مقترح قانون الحضانة المصري

انتهت اللجنة التشريعية في البرلمان المصري إلى رفض التعديلات على قانون الحضانة التي اقترحتها النائبة سهير الحادي مما يمكن اعتباره طوياً لهذا المقترح السيء
2017-01-03

شيماء حمدي

كاتبة صحافية من مصر


شارك
عاطف معطا الله - تونس

انتهت اللجنة التشريعية في البرلمان المصري إلى رفض التعديلات على قانون الحضانة التي اقترحتها النائبة سهير الحادي مما يمكن اعتباره طوياً لهذا المقترح السيء. فيما يلي عرض للمشروع:

 

نضال منظمات نسويّة عديدة لمناهضة التمييز ضد المرأة، ومنها "المجلس القومي للمرأة"، وهو هيئة رسمية، لم يحل دون تقديم مقترح تعديل قانون الحضانة، الذي تقدمت به النائبة في مجلس النواب سهير الحادي، عضو "تحالف دعم مصر" بموافقة نحو 60 من أعضاء مجلس النواب، وهو أثار بلبلة وغضب لدى الرأي العام والوسط الحقوقي بالأخص.
الحقوقيون أكدوا على مخالفة تلك التعديلات لعدد من نصوص الدستور، بالإضافة لإهانة مكانة الأم في المجتمع المصري. ينص المقترح على تعديل المادة 20 من قانون الأحوال الشخصية المتعلقة برؤية الطرف غير الحاضن لأبنائه، وتحويلها إلى "استضافة"، وكذلك سحب الحضانة عن الأم في حال زواجها ونقلها إلى الأب بعد أن يلتزم بتوفير من يقوم على رعاية الابن، سواء أكانت زوجته أو أي امرأة من العائلة.

 

مخالف لنصوص الدستور

 

أكدت انتصار السعيد، عضو مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان على أن هذه التعديلات، بالإضافة لإهانة مكانة الأم، فهي بإسقاط الحضانة عن الأم بمجرد زواجها، بمقابل إعطاء الحق للأب بالحضانة في حال زواجه، تعامل المرأة وكأنها مخلوق درجة ثانية، وهي مخالفة للمادة 11 من الدستور المصري المناهض لكافة أشكال التمييز ضد النساء: "من المفترض أن حق الحضانة قانوناً يأخذ المصلحة الفضلى للطفل بالاعتبار، وفي العادة تكون المصلحة الفضلى للطفل مع الأم أو الجدة أو الخالة"، وأشارت إلى أن تلك التعديلات تمّ تقديمها للبرلمان دون الرجوع للمجلس القومي للمرأة، وهذا يعد مخالفة أخرى للمادة 214 من الدستور المصري. وقالت إنّ بعض الأنباء ترددت مرة أخرى عن تراجع النائبة سهير الحادي عن إسقاط الحضانة عن الأم في حالة زواجها، لكن مازالت المقترحات تناقش داخل البرلمان المصري.
تعديل الاستضافة دون آليات
قالت إلهام عيداروس الاستشارية لمدرسة الكادر السياسي للنساء، أن بعض المواطنين مثل النائبة التي تقدمت بتلك التعديلات، لم ترَ التقدم الملحوظ لدور المرأة في المجتمع، التي أصبحت تعمل مثل الرجل تماما ولم يعد دورها يقتصر على تربية الأولاد. وأن قوانين الأحوال الشخصية محكومة بالمنظور الأبوي الديني، حيث تفترض أن "الرعاية" هي دور النساء و"الإعالة" هي دور الرجال، على الرغم من تزايد أعداد النساء المعيلات أو العاملات.. وأنه من منظور المصلحة الفضلى للطفل، فالحضانة ليست حقاً للأم أو للأب وإنما هي حق الطفل في أن يحصل على الرعاية السليمة بعد وقوع الطلاق. وأنّ التعديلات التي تقدمت بها النائبة فيما يخص الاستضافة بدلا من الرؤية، جيدة، ولكن تنقصها الضوابط والآليات، وكذلك كيفية التطبيق دون أن يقوم بعض الآباء بخطف أولادهم وحرمان الأم من الرؤية انتقاماً منها.

واختتمت عيداروس كلامها قائلة "شخصيا ليس لدي ما يمنع أن يكون ترتيب الحضانة الأم ثم الأب قبل الجدات والخالات والعمات، لأن الأم والأب أقرب للطفل، لكن بشرط تساوي المعايير بين النساء والرجال وبشرط وجود ضمانات وإشراف على المعاملة، لأن الثابت في الواقع الفعلي أن نسبة أكبر من الآباء بعد الطلاق تستخدم موضوع حضانة الأطفال والولاية عليهم للتنكيل بالأم.

 

أطفال مشوّهون نفسياً

 

قالت الطبيبة النفسية سالي توما إنّ تعديلات قانون الحضانة الجديدة له أثار نفسية بالغة الخطورة، سواء على الأمهات أو الأبناء ، فهي تحول الأم إلى آلة لتربية أطفالها فقط، وبالتالي تجبر بعض السيدات اللواتي تتعرضن للتعذيب النفسي والبدني على يد أزواجهن على تحمل هذا في مقابل عدم الطلاق خوفاً من إسقاط الحضانة عنهن. هذا بالإضافة إلى الآثار النفسية التي ستنعكس على الأطفال الذين ستربيهم زوجة الأب بعيداً عن الأم وأن هناك خطر أن يزيد من عدد الأطفال الهاربين من منازلهم.
وأكدت أن هناك في الطب النفسي الخاص بالأطفال ما يسمى بخوف الانفصال الملازم للطفل حتى عامه الرابع على الأقل، لذا نرى الأطفال يبكون في حالة بُعد الأم عنهم لساعات لاعتقادهم بأنها لن تعود. وتطبيق هذه التعديلات ستخلق تشوهات نفسية لدى الأطفال مثل الكذب والعنف والتبول اللا إرادي ورفض المجتمع.. وأن مصلحة الطفل تكون في حضانته لمن يكون أكثر حناناً ورعاية، ما يرجح كفة الأم.

 

المنظور الأبوي

 

قال الكاتب الصحافي والقيادي اليساري تامر وجيه إنّ الافتراض الكامن وراء مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية بنقل حضانة الأطفال من الأم إلى الأب إذا ما تزوجت الأم  برجل آخر، حتى لو كان الأب متزوجاً بأخرى، هو أنّ الأولاد ينتمون إلى الأب وليس إلى الأمّ. وأنّ الأم تكون حاضنتهم لأنهم يحتاجون إليها في سن الطفولة، يحتاجون إلى الرضاعة والطبخ والغسيل.. لكن هذا لا يعني أبداً أنهم ينتمون إلى الأم: هي حاضنتهم ولكنها ليست عصبهم، بل هي تحتضنهم كخدمة لعصبهم، أي لأبيهم. لكن في حال تزوجت، فهي في هذه الحالة تصبح تابعة لرجل آخر، في حين أنّه إذا تزوج الرجل، فهو يكون رب الأسرة وتتبعه المرأة التي يتزوجها. ولذا فبمدّ هذا المنطق يكون الأمر هو أن الأسرة ذات الحق في احتضان الأطفال هي أسرة العصب، أي الأب. والمقترح الجديد هو تطبيق عملي إضافي للمفهوم البطريركي (الأبوي) للأسرة السائد في حياتنا وقوانيننا، فالأسرة البطريركية هي أسرة رب العائلة الذكر، والأولاد ينتمون إليه، والأم تكون حاضنة وليست ولية، بدليل أن هناك  قواعد تقول إن نقل الأبناء من مدرسة إلى مدرسة يقتضي قراراً من الأب وليس الأم حتى لو كانت الأم هي الحاضنة.. وأن هذا المفهوم منغرس في وعي البشر منذ آلاف السنين. وفي العصر الحديث – وعلى الرغم من كل التغييرات في المجتمع - أعيد إنتاجه كوجه من وجوه اضطهاد المرأة. لكن من ناحية أخرى، فالمجتمع الحديث يخلق ظروفاً تؤدي إلى تآكل هذا المفهوم. تفكيك المفهوي الأبوي في جانب منه هو عمل فكري، وفي جانب آخر هو نشاط عملي نضالي، والحل أن تضمن الدولة أن العبء الاقتصادي أي مصاريف معيشة للأطفال يكون خارج الحسبة، سواء من خلال نفقة الأب، أو من خلال دعم من الدولة،  بما يجعل العامل الاقتصادي ليس مؤثراً على قرار الأم الفقيرة بالاحتفاظ بحضانتهم.

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

للكاتب نفسه