الآن تقف أمام بوابة معاشيق أكثر من 30 امرأة من عدن ولحج، ومجموعة من الناشطات والناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان ومناصريهم من المواطنين الذين يأبون الظلم.. يقف هؤلاء ضد الاختفاء القسري الذي استشرى جنوباً فاتسع مداه ونطاقه ليطال كل الجنوب بلا استثناء. إنهن أمهات وأخوات وزوجات المخفيين قسرا من بعد حرب 2015. استمعت إلى شكاوى الأمهات والأخوات والزوجات وكلّها تقطر مرارة وعذاباً وألماً و حزناً لا نهاية له. طرقن أبواب المسؤولين الجدد في كل من عدن ولحج. ذهبن لمدير أمن عدن وقبلها لمسؤولي الأجهزة الأمنية المتعددة في عدن ولحج، فماذا كانت الإجابة التي تلقّوها؟؟ أبناؤكم ليسوا عندنا أبناؤكم في دبي.. في الإمارات! ما الذي تغيّر عن 1967 "ما بعد استقلال الجنوب"؟؟ ما تغير هو المكان الذي يُقال أن ضحايا الاختفاء القسري ذهبوا إليه! كان الجواب: هرب الى الشمال! الآن لا شمال يهرب إليه من قاتلوا ضد الشمال ومع الشرعية وتحالفها.. فكانت دبي الإمارات بدلا عن الشمال.. لكن بماذا ردّ مدير أمن عدن حين سألن عن أبنائهن المختفين قسريا؟! أجابهن أنّهن لم يحسنّ تربية أولادهن، وأنهن إن كرّرن إزعاجه فسيأمر بسجنهنّ! نفس الرد هذا تماما تلقاه ذوو ضحايا الاختفاء القسري حين طالبوا بذويهم في فترة ما بعد الاستقلال إلى نهاية الثمانينات من القرن الفائت.. وتغير أيضاً الضحايا، واستلم جيل الأبناء الراية من جيل الاباء.. ذهبن أيضاً إلى سجن التحالف في عدن للسؤال عن مصير المختفين قسراً ولم يُسمح لهن ليس بالسؤال بل بالاقتراب من المعسكر. سمعت روايات أسر ضحايا الاختفاء القسري حين سجّلتها ووثقتها وعشت معاناتهم والآمهم منذ 1994 من القرن االماضي إلى أيار/مايو 2007 حين نشرنا بعض قصص الضحايا المغمسة بالقهر والعذاب والمعاناة والحزن والوجع في صحيفة النداء. واليوم استمع لمعاناة النسوة وعذاباتهن، وحدها دموعهن كانت تسابق كلماتهن وهنّ يحكين عن صنوف العذاب الذي تعرّض ويتعرض له أبناؤهن وإخوانهن وأزواجهن، وكانت الزفرات الحرّى فواصل ونقاط في حديث شاق كعذابهن.. إنهن امام بوابة معاشيق في وقفتهن الاحتجاجية رافعات شعارات تطالب بسقوط مدير أمن عدن والتحالف وتندد بجريمة الاختفاء القسري. هنّ منتظرات أحداً من طرف الشرعية أن يطلّ من البوابة ليستمع إلى معاناتهن ويرفع عنهن الظلم..
من صفحة Fahmi Al-Sakkaff (عن فايسبوك)