من مواقع صديقة: مدى مصر
رغم أن وباء التحرش بالنساء لم يكن أبدًا موضوعًا لشعارات ميدان التحرير في يناير 2011، إلا أن النضال ضده شهد تقدمًا ضخمًا خلال السنوات الستة الأخيرة، في ما يمكن اعتباره أحد الفوائد غير المتوقعة التي نجمت عن الزخم والاتساع المؤقت للفضاء العام المصاحبين للثورة.
نظرًا لغياب الإحصائيات ليس من الممكن تحديد ما إذا كان هناك انخفاض في معدل التحرش الجنسي في السنوات القليلة الماضية، والذي عانت منه أكثر من 99% من نساء مصر بحسب بحث لهيئة الأمم المتحدة للمرأة عام 2013. إلا أن المشتبكين مع القضية يقولون إنه ما من شك أن الدولة والمجتمع قد تجاوزا حالة الإنكار الدائم لحدوثه، مع إبداء المزيد من التعاطف مع الضحايا واتخاذ خطوات -وإن كانت ناقصة- نحو التعامل مع الأمر.
ليس مجرد موضوع يخص نساء الطبقة الوسطى
في السنوات السابقة على الثورة أبدى المجتمع درجة عالية من اللا مبالاة تجاه قضية التحرش الجنسي، بل أن حتى منظمات المجتمع المدني والنشطاء أبدوا ترددًا في دعم زميلاتهم النسويات في طرح القضية.
مزن حسن، المديرة التنفيذية لمؤسسة نظرة للدراسات النسوية، تتذكر ممانعة المجموعات والأحزاب السياسية في مهاجمة التحرش والاعتداءات الجنسية في ذلك الوقت وتقول: «قالوا إن تلك قضية خاصة بنساء الطبقة الوسطى، وأننا ننحاز إليهن ضد العمال الفقراء الذين يمارسون التحرش».
كما تتذكر أنه حين أصدر المركز المصري لحقوق المرأة إحصائيات عن التحرش في عام 2007، تعرض لنقد شديد، حتى من قبل شركاء في المجتمع المدني.
في عام 2005 قامت مجموعة من البلطجية، يعتقد أنها مرتبطة بالنظام، بالاعتداء الجنسي على المتظاهرات والصحفيات أثناء احتجاجهن على التعديلات الدستورية خارج مقر نقابة الصحفيين، في ما عرف بعد ذلك بالأربعاء الأسود. ورغم إدانة مجموعات المعارضة الشديدة للاعتداء إلا أن باقي المجتمع بالكاد انتبه لما حدث.
عادت الاعتداءات الجنسية لتصبح محل اهتمام الوعي الجمعي لفترة وجيزة في العام التالي حين قامت مجموعة من الرجال بالاعتداء الجماعي على النساء في وسط المدينة خلال أيام عيد الأضحى، وتسببت الصدمة الناجمة عن فيديوهات الاعتداءات الوحشية التي نشرها المدونون على الإنترنت في خلق حالة مؤقتة من الغضب تجاه الحدث، غير أن هذا الغضب سرعان ما خفت بعد مقال أو اثنين غاضبين في الجرائد وعدد من البرامج الحوارية.
مع ذلك، حين حدثت الاعتداءات الجنسية وحالات الاغتصاب الجماعية أثناء التظاهرات الضخمة في ميدان التحرير خلال الاضطرابات السياسية التالية لـ 25 يناير -وكان أسوأها تلك التي حدثت في نوفمبر 2012 ويناير 2013- كان رد الفعل المجتمعي أكثر تعاطفًا مع الناجيات.
في ذلك الوقت كانت أنشطة مجموعات مثل «قوة ضد التحرش» شديدة الأهمية، إذ تراوحت بين النزول إلى الميادين في أيام الاحتجاجات، والتدخل لمنع حالات الاغتصاب والاعتداء الجماعي، ومساعدة المجني عليهن في الحصول على الدعم الطبي والقانوني والنفسي، إضافة إلى الوصول إلى الناجيات والتوثيق.
تزامنت الطبيعة الوحشية والصادمة للاعتداءات مع لحظة اتساع في المجال والنشاط العام أدت إلى اشتباك مجتمعي غير مسبوق مع القضية بما في ذلك مناقشات مستفيضة في وسائل الإعلام الرئيسة.