سُلِّح الأطفال منهم من أجل استخدامهم في العمليات الانتحارية. بيئة مثقلة بكمية لا تحصى من البؤس، في خيم نايلونية، وسط ارتفاع درجات الحرارة صيفاً إلى أكثر من 40 درجة، وانخفاضها تحت الصفر شتاءً. تصف "حلا سفيل"، الشابة الإيزيدية الناجية من سجون تنظيم "داعش"، بأن الذين تحرروا من تنظيم "داعش" "ليسوا أحراراً": "تحررت حلا سفيل، وهذا خطأ، إذ لم أتحرر حتّى الآن، فإن كُنت أعيش في العراق، فأنا لا أملك حرية التعبير لقول الحقيقة"، "حتى النساء والفتيات اللواتي تحررن من سجون "داعش"، لا يملكن حريتهن، فمجرد أن يتم تحريرهن، تستقبلهن خيمة! حين تستقبلني خيمة، يعني ذلك أنني أنام في كفني، أجهل إن كنتُ سأنجو حتّى الصباح، بسبب حريقٍ يلتهم الخيمة، أو عاصفة تقتلعها".
بعد تحريرها، وإعادتها إلى "كردستان العراق"، سكنت فوزية "مخيم خانكي العشوائي"، تعتني في إحدى خيامه بأخويها الأصغر منها. والداها لا يزالان مختطفين. وحين سألتها عن زيارة جهة حكومية عراقية لها، أجابت بالنفي، وأن أحداً لم يزعج نفسه بمجرد زيارة. "ما نريد في الدرجة الأساس، نحن الأسيرات المحررات، هو التفتيش في سجون سوريا و"مخيم الهول"، والأهم، كشف المقابر الجماعية، وضحاياها".
فوزية، إلى جانب كثيرٍ من الناجيات، واجهن رفضاً من وزارة التربية العراقية ومدارسها عندما حاولن الالتحاق بها، لإكمال مسيرتهن التعليمية، بداعي أنهن كبرن في العمر، ولا يمكن أن يستوفين شروط الالتحاق بالمدارس! وهذا يعني أن المدارس التي لا تتوافر فيها الكتب، وبناياتها متهالكة، أو مؤقتة مقامة في "كرفانات"، والتي تُصرف عليها مليارات الدنانير، لا يمكن أن تدرس فيها إحداهن.
خلال هجومه على مناطق الإيزيديين، عمد تنظيم "داعش" إلى المتاجرة بالنساء اللواتي "يصلحن" للإنجاب، والعذراوات منهن بالدرجة الأساس، في أسواق النخاسة التي نظّمها في منطقة "الرقة" السورية، ودفن اللواتي لا يصلحن للإنجاب في "قبر الأمهات". مقبرة "الأمهات" هي مقبرة جماعية للإيزيديات، وأطلق عليها الاسم لدفن تنظيم "داعش" النساء فيها، والأمهات بشكل خاص وهن على قيد الحياة، على مرأى من عائلاتهن وأطفالهن. ضمت المقبرة رفات حوالي 80 امرأة. وهذا إلى جانب أكثر مقبرة جماعية أخرى، تحوي رفات إيزيديين، قتلهم تنظيم "داعش" بوحشية، بعد أن حلَّل انتهاك بيوتهم ومناطقهم ونسائهم وحيواتهم.
حلول منطقية لـ"أقليات دينية"
تم إنشاء مخيمات اللجوء في "كردستان العراق"، لتأوي النازحين من مناطق هاجمها تنظيم "داعش"، ودمّر مصادر الحياة فيها، إذ عمد إلى ذبح الرجال، وقتل مَن لا يقبل الالتحاق بصفوفه.
وكانت في بداياتها، أكثر من 25 مخيماً موزّعاً على: "دهوك"، و"أربيل"، و"السليمانية"، دعمتها المنظمات الإنسانية الدولية، بالأسرّة والأغطية والخيام وغيرها.
هذه المخيمات، بعد عشر سنوات من الحرب، وسبع سنوات على الانتصار على تنظيم "داعش"، لا تزال تحوي 4232 عائلة، بما يقارب 20000 فردٍ، 9719 منهم ذكور، 10274 إناث. عدد الذين أعمارهم أقل من أربع سنوات يقدر بـ1573، وبين 5-17سنة بـ6279، وبين 18- 58 بـ11234، ومن هم في الـ60 وأكثر بـ907 أشخاص.
وعدد الأرامل في مخيم "جم مشكو"، يبلغ 399 امرأة، واليتامى 224، والمعاقين 251. ويبلغ عدد الناجين والناجيات من سجون تنظيم "داعش" الـ50. أما الباقون، فقد دمرت منازلهم فلجأوا إلى المخيمات.
يبلغ عدد الخيام 5000 خيمة في مخيم واحد، تحوي بعضها عائلات مكونة من 7 أشخاص وأكثر، تعيش على بؤسها، وخيبة أملها. وعلى الجانب الآخر، خيام تسكنها أرامل وأطفالهن، بغياب أزواجهن، وجرح غائر في قلوبهن، يمكن أن يتسع ليشمل العالم خارج المخيم.
إنْ قُطِعت سيقان قصب "البامبو"، من أي جزء فيها، وزُرِعت في أرض أخرى، ستنشر جذورها في الأرض وتكبر مرة أخرى. فوزية بدورها، بعد تأصيل قطع روحها مراراً، استطاعت زرع جذورها، وانشغلت عن الموت بالعناية بأخوييها الصغيرين. سألتها عمّا تنتظره من العالم، فأجابت ببحة ونظرة ألقتها بلا مبالاة نحو النافذة، فيما ترتفع ألأصوات حولنا، وكأن الحياة بدأت بشكل مفاجئ لتوّها: "لا شيء".
وعلى الرغم من إقرار قانون "الناجيات الإيزيديات" في 2021، وبعدما احتاجت السلطات العراقية إلى أربعة أعوام بعد تحرير أجزاء العراق المحتلة من تنظيم "داعش"، إلى الاعتراف بما تعرضت له النساء المتأثرات بالصراع، وضرورة تقديم الرعاية لهن، وتثمين الدور الكبير لهذه الفئة في الحفاظ على تنوع العراق الديني والثقافي. هذا القرار يشمل الاعتراف بما تعرّض له الإيزيديون من إبادة جماعية، وتعويض الضحايا من الناجين\ات. وللصدفة (المتوقعة!)، لم تتأخر عملية إزالة الستارة، لتكشف عمّا وراءها من انتهاكات.
نساء ناجيات من تنظيم "داعش" نظّمن وقفة، رفضن فيها التعديلات التي أُجريت على القانون، إذ تضمنت تلك التعديلات طلب السلطات أدلة جنائية وسريرية على تعرّض النسوة للعنف الجسدي، وهو ما ينتهك القانون الدولي المتعارف عليه، إذ أشارت "منظمة العفو الدولية"، إلى أن شهادة المتعرض للعنف وحدها تكفي لضمان حصوله على تعويض.
إنْ قُطِعت سيقان قصب "البامبو"، من أي جزء فيها، وزُرِعت في أرض أخرى، ستنشر جذورها في الأرض وتكبر مرة أخرى. فوزية بدورها، بعد تأصيل قطع روحها مراراً، استطاعت زرع جذورها. وانشغلت عن الموت بالعناية بأخوييها الصغيرين.
في النهاية، سألتها عمّا تنتظره من العالم، فأجابت ببحة ونظرة ألقتها بلا مبالاة نحو النافذة، فيما ترتفع ألأصوات حولنا، وكأن الحياة بدأت بشكل مفاجئ لتوّها من لا مكان: "لا شيء".
- يعتقد بعض الباحثين أن اسم "سنجار" أطلق على الجبل والمدينة، لأنه أثناء مرور سفينة النبي "نوح"، ارتطمت بأعلى قمة في الجبل، وهي قمة "سند لكلوب"، فقال نوح: "هذا سن جار علينا". ↑
- "مخيم الهول": موجود في شمال شرق سوريا، في منطقة "الحسكة". سكنه نزلاء اشتبه بارتباطهم الوثيق بتنظيم "داعش". بعض النزلاء فيه هم أفراد عائلات عناصر تنظيم "داعش" وزوجاتهم. وسكنته أيضاً نساء إيزيديات اختطفهن تنظيم "داعش". شكّل لسنوات – ولا يزال - قنبلة موقوتة، يمكن أن تكون منبراً لنشر فكر "داعش" مرة أخرى، لوجود متطرفين فيه، واستخدامه كمعبر لدخول وخروج عناصر "داعش"، خلال سلسلة أنفاق تم اكتشافها تحت المخيم، اسْتُخدمت لنقل الأسلحة وأفراد تنظيم "داعش". وفيه معتقلات سرية فيها عُذب الرافضون/ات لقوانين تنظيم "داعش". ↑