كم طرامب بين حكامنا العرب؟
ألا يستوقفك أن اتصالات التهنئة الأولى للرئيس الأميركي الجديد والفريد في بابه قد جاءته من حكام عرب، أو أنّه قد بادر هو إلى إجرائها شخصياً، مع بعض أصحاب الجلالة أو بعض أصحاب الفخامة من الحكام العرب؟
لقد وجد بعضهم فيه "الرئيس المثالي"، كما وجد في بعضهم الملوك - الرؤساء - الأباطرة المثاليين: يقررون من دون مراجعة أو خوف من الحساب، وقد يورطون بلادهم في حروب غير مبررة ولا أمل في كسبها (كما السعودية في اليمن)، أو يستدينون فيرهقون اقتصاد بلادهم ويرهنون مستقبل أجيالهم الآتية (كما حالة مصر السيسي)، أو يتورّطون في تحالفات مع الغريب ضدّ الشقيق (كما في حالة شيخ قطر مع تركيا أردوغان) أو يتواطأون مع الأجنبي على إخوتهم (كما في الحرب على سوريا والعراق..).
دونالد طرامب يشكل مثلاً أعلى للحكام العرب، وسيتخذونه قدوة في مغامراتهم العسكرية وفي مقامراتهم السياسية
دونالد طرامب يكاد أن يكون موجوداً على أكثر من عرش عربي، وإلا كيف تفسّر اندفاع دولة الإمارات العربية المتحدة التي اشتهرت بثروتها النفطية ولم تشتهر بقوّاتها العسكرية إلى التورط في الحرب على اليمن ذات التاريخ وشعبها الفقير، وإرسالها أسطولها الجوّي لدكّ معالم الحضارة في البلد الذي شكل أول منارة للتقدم في التاريخ الإنساني؟
دونالد طرامب الذي يتبدّى نتوءاً نافراً في دولة ذات نظام ديمقراطي مثل الولايات المتحدة الأميركية (أقله في شؤونها الداخلية)، يشكل مثلاً أعلى للحكام العرب، وسيتخذونه قدوة في مغامراتهم العسكرية وفي مقامراتهم السياسية.
بل أن بعضهم قد يدعي أنّه يلعب دور "المرشد" مع طرامب بدليل أنه كان أول من اتصل به الرئيس الأميركي الآتي من خارج السياق المنطقي لموجبات الحكم في "بلد مهاجرين"، وأسرة طرامب ذاتها، بالزوجات الكثيرات متعددات الجنسية، فضلاً عن شجرته العائلية التي تؤكّد أنه "مهاجر" كما الذين يضطهدهم الآن في المطارات الأميركية.
هذا كثير، أن نكون محاصرين بين آل طرامب في الداخل كما في الخارج.. ويظل أملنا في أن تصحح "الشعوب الأميركية" خطأها التاريخي، فتفتح باب الأمل بإنهاء عصر آل طرامب في واشنطن كما في مختلف العواصم العربية..