"الحريّة للرسام! بيحبسونا عالكلام!"

بحسب عائلة أشرف عمر ومحاميه، فقد تعرض للضرب والسحل والتعذيب والاستيلاء على ممتلكاته الخاصة، كما هُدّد باستخدام الصاعق الكهربائي خلال فترة إخفائه القسري. وقد تمّ تجديد حبسه على ذمة التحقيقات في "القضية 1968 لسنة 2024 حصر أمن الدولة"، بسهولة تامة كشربة ماء، في ربع ساعة و"أونلاين" عبر فيديو- كونفرنس وبلا تحقيقات.
2024-08-22

شارك
رسام الكاريكاتير المصري المعتقل أشرف عُمر (عن الانترنت)
إعداد وتحرير: صباح جلّول

قرّرتْ نيابة أمن الدولة العليا المصرية تجديد حبس المترجم وفنان الكاريكاتير المصري أشرف عمر يوم الأحد الفائت في 18 آب/ أغسطس 2024، وذلك لمدة 15 يوماً. وهي المرة الثالثة التي يتجدد فيها حبسه منذ انقضّت عليه قوّة أمنية بلباس مدني واختطفته معصوب العينين من منزله يوم 22 تمّوز/ يوليو 2024، في منطقة "حدائق أكتوبر" في القاهرة، في إجراءات غير قانونية ومخالِفة للدستور المصري، لكن معتمدة بشكل متكرر من الأجهزة الأمنية. بقي أشرف عمر مختفياً قسرياً لا تعرف عائلته أو محاموه مكانه لأكثر من يومين، إلى أن ظهر في نيابة أمن الدولة العليا. أمّا السبب الظاهري لاعتقاله، فرسومات كاريكاتيرية نُشرت له في الآونة الأخيرة يسخر فيها من سياسات الدولة الفاشلة وأزمة انقطاع الكهرباء وعدم القدرة على تشغيل قطارات المونوريل وسياسة الحلّ بالاستدانة.

بحسب عائلة أشرف عمر ومحاميه، فقد تعرض للضرب والسحل والتعذيب والاستيلاء على ممتلكاته الخاصة، كما هُدّد باستخدام الصاعق الكهربائي خلال فترة إخفائه القسري. وقد تمّ تجديد حبسه على ذمة التحقيقات في "القضية 1968 لسنة 2024 حصر أمن الدولة"، بسهولة تامة كشربة ماء، في ربع ساعة و"أونلاين" عبر فيديو- كونفرنس وبلا تحقيقات، وتهمته في القضية: "الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وبث ونشر شائعات وأخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام إحدى وسائل التواصل الاجتماعي"... الأسطوانة نفسها التي تُفني أعمار كثير من الشباب المصري في السجون.

بعد زيارة زوجته ندى مغيث له في سجن "العاشر من رمضان" يوم 17 آب/ أغسطس، أكدتْ لموقع "المنصة" (الذي ينشر الرسام فيه كاريكاتيراته) أنه بدا بحال أفضل ومتفائلاً، وأنه بدأ بتعليم زملائه في السجن اللغة الإنكليزية محاوِلاً الاستفادة من وقته. محاولة أشرف عمر للتمسك بالدور والهدف والمعنى تحيلنا إلى حديث زميله فنان الكاريكاتير المصري محمد أنديل عن مساءلة رسامي الكاريكاتير المصريين الذين رسموا ضدّ النظام في مراحل متعددة، حول جدوى عملهم، وتخوّفهم من أن تكون رسومهم اللاذعة تلعب عن غير قصدٍ دور "تنفيس" الغضب الشعبي بالإضحاك والتندر على مصائب البلاد. يقول أنديل أن "ثورة 25 يناير" أظهرت له ولزملائه أثر رسوماتهم، فوجدوها منتشرة بين المتظاهرين، ومرفوعة في الساحات، ومعبّرة عن لسان حال الناس. وقعت المفارقة في حالة أشرف عمر في أن حبسه ضاعف من شهرة أعماله، فوصلت فئاتٍ أكبر من المصريين وغير المصريين. ورغبة منا في إعلاء صوته، نشارك بعض رسوماته الكاريكاتيرية الحديثة والأقدم، التي تحكي ما يقوله الناس كل يوم وفي كل شارع في مصر، حول تراجع معيشتهم الكارثي وغيرها من السياسات التي تمس قضايا الدولة الحساسة.

*****

أمام نقابة الصحافة المصرية، اجتمع زملاء الرسام من الصحافيين المصريين في وقفة احتجاجية يوم 11 آب/ أغسطس، للتضامن معه ومع كل معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين. هتفوا "الحرية للرسّام! بيحبسونا عالكلام!"، "خفّف أحمال الزنازين! طلّع كلّ المعتقلين!"، "الصحافة مش إرهاب، خرِّجوا كلّ الشباب"...

تحتل مصر المرتبة 170 من أصل 180 دولة شملها تحليل مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2024 الذي تنشره منظمة "مراسلون بلا حدود" سنوياً، وذلك بتراجع 4 مراكز عن العام السابق 2023. تعرِّف المنظّمة حرية الصحافة بأنها "الإمكانية الفعلية للصحافيين، بشكل فردي وجماعي، لاختيار وإنتاج ونشر المعلومات التي تصب في المصلحة العامة، وذلك في استقلال عن التدخل السياسي والاقتصادي والقانوني والاجتماعي، ودون أي تهديدات ضد سلامتهم الجسدية والعقلية". كلّ ذلك في مهب الريح في مصر، حيث تُلصق بالمعتقلين السياسيين ومعتقلي الصحافة والرأي تهمٌ لا تنضب، "قياسٌ واحد يصلح للجميع"، مثل "الانضمام إلى جماعة إرهابية" أو "إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"... يًضاف بشحطة قلم اسمٌ آخر "على ذمة القضية رقم كذا"، وتلك ذمتها تتّسع لمن تريد.

أخيراً، لم ينسَ المحتجّون، معتقَلي التضامن مع غزّة، الشباب الذين حُبسوا بسبب المطالبة بفتح معبر رفح على وسائل التواصل وانتقاد التربح من إغلاق المعبر أمام الغزيين. خلفهم، فُردت يافطة ضخمة عرضت صور الصحافيين الفلسطينيين الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي في غزّة.