القانون الجديد لعِطل الولادة والأمومة في تونس: مكاسب ونقائص وحسابات

عطل الولادة والأمومة في تونس، قبل اصدار القانون الجديد، كانت من بين الأقصر مدة في المنطقة، ولا ترتقي إلى الحد الأدنى الذي وضعته "منظمة العمل الدولية"، كما أنها تميّز بين النساء بحسب عملهن في القطاع العام أو الخاص. لكن، على الرغم من أهمية القانون، فإن عدة نقائص تشوبه، كما أن تصويره على أنه سُنّ فقط لتدعيم حقوق المرأة غير دقيق. فهناك عدة حسابات واعتبارات أخرى كان لها تأثيرها.
2024-08-22

شارك
محمد الزواري - تونس

"نحن بصدد كتابة لحظة تاريخية فارقة من أجل المرأة والطفولة والأسرة التونسية".. هكذا حفّزت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ، أعضاء "مجلس نواب الشعب" خلال الجلسة البرلمانية التي عقدت يوم 31 تموز/ يوليو 2024 للمصادقة على مشروع قانون "عطل الأمومة والأبوة في الوظيفة العمومية والقطاع العام والقطاع الخاص". صادق النواب بأغلبية كبيرة على القانون رقم 44 لسنة 2024 ليتم بذلك تدارك -نسبياً- واحدة من أبرز نقاط الضعف في المدونة القانونية المتعلقة بحقوق المرأة في تونس، والتي لطالما اعتبرت رائدة في العالم العربي.

عطل الولادة والأمومة في تونس، قبل اصدار القانون الجديد، كانت من بين الأقصر مدة في المنطقة، ولا ترتقي إلى الحد الأدنى الذي وضعته "منظمة العمل الدولية"، كما أنها تميّز بين النساء بحسب عملهن في القطاع العام أو الخاص. لكن، على الرغم من أهمية القانون، فإن عدة نقائص تشوبه، كما أن تصويره على أنه سُنّ فقط لتدعيم حقوق المرأة غير دقيق. فهناك عدة حسابات واعتبارات أخرى كان لها تأثيرها.

ما الجديد؟

جاء القانون الجديد ليجمع شتات الفصول المنظِّمة لإجازات الولادة والإرضاع الطبيعي، التي كانت موزعة على عدة نصوص، مثل القانون رقم 112 لسنة 1983 المتعلق بضبط "النظام العام الأساسي لأعوان الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية"، و"مجلة الشغل" الصادرة سنة 1966، والقانون رقم 65 لسنة 1996 المتعلق بتنظيم أنظمة الضمان الاجتماعي. في السابق، كان يتم منح الأمهات في القطاع العام إجازة ولادة لشهرين، مع استحقاق كامل الأجر ابتداء من يوم الوضع، وتمتيعهن بعدها بإمكانية الحصول على عطلة أمومة لمدة لا تتجاوز أربعة أشهر مع استحقاق نصف المرتب. كما يحق لهن الحصول على راحة رضاعة بمعدل ساعة كل يوم، وذلك لمدة ستة أشهر. أما عاملات القطاع الخاص فعطلتهن عند الولادة لا تتجاوز شهراً كاملاً خالص الأجر، ولم يكن بإمكانهن التمتع بعطلة أمومة إضافية ولو بنصف أجر. و"الامتياز" الوحيد لديهن مقارنة بموظفات القطاع العام هو امتداد فترة التمتع براحات الرضاعة إلى 9 أشهر. وبالنسبة إلى الآباء فيتم منحهم إجازة بيومين في القطاع العام، ويوم واحد في القطاع الخاص.

المكسب الأول في القانون الجديد هو توحيد عطل الولادة والأمومة في القطاعين العام والخاص، والتخفيف من الحيف المسلط تاريخياً على العاملات في القطاع الخاص. المكسب الثاني يتمثل في تمديد عطلة الولادة الإجبارية إلى 3 أشهر بمرتب كامل في القطاع العمومي ومنحة في القطاع الخاص، مع شهر راحة إضافية في حال ولادة توأم أو أكثر، أو إذا كان المولود حاملاً لإعاقة أو خدّجاّ أو يعاني من تشوهات خَلقيّة. كما يحق لكل أم عاملة أن تطلب بعد نهاية "عطلة الولادة" "عطلة أمومة"، يمكن أن تمتد من شهر إلى 4 أشهر، مع تلقي نصف الأجر أو منحة بحسب القطاع. ويتضمّن القانون الجديد إحداث "عطلة ما قبل الولادة" مدتها 15 يوماً كحدّ أقصى خلال الشهر الأخير من الحمل. ومن إيجابياته أيضاً منح المرأة العاملة في القطاعين "عطلة ولادة" بشهر واحد إذا وضعت مولوداً ميتاً، مع استحقاق كامل المرتب في القطاع العام ومنحة في القطاع الخاص. كما ينصّ القانون على "عطلة أبوّة" ل7 أيّام، تُرفع إلى 10 أيام في حال ولادة الأم لتوأم أو أكثر أو طفل حامل لإعاقة أو مولود خدج أو لتشوهات خلقية، أو تخفض إلى 3 أيام في حال ولادة الأم لمولود ميّت.

بعد فترة طويلة من السبات، دبت الحياة فجأة في مشروع القانون وصادق عليه مجلس الوزراء في 27 حزيران/ يونيو 2024 وأرسله في بداية شهر تموز/ يوليو الفائت إلى البرلمان الذي لم يضع الوقت وناقش النص بسرعة داخل اللجان النيابية، ثم عرضه على الجلسة العامة، وصادق عليه بالإجماع في نهاية نفس الشهر.

المتابعون لمسار القانون منذ نسخه الأولى، يعرفون أن الاتجاه الغالب كان نحو إقرار "عطلة ولادة" ب4 أشهر خالصة الأجر في القطاعين العام والخاص، تليها "عطلة والدية" اختيارية ب4 أشهر بدلاً من "عطلة الأمومة"، مع ترك القرار للزوجين حتى يختارا من يتمتع بها منهما أو يتقاسمانها فيما بينهما. لكن كانت هناك اعتراضات من الهياكل الممثلة لأرباب العمل، وكذلك الصناديق الاجتماعية نظراً لما تتطلبه هذه العطل من نفقات إضافية. وربما كان هناك تحفظ من فكرة تمكين الآباء من عطلة طويلة، قد تؤثر على إنتاجية المؤسسات الاقتصادية التي يعملون فيها، مع التذرع بأن المجتمع غير جاهز لمثل هذه التغييرات في تقاسم المهام والأعباء بين الجنسين. هذا النفَس "التوافقي" الحاضر بقوة في نص القانون الجديد سبب خيبة أمل لعدة منظمات نسوية اعتبرت أننا أمام "قانون وردي" يضاف إلى قائمة من القوانين المشابهة، التي تحظى بدعاية سياسية كبيرة، لكن من دون أثر عميق ومستدام في أوضاع النساء، وأن الدولة غلبت مصلحة الأسرة وأعطتها الأولوية على مصلحة المرأة وحقوقها.

مسار متعثر

تأخَر إصلاح قوانين الولادة والأمومة قرابة 50 سنة، تُقر وزيرة المرأة. وكانت عدة منظمات نسوية ونقابات وأحزاب قد طالبت بعد ثورة 2011 بتنقيح القوانين ومطابقتها على الأقل بمقتضيات الإتفاقية 183 (اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن مراجعة اتفاقية حماية الأمومة). لكن هذه المطالب لم تكن ضاغطة بشكل كافٍ، خاصة في ظل انغماس الطبقة السياسية التي قادت "الانتقال الديمقراطي" في أولويات وحسابات أخرى. في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 جاءت أول إشارة رسمية إلى نية الدولة مراجعة القوانين السارية، على لسان المدير العام في وزارة الوظيفة العمومية. وتطلب الأمر قرابة ثلاث سنوات حتى تصادق الحكومة التونسية على أول مشروع قانون في هذا المنحى، في آذار/مارس 2019، قبل أن ترسله إلى "مجلس نواب الشعب"، الذي انتهت دورته الأخيرة في خريف السنة نفسها من دون أن يناقش مشروع القانون.

قدمت الحكومة التي أفرزتها انتخابات 2019 مشروع قانون مشابه إلى البرلمان الجديد في سنة 2020، لكن مرة أخرى لم يسمح الوقت بمناقشته والمصادقة عليه، إذ قرر الرئيس "سعيد"، في 25 تموز/ يوليو2021 تجميد البرلمان قبل أن يحله تماماً فيما بعد. وعاد الحديث مرة أخرى عن القانون في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، ومنذاك صدرت عدة تصريحات رسمية، تبشِّر بقرب الفرج الذي لم يأت إلا في الأسابيع الأخيرة، أي بعد ثمان سنوات من الأخذ والرد.

الدعاية السلطوية

قد يكون من المفهوم نسبياً تعثّر مسار المصادقة على القانون ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 2016 وتموز/يوليو 2021 نظراً لطبيعة النظام السياسي التعددي وتضاد الإرادات والمصالح. لكن استمرار هذا التعثر بعد إحكام الرئيس "قيس سعيّد" سيطرته على مفاصل السلطة يبعث على التساؤل. ما بين تموز/ يوليو 2021 وآذار/مارس 2023، كان الرئيس "سعيد" يترأس السلطة التنفيذية ويمارس أيضاً السلطة التشريعية عبر إصدار المراسيم الرئاسية. وكان مجلس النواب الجديد الذي انطلق عمله في آذار/ مارس 2023 موالياً تماماً للرئيس، ويصادق بالأغلبية على كل القوانين التي يعرضها عليه. بعد فترة طويلة من السبات، دبت الحياة فجأة في مشروع القانون وصادق عليه مجلس الوزراء في 27 حزيران/ يونيو 2024 وأرسله في بداية شهر تموز/ يوليو الفائت إلى البرلمان الذي لم يضع الوقت وناقش النص بسرعة داخل اللجان النيابية، ثم عرضه على الجلسة العامة، وصادق عليه بالإجماع في نهاية نفس الشهر.

ليست حقوق المرأة والالتزامات الدولية والدعاية السياسية هي المنطلقات الوحيدة وراء إصدار القانون الجديد، فهناك جملة من الحسابات الأخرى التي لعبت دوراً في تسريع استصداره. من أهم العوامل التي استحثت الدولة على سنّ هذا القانون، تحفيز المواطنين على "التكاثر". تونس ستدخل قريباً مرحلة التهرم السكاني، وهو سيناريو متوقع منذ بداية الألفية الحالية.

بحلول سنة 2040 ستبلغ نسبة الفئة العمرية 60 عاماً فما فوق 21.5 في المئة من إجمالي السكان، وستتساوى تقريباً مع نسبة الفئة العمرية أقل من 15 عاماً، أو تتجاوزها. هذا يعني أن عدد السكان في سن العمل (15 – 59) سينخفض إلى حوالي 56 في المئة. وهكذا، فنسبة السكان الذين يدفعون مساهمات في صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي ستتراجع بشكل كبير.

القانون الجديد صدر قبل شهرين فقط من الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها يوم 6 تشرين الأول/ أكتوبر القادم، كما أن تاريخ دخوله حيز التطبيق له رمزية كبيرة في التاريخ التونسي المعاصر: 13 آب/أغسطس "عيد المرأة التونسية"، وهو قبل ذلك تاريخ إصدار "مجلة الأحوال الشخصية " (1956)، التي تعتبر من أكثر المدونات القانونية تقدمية في المنطقة العربية. ولطالما كانت عبارات وشعارات مثل "تحرير المرأة"، و"حقوق المرأة"، و"تمكين المرأة"، و"الاستثناء التونسي" من ثوابت الخطاب الرسمي الدعائي قبل ثورة 2011 وبعدها. ويبدو أن ترحيل القانون إلى الأشهر الأخيرة من العهدة الرئاسية كان مدروساً.

طبعاً ليست كل الخطابات الرسمية عن حقوق المرأة في تونس دعاية سياسية جوفاء، فهناك حقوق فعلية ومكتسبات تراكمت عبر السنوات، ويجب المحافظة عليها وتدعيمها مهما كانت نوايا الحكام. لكن لا يجب الاكتفاء بالقوانين - على أهميتها - فلا يزال الحيف الاقتصادي والاجتماعي يكلِّفان جزءاً من النساء التونسيات صحتهن وأحياناً أعمارهن.

60 امرأة على الأقل قتلت خلال السنوات الثلاث الأخيرة قتلاً عمداً على أساس النوع الاجتماعي: 22 ضحية في 2022 و25 ضحية في 2023 و13 ضحية خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2024 وفق إحصائيات دورية لمنظمات نسوية تونسية. وطبعاً أعداد الناجيات أكثر بكثير. خلال سنة 2023، تلقى الخط الأخضر المخصّص للإنصات وإرشاد النساء ضحايا العنف قرابة 8500 مكالمة تتعلق بأشكال مختلفة من العنف المسلط على النساء بحسب أرقام "المرصد الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة في تونس"، هذا من دون احتساب الشكاوى، التي ترد مباشرة إلى مراكز الأمن.

المكسب الأول في القانون الجديد هو توحيد عطل الولادة والأمومة في القطاعين العام والخاص، والتخفيف من الحيف المسلط تاريخياً على العاملات في القطاع الخاص. المكسب الثاني يتمثل في تمديد عطلة الولادة الإجبارية إلى 3 أشهر بمرتب كامل في القطاع العمومي ومنحة في القطاع الخاص.

النفَس "التوافقي" الحاضر بقوة في نص القانون الجديد سبّب خيبة أمل لعدة منظمات نسوية اعتبرت أننا أمام "قانون وردي" يضاف إلى قائمة من القوانين المشابهة، التي تحظى بدعاية سياسية كبيرة، لكن من دون أثر عميق ومستدام في أوضاع النساء.

عشرات الآلاف من التونسيات لن تتمتعن بمكاسب قانون الأمومة الجديد، لأنهن مجبرات على العمل بشكل غير قانوني، ولسن منخرطات في الصناديق الاجتماعية، خاصة العاملات في القطاع الفلاحي، الذي يشهد تأنيثاً متزايداً للفقر. قبل الحديث عن عطل الولادة والأمومة، يجب ضمان حق هؤلاء النسوة في أجر كريم بدلاً من "الملاليم"، التي يتلقينها بعد ساعات طويلة من العمل، وقبل كل هذا ضمان حقهن في الحياة. كل سنة تأتي بنصيبها من حوادث الطرقات، التي تذهب ضحيتها عشرات العاملات الفلاحيات - بين متوفاة ومصابة - جراء نقلهن في شاحنات متهالكة معدة أساساً لنقل السلع والماشية. آخر هذه الحوادث وقع يوم 13 آب/أغسطس الجاري، عندما كانت البلاد تحتفل بعيد المرأة التونسية، وأسفر عن وفاة عاملة وجرح خمس أخريات، إثر انقلاب الشاحنة التي كانت تقلهن إلى العمل في الحقول في محافظة "القيروان".

هواجس ديموغرافية واقتصادية

ليست حقوق المرأة والالتزامات الدولية والدعاية السياسية هي المنطلقات الوحيدة وراء إصدار القانون الجديد، فهناك جملة من الحسابات الأخرى التي لعبت دوراً في تسريع استصداره.

من أهم العوامل التي استحثت الدولة على سنّ هذا القانون، تحفيز المواطنين على "التكاثر". تونس ستدخل قريباً مرحلة التهرم السكاني، وهو سيناريو متوقع منذ بداية الألفية الحالية. اتبعت تونس منذ الاستقلال سياسة التنظيم العائلي وتحديد النسل. لم تفرضها بشكل إجباري، لكنها سخّرت لها كل مقومات النجاح والاستدامة، من تثقيف، ودعاية، وإنشاء مراكز "الصحة الإنجابية" في مختلف مناطق البلاد (وإن بتفاوت)، وتوفير وسائل منع الحمل وتشريع الإنهاء الطوعي للحمل. وكان الهدف الأساسي من هذه السياسة محاصرة الفقر، الذي كان يرزح تحته اغلب التونسيين عند خروج المستعمر الفرنسي، وتعبئة الموارد للتعليم والمرافق العمومية، وبناء طبقة وسطى متعلمة، ستشكل لاحقاً العمود الفقري للمجتمع التونسي.

عشرات الآلاف من التونسيات لن تتمتعن بمكاسب قانون الأمومة الجديد، لأنهن مجبرات على العمل بشكل غير قانوني، ولسن منخرطات في الصناديق الاجتماعية، خاصة العاملات في القطاع الفلاحي، الذي يشهد تأنيثاً متزايداً للفقر. قبل الحديث عن عطل الولادة والأمومة، يجب ضمان حق هؤلاء النسوة في أجر كريم بدلاً من "الملاليم"، التي يتلقينها بعد ساعات طويلة من العمل، وقبل كل هذا ضمان حقهن في الحياة.

انخفض معدل الخصوبة في تونس من 7.1 طفل لكل امرأة سنة 1965 إلى 1.9 سنة 2023. وبلغ متوسط عدد أفراد الأسرة التونسية 3.8 فرد في 2023. وتسارع هذا النسق في السنوات العشر الأخيرة، اذ تراجع عدد الولادات من 225 ألفاً سنة 2014 إلى 160 ألفاً في 2023، وعدد الزيجات من 110 آلاف إلى 77 ألفاً خلال الفترة نفسها. وبحسب تقديرات "المعهد الوطني للإحصاء" للفترة 2014 – 2044، فمن المنتظر أن يتجاوز متوسط العمر المتوقع 80 عاماً في حدود سنة 2036 (82 عاماً لدى النساء، و78 عاماً لدى الرجال). وبحلول سنة 2040 ستبلغ نسبة الفئة العمرية 60 عاماً فما فوق 21.5 في المئة من إجمالي السكان، وستتساوى تقريباً مع نسبة الفئة العمرية أقل من 15 عاماً، أو تتجاوزها. أي أن الفئة الأكبر سناً في المجتمع ستصبح قاعدة هرمه الديموغرافي. هذا يعني أيضاً أن عدد السكان في سن العمل (15 – 59) سينخفض إلى حوالي 56 في المئة. وإذا ما احتسبنا نسبة العاطلين عن العمل وربات البيوت والعاجزين عن العمل والطلاب والعاملين في قطاعات الاقتصاد غير المهيكل، فإن نسبة السكان الذين يدفعون مساهمات في صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي ستتراجع بشكل كبير.

المعادلة بالنسبة إلى الدولة، هي الآتي: عدد متقاعدين أكبر يعيشون أكثر ويتطلبون نفقات رعاية صحية متزايدة مقابل تناقص الموارد عبر السنوات. في نهاية سنة 2022، تجاوزت ديون "الصندوق الوطني للتأمين على المرض" 2.5 مليار دينار (1 دولار يساوي 3.1 دينار تونسي)، وبلغ العجز في ميزانية "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" 951 مليون دينارٍ. وبلغ في ميزانية "الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية" 579 مليون دينار. علماً أن تونس كانت قد رفعت خلال سنة 2019 سن التقاعد في القطاع العمومي إلى 62 سنة وجوبياً و65 اختيارياً، وينتظر أن ينسحب الترفيع نفسه على القطاع الخاص قريباً.

***

القانون الجديد مهم وضروري، لكن كان بالإمكان أحسن مما كان. استجاب إلى الحد الأدنى من المعايير الدولية، وخفف من الحيف المضاعف الذي تعيشه العاملات في القطاع الخاص (قانونياً على الأقل، في انتظار مدى امتثال أرباب العمل)، لكنه خضع أيضاً لحسابات "الربح والخسارة"، وتناغم تماماً مع التقسيم المجتمعي التقليدي للأدوار و"اختصاص" المرأة برعاية الأطفال وتربيتهم.

مقالات من تونس

للكاتب نفسه