الأجيال القادمة تدفع ثمن الإبادة البيئية في غزة

ما تعرضت له غزة من تدمير متعدد الأوجه للبيئة والبنية التحتية، كان هدفه تحويل غزة إلى مدينة لا تصلح للعيش، لكن أهالي غزة خيبوا آمال جيش الاحتلال وحلفائه، وأثبتوا يوماً بعد يوم تمسكهم بالأرض مهما بلغت خسائرهم. وكما سيقع على الأجيال الفلسطينية الجديدة عبء الثأر لشهداء الحرب الدامية، سيقع عليهم أيضاً عبء تطهير الأرض من "البصمة الكربونية "للعدوان، والبدء من جديد.
2024-05-16

صفاء عاشور

باحثة وصحافية من مصر


شارك
شاكر حسن آل سعيد - العراق

نحافظ على البيئة من أجل تحقيق عالم متوازن، ينعم فيه الإنسان بجودة الحياة، ويضمن الاستدامة للأجيال القادمة، فإذا استُهدِف الإنسان وتعرض للإبادة الوحشية، يصير الحديث عن التدهور البيئي مرتبطاً بحماية الأرواح أولاً، كما هي الحال في قطاع غزة، حيث تأخر الحديث عن الكارثة البيئية والقضاء المتعمَّد على الموارد من قبل جيش الاحتلال، وذلك بسبب الخسائر البشرية الفادحة التي وصلت إلى حد التطهير العرقي.

بضعة أوراق بحثية وقياسات محدودة، كشفتْ عن حجم هائل من التلوث البيئي الذي تعرضت له "غزة" منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2023، والذي سيسهم في التغير المناخي، وتحتاج معالجة آثاره إلى عقود وموارد مالية ضخمة، خاصة مع تدمير البنية التحتية للمكان ، من محطات مياه، وكهرباء، وقطاع طبي، وأنظمة صرف صحي، فضلاً عن توقف جهود التنمية وتراجعها 20 عاماً إلى الوراء، وفقاً لتقرير صادر عن "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"، و"اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا" (الإسكوا)، وردت فيه إشارة إلى أن الأضرار المباشِرة التي لحقت بالبنية التحتية في القطاع حتى كانون الثاني / يناير من العام الحالي، بلغت حوالي 18.5 مليار دولار، أي ما يعادل 97 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدولة فلسطين عام 2022.

سعتْ أغلب التقارير العلمية المنشورة، إلى إلصاق جزء من الأضرار البيئية في القطاع بحركة حماس والمقاومة، ولكن ربما تدان إسرائيل بشكل أكثر جدية عند بدء التحقيق من قبل "برنامج الأمم المتحدة للبيئة"، الذي تلقّى طلباً من الحكومة الفلسطينية بهذا الشأن، أسوة بالتقرير المماثل الذي أصدرته الهيئة عام 2022 حول الأضرار البيئية على دولة أوكرانيا جراء الحرب الروسية.

قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كان قطاع غزة يعاني - بشكل كبير - بسبب الكثافة السكانية العالية والمتنامية، مع محدودية الرقعة الجغرافية للقطاع، وصعوبة الامتداد الأفقي، إذ تُعدّ غزة من بين أعلى المدن كثافة في العالم، فضلاً عن عدم كفاية خدمات المياه والصرف الصحي والكهرباء، والضغط عليها، وارتفاع معدلات البطالة، في ظل حصار شبه دائم يفرضه جيش الاحتلال، وحروب مستمرة تخلف آثاراً بيئية بالغة.

لذا صدرت عشرات التقارير الأممية، حول التلوث البيئي في غزة منذ انسحاب جيش الاحتلال من القطاع عام 2005، وتعمّده تدمير البنية التحتية، تماماً كما يحدث الآن، حيث ذكر تقرير صادر عن "مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" تعمُّد إسرائيل تدمير البنية التحتية والممتلكات الخاصة، بصورة لا تبررها الضرورة العسكرية، ويرقى إلى اعتباره جريمة حرب.

خلال نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، شهدت دولة الإمارات فعاليات "مؤتمر الأمم المتحدة"، المعني بتغير المناخ - كوب 28 - تخللته عدة فعاليات مناهضة للحرب على غزة، على الرغم من القيود المفروضة، والتي اشترطتْ عدم رفع علم فلسطين، وأخذ الموافقة المسبقة على الوقفات الاحتجاجية والشعارات التي تتضمنها. كما لم يتمكن الوفد الفلسطيني من الحضور بأكمله بسبب ظروف الحرب، وحدث ما يشبه التعتيم على موقف الوفود المشاركة، ومدى سيطرة الأحداث في غزة على الأجندة المناخية، مقابل وضوح العلاقات الوطيدة بين دولة الإمارات ودولة الكيان الصهيوني، على الرغم من التصريحات الرافضة للحرب من قِبل ممثلي دول عربية وأمريكا اللاتينية، وانسحاب الوفد الإيراني في نهاية المؤتمر، احتجاجاً على مشاركة إسرائيل.

الحرب وقتها كانت في بدايتها، وتخللتها هدنة تزامنت مع بداية المؤتمر، لذلك خسرت غزة جبهة دفاع مبكرة لكشف الآثار البيئية بسبب الحرب، بل اتهم النشطاء البيئيون المتظاهرون دعماً لغزة - داخل المؤتمر وخارجه – بأنهم يخلطون بين نشاطهم البيئي والسياسة! لكن البعض رأى في الدعم المبكِر لغزة فعلاً مناهضاً للقمع وعدم المساواة، ومتعلقاً أيضاً بالنضال من أجل العدالة المناخية، مثل الناشطة البيئية السويدية الشهيرة "غريتا تونبرغ"، التي دعمت غزة منذ بداية الحرب، وعاقبتها إسرائيل بحذف صورها من المناهج الدراسية، كونها لم تعد "نموذجاً للإلهام" لطلاب الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة.

يحرقون الهواء

الهواء في غزة من أكثر العناصر المناخية تضرراً منذ بداية اندلاع الحرب، وهو أمر منطقي بالمقارنة مع حجم المتفجرات التي ألقاها جيش الاحتلال على أحياء السكان المدنيين العزل. على موقع "Plume Labs" يمكن تتبع مستوى جودة الهواء في غزة، حيث تُعطى ثلاث تقييمات وفقاً لجودة الهواء، وهى : "مقبول"، "ردئ"، "غير صحي"، وفقاً لنسبة الملوِّثات الموجودة في الهواء. وتظهر المؤشرات تلوث هواء غزة بالتزامن مع الحرب خلال الأشهر السبعة الماضية، ووصوله في بعض الأيام إلى درجة التقييم الثالث: "غير صحي"، ما يعني أن الهواء قد وصل إلى مستوى عالٍ جدّاً من التلوث، يمكن أن يسبب ضرراً مباشراً، أو على المدى البعيد، وفقاً للحالة الصحية والعمرية للسكان.

كما نشرت الدورية العلمية "Social Science Research Network"، بحثاً حول تحليل قياسات نسبة الغازات الحبيسة المسببة لـ "البصمة الكربونية" في غزة، أعدته مجموعة من الباحثين من بريطانيا وأمريكا ، واستخدم وحدة قياس "مكافئ ثاني أكسيد الكربون"، التي لا تأخذ بعين الاعتبار نسبة "ثاني أكسيد الكربون" في الهواء فحسب، بل أيضاً الغازات الدفيئة الأخرى، مثل "الميثان"، و"أكسيد النيتروز"، عن طريق تحويلها إلى مكافئ الانبعاثات من "ثاني أكسيد الكربون"، وله تأثير الاحترار العالمي نفسه.

وردت في تقرير صادر عن "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"، و"اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا" (الإسكوا)، إشارة إلى أن الأضرار المباشِرة التي لحقت بالبنية التحتية في القطاع حتى كانون الثاني / يناير من العام الحالي، بلغت حوالي 18.5 مليار دولار، أي ما يعادل 97 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدولة فلسطين عام 2022.

الاطلاع على حجم تضرر الغطاء النباتي من قبل خرائط "غوغل" غير متاح، حيث يعود آخر تحديث لها إلى ما قبل تاريخ الحرب، علماً بأنها تعتمد على المرئيات الفضائية الخاصة بأقمار الاستشعار عن بعد الأمريكية، ولا تتيح تحديث الخرائط إلا كل عام أو ثلاثة. لكن أيضاً ربما يحمل تأجيل تحديث "غوغل" لخرائط غزة أهدافاً أخرى، تتعلق بحماية الكيان الصهيوني، وعدم استخدام خرائطها كدليل إدانة له.

كشفت الدراسة عن أن حجم الانبعاثات في أول 60 يوماً فقط من الحرب، وصل إلى 281 ألف طن من "مكافئ ثاني أكسيد الكربون"، أي ما يعادل تشغيل 75 محطة طاقة تعمل بالفحم لمدة عام، من ضمنها عشرة آلاف قنبلة ألقاها جيش الاحتلال على التجمعات المدنية، بإجمالي وزن 2300 طن. تضاعفت تلك الأرقام بالطبع، بعد مرور سبعة أشهر على الحرب.

ليس ذلك فقط، بل إن البنية التحتية التي دمّرها جيش الاحتلال خلال 60 يوماً من الحرب أيضاً، إعادة بنائها عدة سنوات، وستكلف القطاع وسكانه مزيداً من التلوث الكربوني، خلال عمليتي إزالة حطام الأبنية، وإعادة البناء مرة أخرى، قدّر الباحثون أنه سيساوي الانبعاثات الكربونية التي تنتجها دولة نيوزيلندا خلال عام كامل على أقل تقدير.

أكد تقرير صدر عن "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" (الأونكتاد)، نُشر في كانون الثاني/ يناير الفائت تضرُّر أو تدمير 37 ألف مبنى، أي ما يعادل 18 في المئة من إجمالي المباني في قطاع غزة جراء العملية العسكرية. وأشار التقرير إلى أن قطاع غزة، الذي يقارب عدد الأطفال نصف عدد سكانه، صار الآن غير صالح للسكن، حيث يفتقر الناس فيه إلى مصادر الدخل والوصول إلى المياه، والصرف الصحي، وخدمات الصحة، والتعليم.

مياه ملوثة

الحديث عن العطش في غزة، وصعوبة الوصول إلى مصادر آمنة للمياه، بدأ منذ اليوم الأول من الحرب، فالقطاع يعاني في الأساس من نقص المياه، بسبب الحصار الدائم من قبل جيش الاحتلال، ومحطات تحلية المياه لا تفي بجميع احتياجات السكان، ما يدفع بعضهم إلى شراء المياه الصالحة للشرب حتى من قَبْل زمن الحرب، في ظل نسب فقر وبطالة مرتفعة.

ومنذ بداية الحرب، توقفت محطات تحلية المياه بسبب أزمة انقطاع الوقود، وذكر تقرير صادر عن منظمة "اليونيسيف" نهاية العام 2023، تعرّض ما لا يقل عن 50 في المئة من مرافق المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية للأضرار أو للتدمير في غزة، حيث حذرت "اليونيسيف" من أن تأثير هذا الوضع على الأطفال مثير للقلق بشكل خاص، لأنهم أكثر عرضة للإصابة بالإسهال والأمراض وسوء التغذية، خاصة في ظل القضاء على النظام الصحي في المستشفيات، بل والقضاء على المشافي نفسها، ومنع الإمدادات الطبية من الدخول الى القطاع.

على موقع "Plume Labs" يمكن تتبع مستوى جودة الهواء في غزة، حيث تُعطى ثلاث تقييمات وفقاً لجودة الهواء، وهى : "مقبول"، "ردئ"، "غير صحي"، وفقاً لنسبة الملوِّثات الموجودة في الهواء. وتظهر المؤشرات تلوث هواء غزة بالتزامن مع الحرب خلال الأشهر السبعة الماضية، ووصوله في بعض الأيام إلى درجة التقييم الثالث: "غير صحي".

كشفت الدراسة عن أن حجم الانبعاثات في أول 60 يوماً فقط من الحرب، وصل إلى 281 ألف طن من "مكافئ ثاني أكسيد الكربون"، أي ما يعادل تشغيل 75 محطة طاقةتعمل بالفحم لمدة عام، من ضمنها عشرة آلاف قنبلة ألقاها جيش الاحتلال على التجمعات المدنية، بإجمالي وزن 2300 طن. تضاعفت تلك الأرقام بالطبع، بعد مرور سبعة أشهر على الحرب.

وبسبب تردي الأوضاع البيئية، تمّ تسجيل ما يقرب من 20 ضعف المتوسط الشهري لحالات الإسهال المبلّغ عنها بين الأطفال دون سن الخامسة، بالإضافة إلى زيادة حالات "الجرب"، و"القمل"، و"جدري الماء" و"الطفح الجلدي". وجميعها أمراض بيئية تنتج عن نقص المياه، إضافة إلى أكثر من 160 ألف حالة من التهابات الجهاز التنفسي الحادة.

الأمر نفسه أكده "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني"، في بيان له صدر في بداية الحرب، كشف عن حجم معاناة أهالي قطاع غزة في الحصول على المياه. فقبل الحرب، كان معدل استهلاك الفرد من المياه في القطاع يقدر بحوالي 82.7 ليتراً للفرد يومياً، وهي نسبة تدْخل ضمن معدلات الشح المائي، لكنه كان أفضل من الحال بعد الحرب، حيث انخفض نصيب الفرد من المياه، ليتراوح ما بين واحد إلى ثلاث ليترات في اليوم، وبذلك تكون نسبة استهلاك المياه للفرد قد انخفضت بنسبة 92 في المئة عما كانت عليه قبل العدوان.

تَضرَّر أيضاً نظام الصرف الصحي، فتوقفت حوالي 65 مضخة، وجميع محطات وأنظمة معالجة الصرف الصحي البالغ عددها 6، بسبب انقطاع الكهرباء ونقص الوقود، مما أدى إلى تدفق حوالي 130,000 متر مكعب يومياً من مياه الصرف الصحي غير المعالَجة إلى مياه بحر.

ولم تتح بعد معلومات عن تضرر الحياة البحرية جراء حرب غزة، علماً بأن السباحة في البحر بالقرب من ساحل غزة لا تعد آمنة أصلاً، وذلك بسبب تدفق مياه الصرف الصحي منذ سنوات قبل الحرب، كانعكاس لأزمة الحصار الذي تعيشه المدينة.

استهداف أشجار الزيتون

بسبب ظروف الحرب، عجزت الكاميرات عن رصد استهداف جيش الاحتلال للغطاء النباتي في قطاع غزة، وخاصة أشجار الزيتون المعمِّرة، التي تقف - على مر الأجيال - كرمز من رموز المقاومة والتذكير بحق العودة الفلسطيني، ولها أيضاً دور كبير في الاقتصاد الزراعي في غزة، حيث تشكل حوالي 60 في المئة من الأشجار المثمرة في القطاع.

وفي نهاية العام 2023، أصدر "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" بياناً، كشف فيه عن تضرر المناطق الزراعية في قطاع غزة، التي تسهم في سد احتياجات السكان بنسبة 44 في المئة من جراء الحرب، خاصة في منطقتي "شمال غزة"، و"خان يونس"، حيث شهدت الأخيرة دمار أكثر من 90 في المئة من أراضيها الزراعية، في حين وصلت نسبة الخسائر اليومية إلى حوالي 1.6 مليون دولار أمريكي.

وبجانب ما تعانيه المزروعات المتبقية من نقص مياه، اضطر المواطن الغزاوي إلى اللجوء إلى أكل النباتات البرية، لسد احتياجاته من الغذاء، بسبب منع جيش الاحتلال دخول شاحنات الإغاثة، وفقاً لتقرير نشرته الأمم المتحدة على موقعها في شباط/ فبراير الماضي. فراحت النباتات البرية بغزة، مثل "الخبيزة"، تباع بأثمان باهظة، مقابل ما توفره من مادة غذائية محدودة. لكن أهالي القطاع كانوا مضطرين لهذا الأمر، فواحدة من كل أربع أسر - على الأقل - في غزة تواجه الآن مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي أو ظروفاً شبيهة بالمجاعة، فمن يلومهم على الإخلال بالتوازن البيئي، والقطع الجائر للأعشاب البرية، بل والأشجار أيضاً لغرض التدفئة وبناء المأوي.

الاطلاع على حجم تضرر الغطاء النباتي من قبل خرائط "غوغل" غير متاح، حيث يعود آخر تحديث لها إلى ما قبل تاريخ الحرب، علماً بأنها تعتمد على المرئيات الفضائية الخاصة بأقمار الاستشعار عن بعد الأمريكية، ولا تتيح تحديث الخرائط إلا كل عام أو ثلاثة. لكن أيضاً ربما يحمل تأجيل تحديث "غوغل" لخرائط غزة أهدافاً أخرى، تتعلق بحماية الكيان الصهيوني، وعدم استخدام خرائطها كدليل إدانة له.

لكن تعتيم "غوغل"، لم يمنع موقع "bellingcat" من نشر تقرير منتصف آذار / مارس الفائت، باستخدام مرئيات فضائية حديثة، كشف خلاله عن خسارة هائلة في الغطاء النباتي في قطاع غزة منذ الحرب، ومن ضمنها إزالة أكثر من 4300 فدان من الغطاء النباتي، قرب "ممر نتساريم" وسط قطاع غزة، وكذلك إزالة حوالي 805 فداناً من الغطاء النباتي في جنوب غــزة، على طول طريق "كيسوفيم".

انخفض نصيب الفرد من المياه، ليتراوح ما بين واحد إلى ثلاث ليترات في اليوم، وبذلك تكون نسبة استهلاك المياه للفرد قد انخفضت بنسبة 92 في المئة عما كانت عليه قبل العدوان.

وفي نهاية العام 2023، أصدر "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" بياناً كشف فيه عن تضرر المناطق الزراعية في قطاع غزة، التي تسهم في سد احتياجات السكان بنسبة 44 في المئة من جراء الحرب، خاصة في منطقتي "شمال غزة"، و"خان يونس"، حيث شهدت الأخيرة دمار أكثر من 90 في المئة من أراضيها الزراعية، في حين وصلت نسبة الخسائر اليومية إلى حوالي 1.6 مليون دولار أمريكي.

محمية قطاع غزة  - أيضاً - تعرضت للضرر، كونها تقع في الشمال، على الرغم من ندرة الأخبار الموثَّقة عنها، ويعود تسجيلها إلى عام 2000 فقط.

مقالات ذات صلة

ويمتد الوادي في المحمية 105 كيلو مترات، من "صحراء النقب" حتى جنوب "الخليل" في "الضفة الغربية"، مع مسافة تسعة كيلو مترات عبر قطاع غزة حتى البحر الأبيض المتوسط. وتعتبر المنطقة الرطبة الساحلية في وادي غزة محطة استراحة هامة للطيور المائية المهاجرة، مثل "السمان"، و"أبو منجل". والوادي الداخلي يمثل نظاماً بيئياً جافاً، مع وجود بحيرات مائية موسمية. وخلال عام 2022 بدأ "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" بتحويل الوادي إلى محمية طبيعية، عبر ثلاث مراحل تستغرق عشر سنوات، بتكلفة 66 مليون دولار... وبالطبع توقف المشروع بسبب الحرب.

هكذا، نجد أن ما تعرضت له غزة من تدمير متعدد الأوجه للبيئة والبنية التحتية، كان هدفه تحويل غزة إلى مدينة لا تصلح للعيش، لكن أهالي غزة خيبوا آمال جيش الاحتلال وحلفائه، وأثبتوا يوماً بعد يوم تمسكهم بالأرض مهما بلغت خسائرهم. وكما سيقع على الأجيال الفلسطينية الجديدة عبء الثأر لشهداء الحرب الدامية، سيقع عليهم أيضاً عبء تطهير الأرض من "البصمة الكربونية "للعدوان، والبدء من جديد.

مقالات من فلسطين

رحلة البحث عن رغيف

كُل صباح في الأيام الماضية، حينما أجوب الشوارع، لا أجدني سوى باحث عن الخُبز، وأنا حقيقةً لا أستوعب إلى الآن أن الحال وصلت بي - كما وصلت بكُل الناس- إلى...

خالدة جرار مسجونة في قبر!

2024-11-21

"أنا أموت كل يوم، الزنزانة أشبه بصندوق صغير محكم الإغلاق، لا يدخله الهواء. لا يوجد في الزنزانة إلا دورة مياه ونافذة صغيرة فوقه أغلقوها بعد يوم من نقلي إلى هنا...

اقتصاد البَقاء: الدّلالةُ والمفهوم في ظلّ حرب الإبادة

مسيف جميل 2024-11-17

لا توجد جدوى للصمود، ما لم يرتبط بالتصدي للاحتلال. استخدم المانحون "الصمود" كإطار جديد، يتماشى مع المرحلة الفلسطينية، ويراعي المشاعر الفلسطينية والحس الوطني السياسي، وكأن التنمية تحدث بتسمية وتبنِّي مصطلحات...

للكاتب نفسه