أطفال الشوارع في مصر: كم عددهم وكيف تعالج الظاهرة؟

أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي بمصر عن مشروع "أطفال بلا مأوى" لمعالجة ظاهرة أطفال الشوارع، لكن التباين الشاسع في إحصاء عدد الأطفال بين الأمم المتحدة وأرقام الوزارة يؤدي للشك بفعالية الجهود.
2017-02-06

أحمد عبد العليم

كاتب وباحث سياسي من مصر


شارك
حسام بلان - سوريا

تفاقمت ظاهرة أطفال الشوارع في مصر خلال السنوات الأخيرة، باعتبار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، وهي مرتبطة بمشكلات أخرى مثل التسوُّل والمخدرات والعنف بالإضافة إلى الاستغلال الجنسي..
بدايةً يشير مصطلح "أطفال الشوارع"  إلى أي طفل سواء كان ذكراً أو أنثى اتخذ من الشارع محلًا للحياة والإقامة دون رعاية أو حماية أو إشراف من جانب أشخاص راشدين مسؤولين. وهم مقسمون بين ثلاث فئات: الفئة الأولى "قاطنون في الشارع"، الفئة الثانية "عاملون في الشارع"، أما الفئة الثالثة "أطفال يعيشون مع أسرهم في الشارع"، وذلك وفق تعريف منظمة الأمم المتحدة للطفولة ("يونسيف"). ومن أسبابها الفقر، الأميّة، التسرُّب من التعليم، وانتشار العنف الأسري والطلاق..

تناقض خطير بالأرقام

تشير دراسة رسمية صادرة عن وزارة التضامن الاجتماعي إلى أن عدد الأطفال الذين ليس لديهم مأوى في مصر يبلغ حوالي 16 ألف طفل، وأن أغلبهم يتمركز في الحضر بنسبة تصل إلى 88 في المئة. وأغلب أطفال الشوارع من الذكور بما نسبته 83 في المئة، وهناك حوالي 87 في المئة منهم أصحّاء في حين أن البقية من ذوي الإعاقات. هذا بينما كانت وزارة الداخلية قد أصدرت تقريراً في عام 2012 أعلنت فيه أن عدد أطفال الشوارع في مصر حوالي 29 ألف طفل.
وتتناقض هذه الأرقام الرسمية المعلنة فيما بينها، كما مع أرقام أخرى أعلنت عنها "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" التي قدّرت عدد أطفال الشوارع في مصر بحوالي مليوني طفل! وهو رقم يقترب مما صدر عن مؤسسة حكومية رسمية، هي "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء"، في دراسة له عن عمالة الأطفال، حيث قدّر عدد المتسولين بالشارع منهم، كما الذين يعملون بالورش والمصانع بحوالي 1.6 مليون طفل، وإن كان بعضهم ليسوا أطفال شوارع بالمعنى الذي ينطبق عليه التعريف الرسمي، فيُرجّح أن عدداً كبيرا منهم بلا مأوى.

برنامج "أطفال بلا مأوى"

برنامج "أطفال بلا مأوى" عبر تنسيق بين وزارة التضامن الاجتماعي وبين "صندوق تحيا مصر"، وتقدَّر تكلفة المشروع الإجمالية بـ164 مليون جنيه، وهو يستهدف 12,772 طفل في عشر محافظات هي الأعلى كثافة من حيث تجمع الأطفال الذين هم بلا مأوى، ويبدو بذلك وكأنه يطال 80 في المئة من حجم الظاهرة وفق الأرقام الرسمية المعلنة.
ويعلن البرنامج أنه ينوي تقديم خدمات الإعاشة والتأهيل لهؤلاء الأطفال، ودمج 60 في المئة منهم في أُسَر أو في دور رعاية اجتماعية بعيداً عن الشارع، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية وزيادة القدرة الاستيعابية لستّ مؤسسات للرعاية الاجتماعية، وتفعيل الوحدات الاجتماعية المتنقلة بتشكيل 17 فريق عمل بالشارع لتقديم خدمات مباشرة للأطفال، ومنها الفحص الطبي والعلاج المجاني لفيروس "سي". كذلك ينوي المشروع إنشاء مرصد لمتابعة الظاهرة وقياس التغيُّرات الحادثة بها.

 

تتسم الآليات التي طرحها برنامج "أطفال بلا مأوى" بالتنوُّع إلا أنها ليست شاملة، حيث أن البرنامج يطرح وسائل للتعامل مع الظاهرة بعد وقوعها، أو كأنها أمر واقع، ولا يحاول منعها من الحدوث

 

وأما ما تمّ إنجازه فعلياً، فتنفيذ عملية رفع كفاءة ستة دور رعاية اجتماعية، تطوير البنية التحتية لأحد دور الرعاية، كذلك توزيع فرق عمل الشارع بالتنسيق مع الجمعيات المحلية والمنظمات الدولية الشريكة من أجل التدريب العملي مع الأطفال في الشارع.

هل يمكن الحدّ من الظاهرة؟

عدم تحديد رقم دقيق ــ أو فعلي ــ لأعداد أطفال الشوارع يحمل على الشك في جهود مواجهة الظاهرة والحدّ منها، على الرغم من الإقرار بصعوبة الحصر الدقيق لأعدادهم. إلا أن وجود فرق شاسع بين الرقم الذي أعلنته وزارة التضامن والأرقام الأخرى المعلنة يجعل من الصعب توقع مواجهة فعلية وفعالة للمشكلة.
وتتسم الآليات التي طرحها برنامج "أطفال بلا مأوى" بالتنوُّع إلا أنها ليست شاملة، حيث أن البرنامج يطرح وسائل للتعامل مع الظاهرة بعد وقوعها، أو كأنها أمر واقع ولا يحاول منعها من الحدوث، أي لا يذهب إلى أصلها ومنبعها، أو حتى الاتجاه إلى تقديم الدعم المالي والنفسي للعائلات الفقيرة أو التي تعاني من مشكلات الاجتماعية وكذلك فمن الهام عدم إغفال البُعد النفسي في مشكلات أطفال الشوارع، خاصةً للمدمنين منهم أو لمن تعرضوا لانتهاكات جسدية أو جنسية..

مقالات من مصر

للكاتب نفسه

المرأة المصرية واعظة بالمسجد

قررت وزارة الأوقاف تعيين 144 امرأة واعظات في المساجد كجزء من "تجديد الخطاب الديني" الذي دعا اليه الرئيس السيسي. المبادرة تبدو شكلية بالنظر للاشتراطات المصاحبة لها ولوجود  110 آلاف مسجد...