«...ليست الأنفاق «شريان حياة» وممراً لمستلزمات الحياة اليوميّة فحسب. إنّها نوعٌ من القفز فوق الحاجز، استعمال أمثل للعقل البشري، نموذج تجب دراسته في ميكانيزم الاختراق. الأنفاق، في حسابات المناكفة، بصقة في وجه من ظنّوا أنهم حبكوها جيّداً، إسرائيليين وعرباً وأميريكان. في حسابات الجغرافيا هي كسبٌ للناس على طرفي الحدود، واسألوا بدو سيناء وأهلها الذين لا قيمة ولا معنى لهم في حسابات القاهرة ونخبتها التي تنظّر عن سيناء وما زارتها يوماً. عندما حفر الفلسطينيّون في غزّة الأنفاق بعدما أغلق العالم أبوابه في وجههم، لم يبالوا لا بسيادة مصريّة ولا بقوانين دوليّة. وكيف لهم أن يبالوا؟ هذا الكلام الكبير يصغُر أمام رغبة إنسان فرد واحد في أن يرتاح. يشبه الأمر أنّ تفك حزامك، والزرّ الأول من البنطال، بعد وجبة غداء دسمة. هذه الرّاحة بعد ضيق، هذا الانكشاح الانسانيّ بامتياز، لا مردّ له ولا هويّة...من لم يفهم الأنفاق ويستشعر حلاوتها وهي التي مكّنت عشّاقًا من اللقاء وعائلات من أن يلتم شملها، فلا خيار أمامه إلا أن يراجع إنسانيّته...
لن تنتهي الأنفاق إلا بانتهاء الوضع المشوّه الذي استدعى حفرها، وفتح المعبر للبضائع. لا يشمل ذلك المعطى أنفاق تهريب السلاح التي إن أرادها البعض مغلقة، كان لزماً عليه توفير السلاح شرعياً. شيطنة الفلسطينيين في مصر هي نصيبنا من بؤس الدولة المصريّة، وسياسات المؤامرة والعدو المترصّد التي تجري فيها مجرى النَفس...»
من مدونة سيرة لاجئ