الســياســة فــي أرض مصــر

سيأتي يوم ويكتب رئيس تحرير جريدة حكومية افتتاحيته بالصفحة الأولى ضد أحد قادة المعارضة، يصفه فيها بألفاظ من عينة «ذلك القائد الفاسد، النصاب، الذي نما له كرش عظيم من الإتجار بدماء الغلابة». هذه الألفاظ ستزلزل المجال السياسي المصري، لدرجة أن بياناً عن حزب المعارضة سيصدر لمحاولة وضع الأمور في نصابها. البيان يدعي أنه «صحيح أن قائد المعارضة قد زاد وزنه الأيام الماضية، ولكن هذا
2013-03-20

شارك

سيأتي يوم ويكتب رئيس تحرير جريدة حكومية افتتاحيته بالصفحة الأولى ضد أحد قادة المعارضة، يصفه فيها بألفاظ من عينة «ذلك القائد الفاسد، النصاب، الذي نما له كرش عظيم من الإتجار بدماء الغلابة». هذه الألفاظ ستزلزل المجال السياسي المصري، لدرجة أن بياناً عن حزب المعارضة سيصدر لمحاولة وضع الأمور في نصابها. البيان يدعي أنه «صحيح أن قائد المعارضة قد زاد وزنه الأيام الماضية، ولكن هذا بسبب الجلوس طويلا في المكتب لفحص شكاوى الغلابة». وإن «القائد قد بدأ ريجيما قاسيا منذ أسابيع، لكن نتيجة الريجيم لم تظهر بعد»، وسيختتم البيان بالإشارة للعيب الرئيسي للصحافة المصرية، وهو القفز سريعاً إلى الاستنتاجات. يصل البيان لمكتب رئيس التحرير فينشره في مكان الافتتاحية، بالصفحة الأولى، عملا بحق الرد الصحافي، ثم تصل الجريدة الحكومية إلى سبق صحافي خطير. كمية الطلبيات التي أوصى عليها قائد المعارضة من مطعم البيتزا أسفل بيته، لا تشي إطلاقا بأنه قد بدأ ريجيما من أي نوع. ينشر رئيس التحرير صورا زنكوغرافية لهذه الطلبيات في نفس المكان، مكان الافتتاحية، تحت عنوان ساخر «ريجيم البيتزا!!!». يبدأ قائد المعارضة في صب هجومه على صاحب محل البيتزا، يرسل له رسالة مفتوحة في نفس المكان إياه بالصفحة الأولى، يعتب عليه إفشاءه أسرار زبائنه الشخصية، مع سؤال استنكاري: «بذمتك، ألم أكن من قبل أطلب بيتزا باللحمة المفرومة بحجم كبير ثم غيرتها إلى بيتزا باللحمة المفرومة بحجم متوسط، أليس هذا دليلاً على الريجيم، أم ان عينك المتربصة قد أغفلت ذكر هذا الموضوع؟»، فيكتب صاحب محل البيتزا تحت عنوان «أوهام المعارضة» في نفس المكان قائلاً انه يعترف بأن قائد المعارضة قد غيّر حجم البيتزا، لكن هذا قد حدث بالتزامن مع تغيير مطعم البيتزا نفسه لمكونات البيتزا، فبعد أن كان يطبخها بالزيت النباتي الصحي، أصبح يستعمل السمن البلدي، وهو ما يجعل تغيير حجم البيتزا أمراً غير ذي بال، وما يجعل الريجيم الذي بدأه قائد المعارضة ليس ريجيماً أصلاً، وإنما وهم، لا شيء، حيلة دفاعية مكشوفة على أقل تقدير. وهكذا فقط انتصرت وجهة النظر الحكومية القائلة بفساد المعارضة.