"يا للعار!"

"يا حكّام العار والطين، أطفال غزّة جعانين.. يا حكّام العار والطين، أطفال غزّة عطشانين، أطفال غزّة بردانين.." من أصواتَ وقفة يوم الاثنين في 15 كانون الثاني / ينايرعلى درج نقابة الصحافيين في القاهرة التي كسرت الهدوء وتجرأت على إعادة الهتافات إلى الفضاء العلني، فهتف المجتمعون "مئة يوم من الإبادة! مئة يوم من الخيانة!".
2024-01-18

شارك
من وقفة الصحافيين التضامية على درج نقابة الصحفيين في القاهرة (وكالة الأناضول)

بعد المحاولة اليتيمة للنزول إلى ميدان التحرير في الأسابيع الأولى التي تلت بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، وبعد اعتقال عشرات المتظاهرين السلميين يومها في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عزّت المظاهرات المناصرة لغزة في مصر. اقتصرت التجمعات على بضعة وقفات تضامنية في نقابة الصحافيين، وخلت الطرقات من الهتافات والهاتفين.

انتشر فيديو منذ أيام لسيدة مصرية في شوارع القاهرة تحمل علم فلسطين وتتشّح بالكوفية الفلسطينية، تقف وحيدة تماماً في منتصف الطريق، وتصرخ "يا رجّالة يا مصريين، فين النخوة وفين الدين؟!"، "بسمع أمّ شهيد بتنادي.. مين حيجبلي حقّ وْلادي؟"

تغلي كثير من النفوس في مصر بصمتٍ، لكن أصواتَ وقفة يوم الاثنين في 15 كانون الثاني / ينايرعلى درج نقابة الصحافيين في القاهرة كسرت الهدوء وتجرأت على إعادة الهتافات إلى الفضاء العلني، فهتف المجتمعون بأعلى الصوت "مئة يوم من الإبادة! مئة يوم من الخيانة!".

"اللي بيحصل دَه إبادة! مصر دولة وليها سيادة!"، قالوا، وأضافوا مطالِبين بحرية المعتقلين بتهمة التظاهر في ميدان التحرير نصرةً لغزة: "التضامن مش إرهاب... خرِّجوا كلّ الشباب!"

"يا حكّام العار والطين، أطفال غزّة جعانين..
يا حكّام العار والطين، أطفال غزّة عطشانين، أطفال غزّة بردانين.."

وظلّت كلمة "العار" تجوب الألسنة مع كل هتاف.. "عَملوها أحفاد مانديللا.. وإحنا بعار وبخوف ومذلّة"، صرخت المحامية ماهينور المصري، وردد الجميع "يا للعار ويا للعار.. مصر مشاركة في الحصار!".. وخرج الناشط والكاتب المصري أحمد دومة هاتفاً بشجاعة "معْبر بيننا وبين أهالينا، والصهيوني متحكّم فينا.. طول ما الدمّ العربي رخيص، يسقط يسقط أيّ رئيس"... وأحمد دومة وماهينور المصري، اللذان كانا معتقلين لعدة مرات ولسنين في سجون االسلطة بعد 2011 (دومة خرج من السجن في آب/ أغسطس 2023، بعد 10 سنوات من الحبس!)، يعرفان تماماً العواقب المحتملة للهتاف، كما جميع من شاركوا ويشاركون في أية تحركات أو حتى في كتابة المقالات أو إبداء الرفض على السوشال ميديا. لكنّهم يعون تماماً أن ثمن الصمت أعلى وأفظع بأشواط، وأن لا خلاص للأفراد والمجتمعات على حساب الجماعة الأكبر، وعلى حساب غزّة وأهلها.

وبحسب موقع "مدى مصر"، شنّ إعلام السلطة حملة لتخوين الناشطين الهاتفين والتحريض عليهم عقب الوقفة، شارك فيها إعلاميون مقربون من السلطة "على ما اعتبروه "سباً" للبلاد، وتبنياً للزعم الإسرائيلي بمسؤولية مصر عن غلق معبر رفح، والتضييق على إدخال المساعدات إلى قطاع غزة"، وخرجت أصوات تطالب بعقابهم على جريمة (!) تحميل الدولة المسؤولية ومساءلة سيادتها، ناسين تماماً ما قاله المعتقلون السياسيون دوماً: "عمر السجن ما غيّر فكرة!"...

وفي الأثناء، ما يزال معبر رفح مغلقاً على أكثر من مليوني منكوب، وأكثر من 7 آلاف جريح، لا أمل لهم بالتعافي من دون الوصول إلى الأمان والطبابة والرعاية. ما يزال المعبر يخنق أهل غزة، كأن إبادتهم التي جاوزت مئويّتها اليومية ليست كافية! 

مقالات من مصر