المنتَج مصري والثمن بالدولار

اشتراط مصانع الحديد البيع بالدولار، يأتي مخالفًا لقانون البنك المركزي الذي يمنع التعامل بغير الجنيه المصري محليًا. منذ بداية 2022، تواجه مصر أزمة نقص في العملات الأجنبية هي الأسوأ منذ سنوات، بعدما تخارج مستثمرو الأموال الساخنة في أدوات الدين من استثماراتهم في مصر بشكل سريع، ما أفقد الحكومة والبنك المركزي موارد مهمة من العملة الصعبة، وأدى إلى انخفاضات متتالية في قيمة الجنيه المصري.
2024-02-01

شارك

خلال العام الماضي، انتشرت شائعات حول اتجاه شركات سيارات وعقارات لبيع منتجاتها في السوق المصري بالدولار الأمريكي. سرعان ما نفت بعض الشركات تلك الأخبار، وأوضحت أخرى أنها إجراءات اتخذتها لربط تسعير منتجاتها بسعر الدولار، لكن البيع نفسه بالجنيه المصري.

وفيما انتهت الشائعات عند ذلك الحد في تلك القطاعات، لم يتوقف اتجاه السوق المصري نحو ظاهرة «الدولرة»، إذ يعاني أغلب الشركات في مصر من تقلبات سعر الصرف، وصعوبة استيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج، ما أجبر بعضها على الابتعاد تمامًا عن البيع في السوق المصري والتحول للتصدير، أو ربط أسعار منتجاتها بسعر الصرف في السوق الموازية، في ظل عدم قانونية البيع بالدولار. لكن، في الوقت نفسه، حصلت بعض القطاعات الاقتصادية على استثناءات تسمح لها بتجاوز القانون والبيع مباشرة بالدولار.

في يوليو الماضي، فوجئ أحمد، وهو وكيل لكبرى مصانع حديد التسليح، بطلب إدارات البيع في تلك المصانع تحصيل قيمة حصته بالدولار بدلًا من الجنيه، في سابقة هي الأولى من نوعها بالنسبة له، بينما رفضت المصانع تنفيذ طلبات الشراء التي تصل إليها بالجنيه المصري.

اشتراط مصانع الحديد البيع بالدولار، يأتي مخالفًا لقانون البنك المركزي الذي يمنع التعامل بغير الجنيه المصري محليًا. وبحسب القانون، فإن العقوبة على تداول العملات الأجنبية خارج القنوات الشرعية، سواء تجارة العملة أو استخدامها لتداول سلع أخرى، تصل إلى السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات، وبغرامة تساوي المبلغ موضوع الجريمة.

رغم ذلك، قال أحد وكلاء مصانع الحديد لـ«مدى مصر»، اشترط عدم ذكر اسمه، إن شركة «حديد عز» توقفت، بدءًا من يوليو الماضي، عن بيع منتجاتها للوكلاء وتجار الجملة بالجنيه المصري وإحلال الدولار محله، بالتزامن مع تخارج الحكومة من حصتها بالشركة التي بلغت نحو 14%، تبعها بفترة قصيرة شركتا السويس للصلب، وحديد المصريين، التابعتان لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.

سرعان ما حذت شركات القطاع الخاص حذو الشركات الحكومية، وأصبح الدولار هو عملة تعاملات مصانع الحديد مع وكلائهم، الذين يبيعون للجمهور بالجنيه المصري، حتى الآن.

منتصف يوليو الماضي، رفعت الشركات أسعارها، وسعّرت المصانع طن الحديد عند 840 دولار، رغم أن الأسعار العالمية كانت تتراوح بين 605-640 دولار للطن، ما يعني تحصيل ربح مضمون مُقدر بـ250 دولار للطن، بخلاف الربح الناتج عن التصنيع بشكل عام، إذ يبلغ سعر خام الحديد (البليت) نحو 470 دولار للطن في المتوسط، بحسب الوكيل.

«لما قلنا نشتري بالأسعار العالمية بما إننا هندفع دولار، قالولنا عاجبك تشتري ادفع وشيل، ولو مش عاجبك غيرك هيشيل»، أضاف الوكيل.

وبرغم مخالفة ذلك للقانون، كان الدفع يتم في البنوك بشكل رسمي، بحسب ثلاثة وكلاء لمصانع الحديد.

وقالت المصادر إن توجه المصانع للبيع بالدولار جاء بموافقة شفهية من جهات حكومية بالتزامن مع قبول البنوك النقد الأجنبي غير معروف المصدر، دون ذكر تلك الجهات.

استمرت «دولرة» الحديد لمدة أربعة أشهر كاملة، في الفترة بين يوليو وأوائل نوفمبر الماضي. لكن، مع تسرب أخبار البيع بالدولار للإعلام ووصولها لطلبات إحاطة في مجلس النواب، توقفت المصانع فجأة عن طلب الدولار، وعادت للبيع بالجنيه. تزامنًا مع ذلك، قلّ تدريجيًا حجم ما تطرحه المصانع أمام الوكلاء للبيع. «مثلًا إذا كانت الحصة الأسبوعية تصل إلى 500 طن، كان الوكيل يحصل على كمية بين 10 و20% من هذه الحصة على أقصى تقدير، ما لا يتجاوز 100 طن»، يقول أحد وكلاء مصانع الحديد. ومع بداية العام الجاري، أبلغت مصانع عدة الوكلاء والتجار رسميًا بمنع بيع أي منتجات من الحصص الأسبوعية بالجنيه، وأكدوا أن التعامل سيقتصر على الوكلاء الذين سيدفعون ثمن حصصهم بالدولار فقط.

«مع عودة البيع بالدولار مرة أخرى أصبحت المصانع تتيح للوكلاء الحصول على كامل حصصهم الأسبوعية»، بحسب الوكيل.

بقية التحقيق على موقع "مدى مصر".

مقالات من العالم العربي

ميلادٌ آخر بلا عيدٍ

2024-12-26

وجّه الأب "منذر إسحق" رسالة الميلاد من بيت لحم إلى العالم، قائلاً: "احتفالات الميلاد ملغاة. لا وجود لشجرة ميلاد، للأضواء، للاحتفالات في الشارع... من الصعب تصديق أننا نعيش ميلاداً آخر...