"طابية الدخيلة".. هل يجرفها "التطوير"؟

الحصنَ الذي يصون مدينة الإسكندرية ويحميها من الأعداء، الحصن الذي لم يتمكن الأعداء من هدمه، فصمد أمام غزو الجيش الإنجليزي عام 1882 وقصفه المتواصل له لنحو 11 ساعة... هل يكون عرضة للتفكيك والتفريط من الداخل؟
2024-08-29

شارك
صيادون يصطادون السمك عند آثار "طابية الدخيلة" المهددة بالإزالة على شاطئ الإسكندرية (الصورة عن فيسبوك).
إعداد وتحرير: صباح جلّول

هُدمت "طابية الدخيلة"، لم تُهدَم، أم هي ستُهدَم قريباً... انتشرت الأخبار المتضاربة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وسادت بلبلة حرّكتها المخاوف من إزالة السور الحجري والحصن البحري المسمّى "طابية الدخيلة" في مدينة الإسكندرية. والطابية عبارة عن عدة إنشاءات تحصينية ممتدة على البحر غرب المدينة، وهي من الآثار التي تعود للعصر المملوكي، وقد طُوّرت في عهد محمد علي الذي استحدث فيها حوضاً للسفن وأمر بإنشاء 21 طابية على امتداد الساحل تحصيناً للمدينة، فصمدت أمام غزو الجيش الإنجليزي عام 1882 وقصفه المتواصل لنحو 11 ساعة.

مقالات ذات صلة

وبين أخبار تؤكد الهدم وأخرى تنفيه، تبيّن أنّ ما حدث فعلياً خلال الأيام القليلة الماضية يدلّ على الخطر المتزايد بإزالة الطابية، إذ أنها تقع بالفعل ضمن المخطط المعلَن لـ"تطوير ميناء الدخيلة". نقلت صفحة "الموقف المصري" عن ناشطين وخبراء أثريين متابعين بأن خندق الطابية الأثرية بجوار ميناء الدخيلة قد هُدم، وأنّ المدافع الأثرية نُقلت إلى وجهة أخرى، لتقول بعدها وزارة الآثار أنّ الموضوع لا يعدو كونه انكسار أربعة مداميك في الحوض الجاف عن طريق الخطأ نتيجة نقل المدافع الأثرية – وكأنّ ذلك يخفف من فداحة الأمر!

يتهم الناشطون الأثريون وزارة الاثار المصرية بالتواطؤ في خطة إزالة الطابية، بما أن الموقع غير مسجل رسمياً كموقع أثري مع أنه يستأهل ذلك، وعلى الرغم من المطالبات بتسجيله لحمايته، فيما ترفض الوزارة تسجيله، ما يبقيه معرّضاً لخطر الإزالة. وبحسب موقع "باب مصر"، فإن الحوض الجاف بالذات مسجل كأثر إسلامي، غير أن تسجيله لم يحمِه من الهدم..

المحزن في الأمر أن الموقع كان مهملاً لفترة طويلة وتُرك للتآكل، وبدل أن تُسمع المطالبات بالاهتمام به وترميمه لتحويله إلى وجهة سياحية، يتمّ الإقدام على خطوات مشبوهة تمثّل مقدمات لإزالته، والكلمة السحرية في وسط كلّ هذا هي "التطوير"، الذي بحجّته أزيلت بالفعل آثار ثقافية وتاريخية ومعمارية مهمة من القاهرة والإسكندرية وغيرهما في مختلف المحافظات، ومنها مقابر أثرية في القاهرة التاريخية كجبانة "باب النصر". أورد موقع "باب مصر" عن لسان أستاذ الآثار الإسلامية ورئيس اتحاد الآثاريين العرب، محمد الكحلاوي، أن إعلان هدم المواقع الأثرية والتراثية في أوقات سابقة شكّل "مفاجأة كبرى"، ولذلك "هناك تساؤلات حول ما إذا كان هناك مشروع غير معلن نجهل تفاصيله. حيث تدير الدولة شؤون هذه المواقع بشكل غير متاح لنا الاطلاع على تفاصيله".

في قصيدة أحمد فؤاد نجم "يا اسكندرية" التي غناها الشيخ إمام عن "بحرها العجايب"، يقول نجم في وصفه تعلّق قلبه ببحر المدينة ومعانيه: "كأني فلاح من جيش عُرابي، مات عَ الطوابى وراح فى بحرك / كأني نسمة فوق الروابي، من البحر جايّة تغرق فى سحرك". فيأخذه العشق لأن يموت فداء لحمايتها، كما حصل إبان الثورة العرابية ودكّ "الطوابي" (جمع طابية) البحرية من الإنكليز. فبعيداً عن أي فائدة مادية أو سياحية للموقع، فأين المعنيين من أهميته الرمزية على عدة مستويات، كجزء من الهوية المعمارية والجمالية لساحل الإسكندرية، وكمكان ذي أهمية عاطفية لسكان المدينة، الذين يعرفونه طوال حياتهم وحيوات أجدادهم، وثمّ أهميته المعنوية المتمثلة بكونه الحصنَ الذي يصون مدينة الإسكندرية ويحميها من الأعداء؟ الحصن الذي لم يهدمه الأعداء.. هل يكون عرضة للتفكيك والتفريط من الداخل؟ هذا ما سيجيب عليه "التطوير".

مقالات من العالم العربي

لم يبقَ إلّا البحر..

يبدو ألّا شيء سيبقى للناس، إلّا البحر. فليذهبوا إلى البحر، فهو صديقُهم الوحيد، وهو الباقي فقط ليحفظَ ذاكرة أهل غزّة. لكن، هُناك، وعلى بُعد عشرات الأمتار القليلة، تقعُ الزوارق الإسرائيلية،...

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان - هو وأهله وكل من يخصه، مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...